بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

7 مارس 2024 /شبكة الصين/ انطلقت اجتماعات أهم حدث سياسي في الصين والذي يتمثل في "الدورتين السنويتين" لعام 2024، هذا العام الذي يصادف الذكرى الـ75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. وقد افتتح المجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية بالصين، دورته الثانية في الخامس من مارس في قاعة الشعب الكبرى ببكين، وقد حضر الجلسة الافتتاحية شي جين بينغ ومجموعة من القادة الصينيين الآخرين. وخلال هذه الجلسة، قدم لي تشيانغ، رئيس مجلس الدولة، تقرير عمل الحكومة في قاعة الشعب الكبرى ببكين، ويقوم المشرعون بمراجعة تقرير عمل الحكومة، هذا التقرير الذي يركز على تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية لعام 2023، ويقدم مسودة خطة الحكومة لعام 2024 بالإضافة إلى مسودة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية لهذا العام. كما يقوم المشرعون أيضا بمراجعة التقرير حول تنفيذ الميزانيات المركزية والمحلية للعام الماضي وأيضا مسودة الميزانيات المركزية والمحلية لهذا العام.

وقد عرض التقرير أهم إنجازات الصين في عام 2023 وخاصة منها الاقتصادية، حيث حققت الصين ارتفاعا في إجمالي الناتج المحلي إلى 126 تريليون يوان أي بمعدل سنوي قدره 5.2%، كما تم توفير فرص عمل جديدة لصالح 12.44 مليون شخص في مختلف المدن، وارتفع مؤشر أسعار المستهلك الصيني بمعدل 0.2% ونجحت الصين في تحقيق نسبة أكثر من 60% من الإجمالي العالمي في إنتاج ومبيعات مركبات الطاقة الجديدة مع تحقيق رقم قياسي جديد في إنتاج الحبوب الغذائية بإجمالي 700 مليون طن، وبلغ الاستثمار المباشر الخارجي غير المالي للصين 130.13 مليار دولار، كما حققت البلاد العديد من الإنجازات الهامة الأخرى التي شملت مختلف القطاعات والتي تم عرضها أيضا في تقرير الحكومة.

وأعلن رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ في تقرير عمل الحكومة عن الأهداف التنموية الرئيسية والمتوقعة لهذا العام، ومن أهمها أن الصين تسعى إلى بلوغ نسبة 5% للناتج المحلي الإجمالي وخلق المزيد من الوظائف الجديدة في مختلف المناطق الصينية، كما ستواصل البلاد تنفيذ سياسة مالية استباقية وسياسة نقدية خلال السنوات القادمة، وستصدر الصين 3.9 تريليون يوان من السندات ذات الأغراض الخاصة للحكومات المحلية في عام 2024، بزيادة 100 مليار يوان عن العام السابق بالإضافة إلى التشجيع المستمر للاستثمار، ليحدد التقرير ميزانية الحكومة المركزية للاستثمار بحوالي 700 مليار يوان.

إن ما يميز تقرير الحكومة الصينية لهذا العام كونه يركز أكثر على دعم الجودة العالية وذلك من خلال اقتراح "إطلاق مبادرة الذكاء الاصطناعي بلس" وتعزيز الأبحاث المتعلقة بالتقنيات الرائدة وتحقيق الانفتاح والتعاون الخارجي بمعايير أعلى، وتهدف الصين أيضا إلى تعزيز مجال الابتكار وتكوين المزيد من العلماء وفرق الابتكار من الدرجة الأولى. وكل ذلك يتماشى مع خطة الصين الحالية المتمثلة في إقامة "دولة اشتراكية حديثة" تتميز بالقوة الإنتاجية العالية الجودة، حيث تخدم هذه الجودة مصلحة الدولة والشعب وتزيد من ثقة الدول الأخرى في الصين وتسهل التعاون في مجالات متقدمة مع مختلف الجهات والدول. كما تسعى الصين أيضا إلى تعزيز التعاون الإقليمي، حيث أكد التقرير الحكومي على أهمية "العمل على الانضمام إلى الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ"، حيث ترحب الصين بأي اتفاقية تجارية إقليمية مفتوحة وشاملة وتعمل على تعزيز الشراكة المتبادلة لجميع الأطراف، وتؤمن بأن مثل هذه الاتفاقيات تعزز التجارة العالمية وتزيد من تحرر الاستثمار وتسهيله وتحقيق نتائج مربحة لمختلف الجهات، وخاصة أن الصين هي أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم كما أنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لذلك فإن العمل في كنف مثل هذه الاتفاقية سيزيد من التعاون المربح للصين ولبقية الدول الأخرى.

ركز تقرير عمل الحكومة أيضا على الجوانب السياسية وخاصة على مبدأ "الصين الواحدة"، حيث أكد التقرير على أن الصين تعارض التدخلات الخارجية وتدحض أي توجه تحت مسمى "استقلال تايوان"، وتركز البلاد على مبدأ الاحترام المتبادل في تعاونها مع جميع الدول ودعم الإنصاف والعدالة الدوليين، وهو ما يبرز سياسة الصين محليا وعالميا. وقد أكدت الصين في تقرير الحكومة سعيها إلى تحقيق المزيد من الاختراقات العلمية والنجاحات الاقتصادية مع الحفاظ على أمنها الداخلي ودعم علاقاتها الدولية وتعزيز ثقة وقوة بناء الدولة والنهوض الشامل بالأمة الصينية، وكل ذلك يجعل من هذا التقرير أساسا واضحا ومتكاملا للتوجه الاقتصادي والسياسي الصيني خلال هذا العام.