27 يونيو 2022 / شبكة الصين / بمناسبة الذكرى الخمسين لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الصين واليابان، يجري في الآونة الأخيرة بالعاصمة اليابانية طوكيو بروفة مكثفة لمسرحية جديدة بعنوان "حكايات رحلة إلى الغرب"، والتي من المبرمج أن تعرض أمام الجمهور على ركح مسرح نوه الوطني الياباني في نوفمبر المقبل.

ومسرحية "حكايات رحلة إلى الغرب" هي من إنتاج جمعية تعزيز الفن والثقافة الآسيوية لمؤسسها وانغ ون تشيانغ. وهو فنان من فرقة أوبرا آنهوي. وقد درس أوبرا هوانغماي لمقاطعة آنهوي منذ نعومة أظفاره. كما برع في فن تغيير الوجه، ويعرف أيضا بفن أقنعة الوجوه، في أوبرا سيتشوان والذي تعلمه من الفنان الكبير ماو تينغ تشينغ. وإثر حصوله على شهادة الإخراج الدرامي في أكاديمية الأوبرا الصينية في عام 2014، اختار وانغ مواصلة الدراسة للحصول على درجة الماجستير في فن المسرح الياباني. ومنذ ذلك الحين كرس نفسه لنشر ثقافة الأوبرا الصينية.

إنشاء منصة للتبادل الثقافي

وخلال دراسته في اليابان، لم يقم وانغ ون تشيانغ بتقديم وشرح أوبرا هوانغمي وفن تغيير الوجه للمدرسين والطلاب اليابانيين فحسب، بل شارك أيضًا في عدد كبير من أنشطة التبادل الثقافي بتنظيم من السفارة الصينية في اليابان وجمعية الصداقة اليابانية الصينية ونادي الصداقة اليابانية الصينية. وهو ما ساهم في نشر سحر الأوبرا والثقافة الصينية في صفوف الجمهور الياباني. وأدرك وانغ ون تشيانغ من خلال أنشطة التبادل الثقافي هذه أن الشعب الياباني يجهل الكثير عن الأوبرا الصينية التقليدية. ولاحظ أن القليل فقط من الشعب الياباني يعلم مثلا بأن في الصين، غير أوبرا بكين، 348 أوبرا محلية أخرى بتاريخها العريق وأشكالها المتنوعة. وحتى لو اهتم بعض الجمهور الياباني بالأوبرا الصينية بعد مشاهدة العروض التي قدمها وانغ، فلن يجدوا قناة أو منصة مناسبة لمتابعة الأوبرا الصينية. وهو الأمر الذي دعاه إلى التفكير العميق في مبادرة لتعزيز التبادل الثقافي.

فأسس وانغ ون تشيانغ في عام 2018 جمعية تعزيز الفن والثقافة الآسيوية في اليابان. وتنشط الجمعية في برمجة العروض المسرحية وتنظيم مختلف الأحداث الثقافية. كما اتخذت الجمعية الترويج لثقافة الأوبرا الصينية وتعزيز التبادلات الثقافية الصينية اليابانية على رأس أولوياتها وأهدافها. وقام وانغ بتنظيم ودعوة العديد من المجموعات الفنية الصينية إلى اليابان للمشاركة في الأنشطة الفنية. كما نفذ بعض مشاريع التبادل الثقافي للشباب الصيني والياباني.

الإبداع المشترك يعزز التبادل الثقافي

ويعتقد وانغ أن التبادل الثقافي هو تبادل بين الفاعلين الثقافيين في المقام الأول. كما يرى أنه إذا تمكن الفنانون الصينيون من العمل مع نظرائهم اليابانيين في الإبداعات المشتركة لتتشابك وتندمج الثقافتان خلال الإبداع الفني، فسيكون لذلك أكثر فائدة للتواصل الثقافي بعيد المدى. لذا نظم وانغ عروضا مع فنانين يابانيين وقام بدمج عناصر الأوبرا الصينية وفن تغيير الوجه في العروض والمسرحيات الحديثة.

وفي عام 2019، أخرجت جمعية تعزيز الفن والثقافة الآسيوية للنور أول مسرحية تحت عنوان "راشومون" بالتعاون مع الجانب الياباني. حيث علّم وانغ ون تشيانغ الراقصين اليابانيين حركات الأداء المسرحي الصينية مثل ركوب الخيل والقتال في الأوبرا الصينية. وقد حظي العرض بإعجاب كبير من الجمهور. كما تم دمج عناصر الأوبرا الصينية التقليدية أيضا في مسرحية "حكايات رحلة إلى الغرب" والتي يجرى حاليا التدرب عليها.

وانغ يشرح ثقافة الأوبرا الصينية في مدرسة يابانية

ترويج فن تغيير الوجه الأصيل

يحب الكثير من اليابانيين فن تغيير الوجه لما يتمتع به من ثراء ومن سحر فني غامض. ومع تطور شبكة الأنترنت، أصبح بإمكان العديد من الأجانب في السنوات الأخيرة اقتناء الملابس والأدوات وأقنعة الوجه من المواقع الالكترونية وتعلم هذا الفن من خلال متابعة الفيديوهات. لكن هذه الطريقة أبعد من أن تكون كافية لتعلم الأسلوب الصحيح الأصيل لهذا الفن. وبصفته ممثلًا محترفًا ووريثا لفن تغيير الوجه، يشعر وانغ ون تشيانغ بقلق شديد إزاء هذا الوضع ويصعب عليه قبول فكرة تطور فن تغيير الوجه الصيني بهذه الطريقة في الدول الأجنبية. وقال: "يمكن تصور جودة العروض بدون تدريب وتوجيه محترف. وذلك سيقلل بشكل كبير من تذوق الجمهور الياباني لهذا الفن".

وتعرف وانغ في ظل هذا الوضع على مراهق ياباني كان قد تعلم شيئا عن فن تغيير الوجه وعبّر في أكثر من مناسبة عن رغبته الكبيرة في التتلمذ على يد وانغ لتعلم هذا الفن على أصوله. تردد وانغ ون تشيانغ كثيرا بادئ الأمر. لكنه قرر في الأخير تعليم هذا المتدرب الأجنبي وطلب منه البدء في التدريبات الأساسية. وقال وانغ إنه يريد أن يشعر التلاميذ والجماهير اليابانيين بالسحر الحقيقي لفن تغيير الوجه من خلال التدريب الأساسي التقليدي المحترف.

ويخطط وانغ ون تشيانغ في المستقبل لإنشاء مركز أبحاث فن تغيير الوجه الصيني في اليابان، وذلك بهدف تقديم ونشر هذا الفن وتحسين فهم الشعب الياباني له. ويأمل وانغ أن يقدِّر الجمهور الياباني هذا الفن بمثل تقديرهم للفنون اليابانية التقليدية مثل الرقص الياباني وفن الكابوكي.

وانغ ينظيم الشباب الصينيين للمشاركة في أنشطة التبادل في اليابان

التعريف بثقافة الأوبرا الصينية بشكل معمق

أدرك وانغ أن العرض لوحده يؤدي لترفيه الجمهور فحسب. لذلك يحرص غالبا على تقديم شرح مفصل للخلفية الثقافية ومحتوى القصة ومعاني الحركات للجمهور الياباني قبل الأداء وبعده، بحيث يمكنهم الحصول على فهم أفضل للأوبرا الصينية.

وذكر وانغ أنه تعاون مع المركز الثقافي الصيني في عام 2018 لدعوة فرقة أوبرا هوانغمي من مدينة آنتشينغ بمقاطعة آنهوي لتقديم عروض في اليابان. وحظيت هذه العروض التي استمرت أسبوعا كاملا بإقبال جماهيري منقطع النظير. وحرص وانغ خلال هذه العروض على التفسير والشرح للجمهور الياباني. وكان من بين الحضور مشاهد ياباني يحمل معه قاموسا لفهم تفسيرات وانغ وهو ما أثلج صدر الأخير وشجعه على بذل المزيد.

وأضاف وانغ ون تشيانغ أيضًا أثناء شروحاته بعض مقاطع الفيديو التي تعرض التطور الحالي للصين. وقد أثار ذلك أيضًا اهتمام الجماهير اليابانية. وكان بعض المشاهدين الذين زاروا الصين قبل سنوات مندهشين أكثر من غيرهم من التغيرات التي حدثت بها، معبرين عن أملهم في زيارة الصين مرة أخرى.