بقلم ون سه

خبيرة في السياسة الدولية

21 ديسمبر 2021 / شبكة الصين / انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية منذ عشرين سنة، حيث وقّعت على بروتوكول الانضمام إلى المنظمة في 11 نوفمبر 2001، ودخل هذا البروتوكول حيز التنفيذ اعتبارا من 11 ديسمبر من نفس العام، لتصبح الصين في ذلك الوقت العضو الـ 143 في منظمة التجارة الدولية بصفة رسمية. وقد سعت الصين خلال عقدين من الزمن إلى المزيد من الانفتاح العالمي وتعزيز التبادلات الخارجية بالاعتماد على لوائح وقوانين منظمة التجارة العالمية، وهو ما ضخّ زخما تنمويا للعالم. فبعد أن كانت الصين دولة "مستبعدة" على المحافل والمنظمات الدولية، أصبحت عضوا فاعلا على كل المستويات، وذلك من خلال سياساتها طويلة المدى والتي ساهمت في تطوير المجتمع والاقتصاد الصيني والعالمي. يمكن اعتبار فترة تسعينات القرن الماضي نقطة مهمة في مسار التاريخ الاقتصادي العالمي وأيضا الصيني، فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تمركز نظام "القطب الواحد"، في حين أن الصين توجهت في تلك الفترة إلى تعزيز الحوار مع الدول، من أجل البحث عن كيفية تحقيق تنمية اقتصادية وانضمامها إلى النظام الاقتصادي العالمي، وهو ما يخدم مصالح الصين في حد ذاتها وأيضا المصالح العالمية من خلال التبادل والتعاون مع كبرى الأسواق العالمية.

منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، ظهرت نقاط بارزة في مسيرة التعاون الصيني مع بقية الدول، وذلك من خلال اتباع مسار صحي وثنائي لتطبيق "التعاون والفوز المشترك"، حيث عادت العولمة على الصين بالنفع كما أصبحت الصين عضوا مهما وفاعلا في النظام التجاري العالمي من خلال بناء طريق التجارة متعددة الأطراف بعيدا عن الحمائية وحروب المنافسة. وبعد أن كانت السلع الصينية تمثل البضائع "الرخيصة" في الأسواق العالمية، أصبحت شيئا فشيئا علامة للجودة والتقاني والتي تروِّج في مختلف الدول صورة "صُنع في الصين" بكل فخر واعتزاز. لقد لعبت الصين دورا مهما في توفير مستلزمات المجتمعات والدول من البضائع الاستهلاكية لتتطور تجارة السلع الصينية من المرتبة السادسة إلى الأولى عالميا، كما أصبحت الصين ثاني أكبر مستورد في العالم، وثاني أكبر دولة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ونفس المرتبة لتجارة الخدمات. عملت الصين على تطوير تجارتها العالمية وذلك بالتوازي مع تطوير جودة سلعها وخدماتها، وتحتل مراتب الصدارة خلال السنوات الأخيرة في مختلف أنواع التعاون التجاري، حيث توسع اجمالي الواردات والصادرات الصينية بنسبة 22.7 بالمائة على أساس سنوي ليبلغ 28.33 تريليون يوان (حوالي 4.38 تريليون دولار أمريكي) خلال الثلاثة أرباع الأولى من عام 2021.

لم تلعب الصين دور القاطرة الاقتصادية أحادية الجانب، بل سعت من خلال منصات وسياسات متعددة إلى فتح "ذراعيها" للتعاون الدولي ولاستقطاب الاستثمار والتعاون الأجنبي إلى داخل الصين،عن طريق مبادرات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، منتدى التعاون الصيني-الافريقي ومنتدى التعاون الصيني-العربي ومبادرة "الحزام والطريق"، بالإضافة إلى تقديم حوافز كبيرة لاستقطاب الاستثمارات الخارجية والمضي قدما من أجل إقامة مناطق تجارية حرة مع مختلف الدول، وتخصيص مؤتمرات سنوية للحكومة والحزب لتحديد مسار الدولة الاقتصادي وأهم الإنجازات والخطط المستقبلية مثل مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي. إن ما يميز الصين عن بقية الدول من ناحية التعاون الاقتصادي، كونها تسعى إلى تطوير صادراتها إلى الخارج، ولكن في نفس الوقت تعمل على فتح أبوابها أمام كل العالم، وهو ما يضطلع به معرض الصين الدولي للاستيراد في شانغهاي من دور بنّاء من أجل إقامة منصة دولية تُعتبر الأولى من نوعها في العالم، حيث إن هذا المعرض هو بمثابة وجهة مهمة لكبار التجار والمستثمرين من مختلف دول العالم، كما يلعب دورا مهما في تعزيز سلاسل التوريد والتعاون الدولي.

لقد لعب انضمام الصين إلى منظمة التجارة الدولية دورا مهما عالميا في دفع وتطوير قطاع التجارة متعدد الأطراف وفي نفس الوقت ظهرت الصين في العديد من المرات بصورة النقطة "المضيئة" وسط الأزمات الاقتصادية، كانت أولها خلال الأزمة الاقتصادية لعام 2008 وأيضا أزمة جائحة كوفيد-19 والتي تُعتبر الأكثر وقعا على المسار الاقتصادي العالمي الحديث، حيث برهنت الصين خلال هذه الجائحة جدّيتها في تقديم المساعدة لمختلف الدول والمنظمات، وأظهر الاقتصاد الصيني مرونة كبيرة خلال الأزمة بفضل سياسات البلاد التي سجلت النمو الإيجابي الوحيد في العالم خلال تفشي الوباء.