بقلم ون سه *

8 نوفمبر 2021 / شبكة الصين / تحتضن الصين منذ الخامس من نوفمبر الجاري، أحد أهم المعارض على الصعيد الدولي، ألا وهو معرض الصين الدولي للاستيراد في شانغهاي، والذي يحظى بمكانة خاصة من قبل كل التجار والمستثمرين من مختلف الدول، حيث يُعتبر هذا المعرض منصة مهمة لتعزيز سلاسل التوريد والتعاون التجاري في العالم. جلب اهتمام المعرض في نسخته الرابعة هذا العام حوالي 3000 شركة من 127 دولة ومنطقة مشاركة، وهو ما جعل إدارة المعرض تتأهب مسبقا لهذا الحجم من المشاركة من خلال توسيع مساحته من 270 ألف متر مربع في الدورة الأولى في 2018 إلى 366 ألف متر مربع في عام 2021، كما تبلغ مساحة المنتجات الاستهلاكية في هذه الدورة أكثر من 90 ألف متر مربع، كما يشارك في المعرض عدد كبير من بين شركات "فورتشن 500" والشركات العملاقة العالمية، حيث جذب المعرض في الدورات السابقة أهم الشركات العالمية الكبرى والتي ترى في المعرض فرصة لتعزيز التعاون والدخول إلى السوق الصينية والتي تعتبر ثاني أكبر دولة مستوردة في العالم للعام الـ11 على التوالي، وهو ما يحفز التعاون في ظل أكبر الأزمات الاقتصادية الدولية إثر أزمة كوفيد-19. 

استقطب المعرض هذا العام المزيد من المنتجات والتقنيات والخدمات المتقدمة، وعددا أكبر من العارضين من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تمثل منتوجات مختلفة لدولها بزيادة بنسبة 30% عن الدورة السابقة، حيث تشهد الدورة الرابعة للمعرض هذا العام تنوعا أكبر في المنتوجات المعروضة وتوسيعا في ساحة العارضين، ليُصبح المعرض "صورة موحدة للمنتوجات العالمية" في مختلف القطاعات، فعلى سبيل المثال يجتمع لأول مرة أكبر خمسة تجار حبوب في العالم، وانضمت إلى المعرض أكبر 10 شركات مجموعات سيارات في العالم بأحدث المنتوجات المتقدمة التي تخدم حماية البيئة وأيضا أكبر 10 شركات طبية في العالم. هذا بالإضافة إلى عرض ولأول مرة مستحضرات التجميل والمواد الكيمائية اليومية، كما يجمع المعرض بين منتوجات الدول المتقدمة والدول النامية على حد سوى، فالصين رغم أنها أعجبت العالم بمنتوجاتها المختلفة، إلا أنها في نفس الوقت هي من أهم الأسواق الواعدة في العالم، وهو ما يجعل هذا المعرض يساهم في دفع تعافي الاقتصاد العالمي.

يُعتبر معرض الصين الدولي للاستيراد أول وأهم معرض مخصص للاستيراد في العالم، حيث عهدت مختلف الدول إقامة معارض لدعم صادراتها، لكن ما تميزت به الصين من خلال هذا المعرض هو منح الفرصة لمختلف الشركاء في العالم لتعزيز دخولها السوق الصينية، ووفرت الصين من خلال هذا المعرض ساحة عالمية تتميز بروح التعاون والنفع المشترك بين الصين ومختلف دول العالم. يركّز المعرض على مختلف المنتوجات العالمية المتقدمة، لكنه في نفس الوقت يستقطب أيضا المعروضات الفنية، حيث استقطبت الدورة الرابعة للمعرض أكثر من 100 عرض لأعمال فنية من الخارج، ليصبح بذلك منصة عالمية تجارية بروح ثقافية وفنية.

واكب معرض الصين الدولي الرابع للاستيراد متطلبات السلامة العالمية في ظل الأزمة الصحية التي تعاني منها دول العالم، من خلال إقامة مخازن تخزين لجميع المعروضات، والقيام بفحص شامل والحصول على شهادة سلامة للدخول إلى أجنحة المعرض، وتطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية الشاملة للمشاركين، هذا بالإضافة إلى إقامة معرض قُطري عبر الإنترنت والذي شاركت فيه حوالي 58 دولة و3 منظمات دولية. 

وضّح الرئيس الصيني شي جين بينغ سياسة بلاده الاقتصادية، من خلال كلمة ألقاها عبر تقنية الفيديو بمناسبة افتتاح المعرض تحت عنوان "دع نسيم ربيع الانفتاح يُنعش العالم" داعيا إلى المزيد من التعاون العالمي من أجل مواكبة حاجيات العصر، وتعهّد بفتح السوق الصينية على نطاق أوسع مؤكدا على أن "الانفتاح هو السمة المميزة للصين المعاصرة" وأن الصين "ستدعم بقوة المصالح المشتركة"، مضيفا أنه "بالنسبة للصين، لن نحيد عن عزمنا على الانفتاح على نطاق أوسع وبمعايير عالية، ولن نحيد عن عزمنا على تقاسم فرص التنمية مع بقية العالم، ولن نحيد عن التزامنا بعولمة اقتصادية أكثر انفتاحا وشمولا وتوازنا ونفعا للجميع". ومن خلال هذه التصريحات المهمة، يعرض شي جين بينغ التوجه الاقتصادي للصين بعيدا على الحمائية و"الأنانية" الاقتصادية، ضاربا مثالا في التعاون المشترك الدولي.

يمثل المعرض صورة حية للتعاون الصيني مع مختلف دول العالم، كما يقدم صورة لنجاح أربعة عقود من سياسة الإصلاح والانفتاح الصينية، والخطط الصينية التي توجهت إلى مد يدها إلى العالم للتطور والتنوع في إطار الفوز المشترك والمنفعة المتبادلة، وهو ما يفسر أكثر نجاح الصين في مشوارها الاقتصادي والاجتماعي من أجل بناء مجتمع رغيد الحياة في شتى المجالات محليا ودوليا.

*خبيرة في السياسة الدولية