ون سه

خبيرة في الشأن الصيني

8 يوليو 2021 / شبكة الصين/تضع الخطط التنموية في الصين المواطن هدفها الأول، حيث تسعى سياسة البلاد إلى تحقيق حياة رغيدة لكل مواطنيها من خلال توفير متطلبات الحياة المريحة لهم، وبيئة عمل ومعيشة تتماشى مع تطور مجالات الحياة والتقدم الذي حققته الصين في السنوات الأخيرة. لقد راهنت الصين خلال العقود الأخيرة على تحقيق أهم أهدافها المتمثل في القضاء على الفقر المدقع والحفاظ على نمو كل المناطق، وهو ما أكده الرئيس الصيني في خطابه بتاريخ الأول من يوليو 2021 في الاحتفال بمئوية الحزب الشيوعي الصيني من خلال قوله "توصلنا إلى حل تاريخي لمشكلة الفقر المدقع في الصين، ونحن نمضي بخطوات واثقة نحو الهدف المئوي الثاني المتمثل في تحويل الصين إلى دولة اشتراكية حديثة قوية في شتّى النواحي"، وفي ذلك إعلان مهم لمستقبل هذا الشعب الذي رسم له الحزب الشيوعي الصيني أهداف مستقبل أقوى وأكثر حداثة.

 رغم إخراج الصين حوالي 800 مليون شخص من "بؤرة الفقر"، إلا أنها لا تزال تسعى إلى مواصلة تحقيق المزيد من النجاحات للصينيين، إذ تؤكد الخطة الخمسية الـ14 (2021-2025) للصين على أهمية تحسين سبل معيشة الشعب ومساعدة المواطنين الذين خرجوا من بؤرة الفقر على الحفاظ على مدخولهم وأريحية معيشتهم، من خلال عدة خطط محكمة، أهمها تعزيز المشاريع الصغرى ومتناهية الصغرى في المناطق الريفية، والتشجيع على السياحة الداخلية في هذه المناطق، وضخ أموال للتشجيع على إقامة المشاريع فيها، بالإضافة إلى توفير فرص توظيف أكثر في جميع أنحاء البلاد. إن ما حققته الصين من خلال القضاء على الفقر لا يخدم فقط الصينيين، بل يساهم في تقديم نموذج إنساني راقي لبقية دول العالم، حيث إن انتشال كل هذا العدد من براثين الفقر يخدم بنسبة كبيرة هدف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول القضاء على الفقر المدقع وبناء مستقبل مستدام بحلول عام 2030.

 قفزت الصين في السنوات الأخيرة إلى أعلى المراتب عالميا في العديد من المجالات يرتكز بعضها على نمو قطاعات الدولة كالتجارة والصناعة، والبعض الآخر يخص المواطن ودوره في منظومة التطور عموما، حيث ارتفع نصيب الفرد في الصين من الناتج المحلي إلى أكثر من 10 آلاف دولار أمريكي، وبالرغم أن هذا العدد لايزال بعيدا نوعا ما على نفس المستوى في الدول المتقدمة، إلا أن المواطن الصيني أصبح يساهم بصفة مباشرة في تعزيز الاقتصاد داخل البلاد، من خلال انتقال استهلاك المواطنين من طور البقاء إلى طور الاستفادة والمساهمة في التنمية الوطنية. حيث ارتفع الانفاق الاستهلاكي في الصين بطريقة ملحوظة، وتغيرت توجهات وطموحات المواطنين، ودخل مفهوم الانفاق الاستهلاكي في صفوف كل الفئات، وأصبحت هناك ثقافة السياحة والترفيه والتسوق في كل العائلات الصينية، وهو ما نلتمسه في شوارع البلاد، من خلال ملاحظة إقبال المواطنين على توفير كل الكماليات في حياتهم وشراء الماركات الصينية والعالمية، بالإضافة إلى تطور الانفاق في قطاع التعليم والتأمين الصحي.

 لقد اكتشف العالم مؤخرا العديد من المعاني الخاصة بالسياسة والتوجهات الصينية مثل الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتحقيق النهوض العظيم للأمة الصينية، وأيضا بناء حياة رغيدة للمواطنين في شتى النواحي وهو مفهوم صيني لنكتشف أن أولويات الحكومة لا تتمثل في توفير أساسيات الحياة للمواطنين فحسب، وإنما تحقيق الثراء والرخاء لهم في جميع المجالات الأساسية والكمالية، ليتحول كل مواطن إلى "ملك" داخل بلده الصين، وهو ما يحمّل الحكومة المزيد من المسؤولية في تطبيق كل الخطط التي تحقق هذا الهدف لجميع المواطنين. فالتحدي لا يتمثل في إخراج الناس من براثين الفقر، بقدر ما يتمثل في كيفية الحفاظ على ما تمّ تحقيقه وتطوير حياتهم ومواكبة كل التطورات يوما بعد يوم، بالإضافة إلى تعزيز دور المواطن في العجلة الاقتصادية وتمتعه بحياة رغيدة على نحو معتدل في كل المجالات. ستحقق الصين هذا الهدف بنفس الطريقة التي حققت من خلالها هدف القضاء على الفقر بخطى ثابتة وتوجيه محكم وخطط تنموية تشمل كل المجالات التي تهم المواطن الصيني.