وان سه

خبيرة في السياسة الدولية

2 يوليو 2021 / شبكة الصين /أقامت بكين في صباح الأول من يوليو 2021 أهم احتفالات الصين على مر تاريخ البلاد منذ قرن كامل، حيث أُقيم حفل ضخم في ميدان تيانآنمن بمناسبة الذكرى المئوية للحزب الشيوعي الصيني، والذي حضره نواة الحزب شي جين بينغ، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية ورئيس جمهورية الصين الشعبية، مع عدد كبير من قادة الحزب والمسؤولين الصينيين. وكان هذا الحدث محلّ اهتمام محلي وعالمي على حد سوى، حيث تُمثل مئوية الحزب فخرا للشعب الصيني بما حققه الحزب خلال العقود الماضية. أما بالنسبة للعالم الخارجي، فقد ركّز المهتمون على خطاب شي جين بينغ للتعرف أكثر على المعجزة الصينية، وذلك من خلال قراءة الخطاب الذي جمع بين مراحل هامة لتاريخ نضال الشعب الصيني، من أهمها حرب الأفيون إلى الثورة الصينية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، وصولا إلى مرحلة الإصلاح والانفتاح ثم سياسة الصين في ظل الاشتراكية ذات الخصائص الصينية الحديثة وتحقيق حلم الأمة الصينية.

تناول خطاب شي جين بينغ عدة جوانب هامة حول توجه الحزب الشيوعي الصيني وما حققه من إنجازات، أهمها الهدف المئوي الأول، والمتمثل في بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، مؤكدا مواصلة الحزب الشيوعي مشواره لتحقيق المزيد من النجاحات، وتحديد الهدف المئوي القادم للحزب المتمثل في "تحويل الصين إلى دولة اشتراكية قوية في شتى النواحي".

وأشاد شي بمكانة الحزب، حيث تبرز أهمية هذا الحزب كونه ركّز على المواطن والشعب الصيني في كل مستويات عمله، في المقابل نلتمس قوة إيمان الشعب بهذا الحزب من خلال عدد المنخرطين فيه ومن خلال أكبر عدد لأعضائه الذين بلغ عددهم أكثر من 95 مليون عضوا. الأمر الذي يُبرز الثقة المتبادلة بين الشعب والحزب الشيوعي الصيني، وذلك من أجل تحقيق المزيد من النجاحات في شتى الميادين، ومواصلة التمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتطويرها من أجل "خلق نموذج جديد للحضارة الإنسانية".

كما لفت نظري في خطاب شي جين بينغ تمجيده الواضح لشعبه حيث أعاد شي كلمة "الشعب" حوالي سبعين مرة ليشكره ويبرز نضاله وأهميته في كل طيّات وأهداف سياسات الحزب الشيوعي. كما أكد شي على أهمية "شباب الأمة" ودوره في تحقيق المزيد من الإنجازات للصين، حيث "أسهم الشباب الصينيون جيلا بعد آخر بعنفوانهم وكفاحهم في قضايا الحزب والشعب، وأصبحوا قوة طليعية لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية"، وهذه إشارة إلى المجموعة الأولى من الشباب الذين ساهموا في إنشاء الحزب الشيوعي الصيني في 1921 وصولا إلى شباب الصين المعاصر. وأبرز شي أهمية مواصلة الشباب الصيني المثابرة والعمل "لكي يسجلوا مآثر جديرة بعصرهم وشبابهم ولا يخيبوا الآمال الواسعة للحزب والشعب"، وعلى أن "مواصلة الأمة الصينية التقدم بزخم نحو تحقيق هدف تجديد الشباب الوطني". وشدد شي على دور الشعب الصيني في تطوير بلاده وحمايتها أمام الجهات الخارجية تحاول تطبيق القمع والتنمر على هذا البلد، فأي "طرف يحاول ذلك سيجد نفسه في صدام مع جدار هائل من الصلب قوامه أكثر من 1.4 مليار من أبناء الشعب الصيني"، وهذه رسالة واضحة من الرئيس الصيني بتكاتف كل أفراد الشعب أمام أي "عدوان خارجي" يحاول إعاقة المسيرة التنموية للصين. 

يفسّر التناغم الواضح بين الحزب والشباب وكل أفراد الشعب النسبة الباهرة التي يتمتع بها الحزب الشيوعي الصيني بين الشعب بأكثر من 93% من الرضاء والارتياح، وزادت هذه القناعة بعد نجاح الصين في حملة مكافحة فيروس كوفيد-19 لتصل إلى 98% وذلك حسب استطلاع أجنبي وليس صيني. وقد اتبعت الصين سياسة تطبيق كل الخطط الوطنية للنهوض بالبلاد وتغييرها من دولة إقطاعية فقيرة إلى كبرى اقتصادات العالم، وذلك في غضون عقود معدودة من الزمن، وبالرغم من كل الضغوطات ومحاولات التشويش الخارجية على مسار نجاح الصين، إلا أن الصين نجحت في تحقيق أهم هدف للمئوية الأولى للحزب الشيوعي الصيني، من خلال جعل الشعب مركز الكل الإصلاحات الصينية، لتعلن الصين في نهاية عام 2020 القضاء على الفقر المدقع في البلاد، ومواصلة الحزب بخطى ثابتة من اجل تمتع كل الشعب الصيني بحياة رغيدة على كل المستويات، من خلال تطبيق تعاليم الحزب و الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد.

إن ما حققته الصين في مستويات عديدة جعلتها "معجزة الأمم" ومثالا يُدرس من كل نواحيه، ولتتعلم بقية حكومات العالم كيفية نجاح دولة بأكبر عدد سكاني في العالم، حيث تحول عدد السكان المتكون من1.4 مليار نسمة من"عائق" أمام التطور، إلى قوة تساهم بصفة كبيرة في تطوير هذا البلد، وأثبتت الصين بسياستها القائمة على النهوض بالشعب من خلال نموذجها الخاص الذي حقق المعجزات رغم الكثافة السكانية،  وتمكن نموذج الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد من توحيد كل الشعب تحت راية "وطن واحد" محافظة على التنوع الثقافي لـ56 قومية مختلفة.