بقلم ون سه *

19 ابريل 2021 / شبكة الصين / بعد عام من المكافحة ضد فيروس كوفيد-19، أصبحت مقاطعة هوبي الصينية نموذجا ملموسا للتضحيات البطولية، حيث قدمت المنطقة للعالم أجمع صورة لجدية وعزيمة الشعب الصيني بقيادة الحزب الشيوعي الصيني. إذ استقبلت هوبي منذ أيام 122 سفيرا وممثلا عن بعثات دبلوماسية في الصين، وذلك في إطار فعالية ترويجية لإنجازات هوبي وانتصاراتها المتعددة منذ تفشي الفيروس حتى الآن، ابتداء من الانتصار على الوباء وصولا إلى القضاء على الفقر المدقع في كامل المنطقة وتحقيق التنمية الاجتماعية والنصر الحاسم في بناء مجتمع رغيد الحياة على جميع الأصعدة.

سعت مقاطعة هوبي مثل بقية المناطق الصينية إلى تحقيق الهدف الأسمى للحزب الشيوعي الصيني والأمة الصينية ألا وهو القضاء على الفقر المدقع، لكن مع انتشار فيروس كوفيد-19، تحولت اهتمامات المسؤولين في المنطقة إلى مكافحة الوباء واتباع خطط محكمة من أجل تحقيق النصر التام على الفيروس. وفي غضون أشهر فقط، أعلنت المنطقة سيطرتها الأساسية على الفيروس ثم استئناف مختلف الأعمال في أغلب مجالات مختلفة، لتعود من جديد اهتمامات هوبي إلى القضاء على الفقر وتوفير حياة رغيدة للشعب الذي أبهر العالم ببطولاته خلال "حربه على الوباء".

نجحت هوبي بعد أشهر من الاغلاق واتباع لوائح وقائية صارمة لمكافحة الفيروس في السيطرة على الوباء، فبعد فتح أبوابها بعد 76 يوما من الاغلاق في 8 إبريل 2020، توجهت المنطقة من جديد إلى التركيز على إعادة النهوض باقتصادها وتعزيز التنمية الاجتماعية وتطوير كل القطاعات وخاصة قطاع السياحة وقطاع الفلاحة والذي سجل نموا في صادرات مختلف المنتجات الزراعية من بينها الفطر والأدوية الصينية التقليدية، وذلك بعد دعم استئناف العمل في شركات تصدير المنتجات الزراعية. كما سجلت هوبي في أكتوبر الماضي عودة حوالي 88% من أعمال وكالات الأسفار فيها باستئناف الحركة السياحية إثر ازدهار سياحي وخاصة بعد التسهيلات وأهمها إطلاق سياسة التذاكر المجانية للمناطق السياحية في هوبي منذ 8 أغسطس 2020، وذلك في إطار نشاط ترويجي دام لمدة خمسة أشهر.

تتميز مقاطعة هوبي بعدد كبير من المناطق السياحية ذات المناظر الطبيعية الخلابة، ما يجعلها مؤهلة إلى أن تكون وجهة سياحية مميزة في العطل والأعياد الصينية والتي يستغلها الصينيون للترفيه والسفر، وقد سجلت المقاطعة ارتفاعا مهما في هذا القطاع خلال الحملة الترويجية التي انتهت في ديسمبر الماضي، نظرا لأن السياحة الصينية منذ 2020 حتى الآن اقتصرت على السياحة المحلية دون العالمية، بسبب إجراءات مكافحة تفشي الفيروس، وهو ما ساهم بصفة مباشرة في تسجيل ارتفاع هام في هذا القطاع، لتستقطب المنطقة حتى نهاية ديسمبر 2020 أكثر من 73 مليون سائح، توجهوا إلى حوالي 400 موقع سياحي في هوبي، ما جعل المنطقة تسجل انتعاشا كبيرا في قطاع السياحة وقطاع الفنادق والمطاعم، وشهدت هوبي إعادة فتح أكثر من 350 فندق خلال النشاط الترويجي أي قرابة 95% من إجمالي الفنادق في المقاطعة.

وحتى بعد انتهاء النشاط الترويجي في ديسمبر الماضي، واصلت هوبي دعم استراتيجياتها لقطاع السياحة، حيث استقطبت المنطقة في عطلة العام الجديد في يناير 2021 أكثر من 8.6 مليون زائر بعائدات تقدر بحوالي 3.8 مليار يوان صيني.  كما افتتحت المقاطعة المزيد من المطارات المدنية، وذلك ما يجعلها منطقة محورية بارزة في النقل. وأطلقت مدينة ووهان في مارس 2021 أول قطار سياحي في المقاطعة لهذا العام، وذلك لدفع السياحة بين مختلف المناطق في مقاطعة هوبي.

كما أقامت هوبي عددا من المؤتمرات الوطنية والعالمية، أهمها مؤتمر تكنولوجيا الجيل الخامس والانترنت الصناعي في مدينة ووهان في نوفمبر 2020، وقد قدمت فيه كبرى الشركات الرائدة أحدث التكنولوجيات والمنتجات الرائدة. وكذلك مؤتمر التجارة الرقمية والانترنت الصناعي G5 في الفترة من 28 نوفمبر إلى 6 ديسمبر 2020، وقد قدم هذا المؤتمر صورة عن انتصار ووهان على الوباء ونجاحها في إعادة الانتعاش الاقتصادي والتجاري، وذلك من خلال إقامة منصة للاستثمارات والتجارة بحضور أكثر من 200 شركة ومؤسسة مختصة في الانترنت الصناعية والتجارة الدولية وعرض آلاف العلامات التجارية. ويعتبر هذا الحدث نقطة مهمة في "بناء صين رقمية بمجتمع ذكي وفي عملية التصنيع الجديد في الصين والذي سيضخ زخما جديدا للتنمية الاقتصادية في الصين ويخلق فرص تنمية جديدة للاقتصاد العالمي في ظل الجائحة" وهو ما أكده الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال رسالة التهنئة التي خصّ بها هذا المؤتمر.

وتم أيضا إطلاق مركز الابتكار والتعاون الصيني-الإفريقي في ووهان في 18 فبراير 2021، ليكون هذا المركز نقطة بارزة في دعم الاستثمار والتبادلات البحثية والعلمية والربط التكنولوجي والتبادلات الشعبية المتنوعة بين الصين وإفريقيا.

رغم الصعوبات والأضرار التي شهدتها مقاطعة هوبي منذ انتشار فيروس كوفيد-19، إلا أنها أثبتت نجاحها في مكافحة والسيطرة الوباء،  وذلك بفضل وعي المجتمع بأهمية اتباع الإجراءات واللوائح الوقائية، والإصرار والجدية والاستراتيجيات الاقتصادية في المنطقة حققت نموا في أغلب القطاعات في هوبي، لتسجل المنطقة تعافي في ناتجها المحلي الإجمالي لعام 2020 بنسبة 95% من مستوى عام 2019، وتهدف المقاطعة إلى تسجيل نمو في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 10% في 2021، وبذلك أصبحت هوبي نقطة مضيئة لكل العالم في زمن الوباء ورمزا للتحديات والنجاح.

*خبيرة في السياسة الدولية