arabic.china.org.cn | 12. 03. 2021

عقب اختتام الدورة التشريعية الصينية ... رئيس مجلس الدولة يوضح أهم توجهات الصين المستقبلية

د. أنس الزليطني شبّح

خبيرة تونسية في الشأن الصيني

 

12 مارس 2021 / شبكة الصين / عقدت أعلى هيئة تشريعية في الصين، المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، أمس الخميس بتاريخ 11 مارس الجلسة الختامية لدورتها السنوية، وقد وافق المشرعون بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ على تقرير أعمال الحكومة لعام 2021 كما تم إصدار قرارات تنفيذ الخطوط العامة للخطة الخمسية الـ14 2021-2025 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والأهداف بعيدة المدى حتى عام 2035، وعقب اختتام الدورة التشريعية، عقد رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ مؤتمرا صحفيا للإعلاميين الصينيين والأجانب يوضح فيه التوجهات الصينية في السنوات القادمة، وقد تابع المهتمون بالشأن الصيني هذا المؤتمر الذي تم بثه كاملا بعدة لغات في مختلف القنوات الصينية.

وقد تطرق لي كه تشيانغ خلال المؤتمر الصحفي إلى عدة جوانب تهم الصين والعالم أيضا، أرى أن أهمها هي مستقبل العلاقات الصينية-الأمريكية وتحديد أهداف نمو الاقتصاد الصيني.

-العلاقات الصينية-الأمريكية

يُعتبر التطرق إلى مستقبل العلاقات الصينية-الأمريكية من أهم النقاط التي ذكرها لي كه تشيانغ في المؤتمر الصحفي، حيث أشار رئيس مجلس الدولة الصيني إلى أهمية التعاون بين البلدين في العديد من المجالات وتعزيز المصالح المشتركة وتسوية الخلافات من خلال إقامة حوارات بينهما، وكل هذا سيجلب الربح للجانبين، بينما ستكون نتيجة المواجهة هي "الخسارة"، وقد أكد لي أن هذا "يصب أيضا في مصلحة شعبي البلدين، وهو ما يتطلع إليه المجتمع الدولي".

رغم كل الصعوبات التي شهدتها العلاقات بين الصين والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، إلا أن الطرفين بحاجة كبرى إلى إبقاء التعاون المشترك بينهما، وذلك يظهر خلال فترة أزمة كوفيد-19، إذ حققت التجارة بين البلدين نموا بنسبة 8.8% وهذا التعاون يمكن أن يكون مثمرا أكثر في إطار الإشارات الإيجابية من خلال تصريحات المسؤولين الصينيين وخاصة تأكيد لي كه تشيانغ في المؤتمر الصحفي على ضرورة توسيع نطاق تقارب المصالح وهو ما سيتناوله الاجتماع المقرر في أنكوراخ الأمريكية في يومي 18 و19 مارس الجاري بحضور دبلوماسيين بارزين من البلدين.

إن نجاح كل من الصين والولايات المتحدة في إيجاد طريقة واستراتيجية للتعاون وترك الخلافات جانبا ومعالجة المشاكل الكبرى بينهما، كل هذا سيخدم مصالح العالم، حيث إن الاحتكاكات التي شهدتها العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة تسببت في تصدّع العلاقات الثنائية من جهة وأثرت سلبا على الاقتصاد العالمي. لذلك تنتظر أكثر من دولة ظهور المزيد من الانفراجات في هذه العلاقات وينتظر أكثر من طرف تطور هذه العلاقات والتغلب على العراقيل في المستقبل القريب. هذا بالإضافة إلى أن أزمة تفشي الوباء تحتم إلى حد كبير تظافر الجهود بين جميع الدول وخاصة منها الصين والولايات المتحدة نظرا لتطور البلدين في المستوى العلمي والصحي.

-تحديد الأهداف الاقتصادية للصين

يُعتبر تحديد معدل النمو الاقتصادي الصيني المستهدف في 2021 بـ6% تحديا كبيرا في ظل تفشي فيروس كوفيد-19 في العالم، لكن لي كه تشيانغ أكد على أن هذه النسبة المرجُوّة هي "ليست ضعيفة" وخاصة في ظل عدم تعافي الاقتصاد العالمي بعد من مخلفات كوفيد-19. وهذه النسبة وسط أزمة كبيرة للاقتصاد العالمي تؤكد أن الصين باستراتيجياتها الحكيمة تتمتع باقتصاد يقاوم الأزمات إلى حد كبير، وهذه النسبة المستهدفة تعطي المزيد من الإشارات الإيجابية التي تؤثر على الاقتصاد العالمي.

لم تقتصر الصين بتحديد أهدافها التنموية في اقتصادها المحلي فحسب، بل ستوفر فرصا لدول العالم للتعاون المشترك في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وذلك من خلال تأكيد رئيس مجلس الدولة الصيني على أن السوق الصينية ستوفر مجالا واسعا للمنتجات والخدمات والاستثمارات على الصعيد الأجنبي، وهو ما تؤكده أيضا الخطة الخمسية الـ14 للصين من خلال المراهنة على إقامة المزيد من المناطق الحرة والمنصات والمعارض الدولية التي تساهم في تعزيز التبادلات بين الصين وبقية الدول.

كما أكد لي كه تشيانغ أن الصين تواصل الانفتاح على العالم في توجهها الاقتصادي من خلال دعم التجارة الحرة في إطار قواعد منظمة التجارة العالمية، وهذا سيعزز أكثر فرص التعاون بين الصين ودول العالم، وهو ما يتطلب أيضا عدم تتبع نهج الحمائية على التبادلات التجارية، ويتطلب أيضا احتراما كبيرا من قبل جميع الأطراف لكل قواعد التجارة العالمية والتعاون المشترك بين مختلف الدول.

ستكون السوق الصينية ملائمة أكثر لتنمية الاقتصاد المحلي والعالمي وخاصة من خلال عمل الصين على "تحفيز حيوية كيانات السوق" حسب ما أكده لي كه تشيانغ، حيث أن من أهم أركان الإصلاح الصيني هو تطوير إبداعات السوق الصينية واتباع سياسات تكون أكثر مواءمة لكيانات السوق، وهذا بدوره يحتاج إلى توفير المزيد من الخطط المُحكمة أهمها تبسيط إدارة الحوكمة وتعزيز العدالة والانصاف وتقاسم الفرص في السوق. كما ستكون قرارات الصين بتقصير القائمة السلبية للاستثمارات الأجنبية نقطة مضيئة في مستقبل انفتاح الصين على العالم. كما ستخدم هذه الخطط والاستراتيجيات الاقتصادية أيضا سوق التشغيل في الصين، حيث ستوفر الخطة الخمسية الـ14 (2021-2025) المزيد من فرص التوظيف في البلاد وذلك بالتوازي مع نمو الاقتصاد الصيني، كما تهدف الصين إلى خلق أكثر من 11 مليون وظيفة حضرية جديدة في عام 2021، وهو ما سيخدم عدة جوانب، إذ سيدعم التوظيف نمو سوق الشغل في الصين، وسيعزز أيضا هدف الحزب الشيوعي الصيني وهو "تحقيق رفاهية ورخاء الشعب الصيني".

يُعتبر محتوى المؤتمر الصحفي لرئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ نظرة شاملة وواضحة للاستراتيجيات والتوجهات الصينية في السنوات القادمة، حيث إنه إضافة إلى الأهداف الاقتصادية للصين ومستقبل العلاقات الصينية-الأمريكية، تطرق لي أيضا إلى العديد من المجالات المهمة نذكر منها تعزيز العلوم والتكنولوجيا فالصين تراهن في السنوات الأخيرة خاصة على تطوير التكنولوجيا الفائقة وستقوم أيضا بـ"زيادة الانفاق على البحوث الأساسية" في السنوات القادمة. كما أن لي كه تشيانغ أكد استعداد الصين مواصلة العمل مع منظمة الصحة العالمية لتعقب منشأ فيروس كوفيد-19 وعزم الصين تحسين سبل عيش الشعب والتأكيد على تنفيذ سياسة "دولة واحدة ونظامان" وتعزيز التنمية السليمة للعلاقات عبر المضيق بالإضافة إلى رفض أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للصين وغيرها من التوجهات الصينية الأخرى.


 


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

الترتيب للأخبار

تعليق

تعليق
مجهول
الاسم :
(0) مجموع التعليقات :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号