بقلم د. أنس الزليطني شبّح- خبيرة تونسية في الشأن الصيني

6 مارس 2021 / شبكة الصين/ تشهد الصين خلال هذه الأيام أهم حدث سياسي في البلاد وهو عبارة على دورتين تقامان بصفة دائمة وسنوية وخلالهما تعرض الحكومة الصينية أهم أعمالها وإنجازاتها للسنة الفارطة وتقدم برنامجها والخطة الشاملة للسنة الحالية والأهداف التي تسعى الصين إلى تحقيقها مستقبلا، وقد قدم رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في الخامس من مارس الجاري بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ تقرير عمل الحكومة الصينية الذي تم تقديمه إلى أعلى هيئة تشريعية في البلاد، والذي ينقسم إلى جزأين رئيسيين الأول إنجازات الصين في 2020 أما القسم الثاني فهو الذي ينتظره كل من الصينيين والمتابعين من خارج الصين، ألا وهو أهداف الصين وبرنامجها التطويري لسنة 2021.

ويغطي تقرير عمل الحكومة أغلب المجالات والتي يمكن تقسيمها إلى دولية ومحلية، فالدولية تتضمن التعاون والتجارة مع بقية العالم. أما محليا وهي الأكثر أهمية بالنسبة للصينيين، فهي تتطرق إلى العديد من القطاعات والجوانب التي تمس المواطن من التعليم والصحة والضمان الاجتماعي إلى التسهيلات المقترحة للمستثمرين الصينيين.

عرض لي كه تشيانغ ما حققته الصين خلال السنة الماضية من إنجازات يتصدرها النمو الاقتصادي، حيث إن الصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي حققت نموا محليا إيجابيا في أزمة كوفيد- 19 خلال عام 2020 بنسبة 2.6%، كما أكد التقرير على أن الصين نجحت في تحقيق "هدف الأمة الصينية" من خلال تخليص البلاد من الفقر المدقع، وهو ما تعتز به الصين ويمكن اعتباره أهم إنجازاتها ليس في خطتها السابقة فقط، بل هو إنجاز إنساني هام يلعب دورا هاما في أهداف التنمية الشاملة على المستوى العالمي.

قد حدد لي كه تشيانغ هذا العام هدف نسبة الناتج المحلي الإجمالي بـ6% على أساس سنوي مع التأكيد على أهمية مواصلة "بذل الجهود في الإصلاح والتنمية عالية الجودة"، حيث تركز الصين على تحقيق نموها من خلال الارتقاء أكثر بإنجازاتها في القطاعات التي تعتمد على التكنولوجيا الفائقة والمتطورة، كما تسعى الصين إلى تخفيض نسبة عجز ناتجها المحلي الإجمالي بحوالي 3.2% في 2021.

أما بالنسبة لأهداف الصين في 2021 وخلال الخمسية الـ14، فيمكن تقسيمها إلى جزأين:

-أهداف الصين على المستوى الدولي

تبدي الصين في كل خططها أهمية بالغة بعلاقاتها الخارجية على المستوى الاقتصادي، وقد شمل تقرير الحكومة الصينية لهذا العام على توجه الصين إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الخارجية وتطوير علاقاتها حتى مع الجانب الأمريكي في إطار "المساواة والاحترام المتبادل"، وأيضا تعميق التعاون متعدد الأطراف على المستوى الإقليمي، حيث أكد تقرير الحكومة أن بكين ستعمل على دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة عبر المحيط الهادئ حيز التنفيذ في أقرب الآجال، والسعي إلى تسريع المفاوضات التي تهتم باتفاقيات التجارة الحرة بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية. كما تطرق تقرير الحكومة الصينية إلى أهمية مبادرة "الحزام والطريق" وتعزيز الأعمال المشتركة على طول هذه المبادرة بجودة عالية والتعاون في المشاريع الكبرى في ظل المبادرة "بطريقة منظمة". هذا وتتعهد الصين ببناء "شبكة عالمية لمناطق التجارة الحرة" ذات مستوى دولي عالي الجودة وتوفير بيئة أعمال عالمية خلال فترة الخطة الخمسية الـ14 و"حماية الحقوق والمصالح للشركات ذات الاستثمار الأجنبي".

وفي ظل تحديات وباء كوفيد-19، تطرق عمل الحكومة الصينية أيضا إلى مزيد التعاون الصيني مع دول العالم في القطاع الصحي حيث أكدت بكين على أهمية التعاون الدولي من أجل "الوقاية من الأمراض المعدية والسيطرة عليها". كما ركز التقرير أيضا على ضرورة تعاون الصين مع بقية دول العالم من أجل مزيد تطوير العلوم والتكنولوجيا.

-أهداف الصين المحلية

تتميز السياسة الصينية بتركيزها على رفاهية المواطن الصيني والعمل على تحسين مستوى معيشته، وهو الجزء الذي يتابعه باهتمام كل مواطن في هذا البلد، إذ يهتم التقرير بالعديد من تفاصيل حياة الصينيين، وقد أكد تقرير الحكومة يوم الجمعة على مواصلة الصين تحسين مختلف مستويات معيشة المواطنين من أجل تحقيق "الرخاء المشترك بقوة" في فترة الخمسية الـ14، وتتعهد الصين ببذلها كل مجهوداتها من أجل ضمان بقاء شعبها فوق خط الفقر وعدم العودة إلى براثين الفقر في أي منطقة في الصين، ويعتمد هذا نجاح الخطط الاقتصادية المحلية مثل توفير سوق استهلاكية محلية قوية واتباع نموذج تنموي هادف لكل الجهات وأيضا تمتع كل الجهات بالتساوي في التنمية.

ومن أجل ضمان تحسين المستوى المعيشي والحفاظ على إنجازات الصين في قضية الفقر، تعهدت الصين بالمزيد من المجهودات من أجل توفير تنمية اقتصادية خاصة لكل المناطق التي تخلصت من الفقر من خلال خطط هادفة في هذه المناطق، وتعهدت الصين أيضا بمزيد إنعاش الوظائف الحضرية من خلال هدف خلق أكثر من 11 مليون وظيفة جديدة في 2021، كما ستعمل الصين على "تحسين وضمان التنفيذ القوي لسياسات خفض الضرائب في 2021" للمواطنين من أجل مزيد رفاهية الشعب.

أعتقد أن أهم ما يميز تقرير الحكومة لهذا العام هو التعهد بمزيد النهوض الريفي على جميع الجبهات، حيث ترى الصين أن في نهوض أريافها يمكن تحقيق المزيد من النمو والحفاظ على ثراء شعبها، كما ستعمل الصين على تحسين إستراتيجية الحضرنة الجديدة ليس خلال خطة هذا العام فحسب، بل أيضا على مدى فترة الخطة الخمسية الـ14.

إن ما يميز أعمال أعلى هيئة تشريعية في الصين بحضور رئيس الدولة شي جين بينغ وقادة ومسؤولين صينيين خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني، تركيز الصين على مزيد رفاهية مواطنيها من خلال تقديم خطط تعمل على تحقيق"حياة رغيدة" سواء لسكان المدن أو الأرياف، ويبقى أهم تحديات الصين هو الحفاظ على ما حققته في كل المناطق التي أخرجتها من الفقر المدقع. كما تميزت أهداف الصين خلال تقرير الحكومة بتركيزها على تعزيز تعاونها العالمي على المستويات الاقتصادية والصحية في وقت يحتاج العالم إلى كل فرص جديدة في ظل مخلفات وباء كوفيد-19.