في إطار مكافحة تفشي الوباء..عيد الربيع الصيني لعام 2021 بأجواء احتفالية خاصة arabic.china.org.cn / 12:00:54 2021-02-27
أُنس الزليطني شبّح خبيرة تونسي مختصة في الشأن الصيني 27 فبراير 2021 / شبكة الصين / استقبلت الصين سنة جديدة وتمت إقامة احتفالات عيد الربيع والذي صادف الـ12 من شهر فبراير الجاري، ويعود الاحتفال بهذا العيد التقليدي إلى آلاف السنين، وحسب التقويم القمري الصيني يوجد 12 برجا لـ12 حيوانا لكل واحد منها معانيه الخاصة ودلالاته التي توارثها الصينيون عن أسلافهم. يصادف هذا العام برج الثور أو البقرة والتي تنطق باللغة الصينية "نيو"، ويأتي معنى هذا البرج بما أشار إليه الفلاسفة والأدباء في الصين مثل "لو شون" الذي عرّف هذا العام بأنه بمثابة "البقرة التي تأكل العشب وتدرّ الحليب" وهو ما يشير حسب المعتقد الصيني أن العام سيعود بالخير على الشعب، كما يرمز هذا البرج إلى الاجتهاد والمثابرة في العمل.
عيد الربيع الصيني لهذا العام له خاصية كبيرة في التاريخ الحديث للبلاد، إذ أنه استثنائي بالنسبة لعدد كبير من الشباب والعائلات في الصين، فهو الاحتفال الثاني منذ ظهور فيروس كوفيد-19، وفي إطار التصدي لتفشي الوباء، قامت الحكومة الصينية هذا العام بإصدار العديد من الإجراءات والتوجيهات والتي لعب فيها الشعب دور البطل، فالعديد من الشباب والسكان قضوا العيد بمفردهم، دون العودة إلى مسقط رأسهم، وذلك تلبية لدعوة الحكومة إلى "التجاوب الشعبي" من أجل إنجاح احتفالات الربيع الصيني والتصدي لمخاطر تفشي الفيروس خلال أكبر هجرة بشرية في العالم. إن تنقل أكبر عدد للسكان في فترة قصيرة واحدة خلال عيد الربيع، يجعل الصين تسجل سنويا أكبر "تحرك بشري" في العالم. لكن في إطار الخوف الشديد من تفشي فيروس كوفيد-19، توجهت الصين إلى سياسة "الوقاية أفضل من العلاج" من خلال الدعوة إلى البقاء في مقر العمل دون التنقل بين مختلف المدن، وتُعتبر هذه السياسة الأولى من نوعها، حيث لم يسبق للعديد من الصينيين قضاء هذا العيد بمفردهم، وخاصة أن لمّ شمل أفراد الأسرة هو الجزء الأهم الذي تقوم عليه طقوس هذا العيد.
لم يكن تطبيق هذا التوجه سهلا نوعا ما في البداية بالنسبة للعديد من الشباب والعائلات، شخصيا أعرف العديد من الأصدقاء الصينيين الذين خيروا إتباع هذه الإجراءات الفعالة من أجل المساهمة في مكافحة تفشي الفيروس، وقد قضيت عيد الربيع الصيني مع عائلتي برفقة هؤلاء الأصدقاء في بكين. أما بالنسبة للأشخاص الذين بقوا بعيدين عن أهلهم خلال ليلة العيد والتي تُعرف بطبخ العديد من الأطباق الشهية فقد وفرت لهم العديد من المطاعم المعروفة نفس الأطباق التقليدية للأشخاص الذين طلبوا خدمات توصيل أطباق موائد العيد.
إن أكثر ما جلبني في الإجراءات الصينية لهذا العام كونها تماشت مع روح الصينيين خلال عيد الربيع الصيني، حيث أنه في العادات الصينية يتم تقديم "الظروف الحمراء" وتبادل الهدايا بين أفراد الأسرة كطريقة خاصة للتهنئة، وبنفس المفهوم قدمت الحكومة الصينية "قسائم مالية" وهي عبارة على "عيدية خاصة" للمواطنين الذين خيروا عدم التنقل لقضاء العيد، كذلك تم إصدار عملة رقمية بقيمة 10 ملايين يوان وذلك من أجل تعزيز القدرة الاستهلاكية للسكان خلال عيد الربيع الصيني، وتم إصدار هذه المبالغ الرقمية من خلال "ظروف حمراء" افتراضية بقيمة 200 يوان لكل منها، كما قدمت الشركات والمؤسسات هدايا خاصة بالعيد للعمال والموظفين.
كما لفت انتباهي العمل التطوعي الكبير خلال هذا العيد من قبل العديد من الجهات الصينية التي توجهت إلى إقامة أجواء احتفالية خاصة للأطفال والعائلات التي "حرمت" من لمّ شملها مع بقية أفراد الأسرة. حيث إن العديد من الأولياء يعملون في مدن ومناطق بعيدة عن مسقط رأسهم أين يتواجد أطفالهم مع الأجداد، وفي خضم هذه الظروف الخاصة لمكافحة تفشي الوباء، وعدم قدرة المهاجرين من العودة إلى عائلاتهم خلال العيد، توجه المتطوعون بتقديم هدايا للأطفال وإقامة أجواء احتفالية خاصة لتوفير مشاعر الدفء الأسري لهم.
تمتد الأجواء الاحتفالية لعيد الربيع الصيني حوالي 15 يوما، تبدأ بتوديع العام السابق واستقبال العام الجديد لتُختتم بعيد الفوانيس أو ما يسمى باللغة الصينية عيد "يوان شياو"، وخلال هذا العيد يحتفل الصينيون بأكل حلويات "تانغ يوان"، وهي عبارة على كرات الأرز اللزج، وإطلاق الألعاب النارية وحل لعبة ألغاز الفوانيس وغيرها من الأنشطة الأخرى. وقد تم تزيين كل الشوارع في بكين بالفوانيس الحمراء ولاحظت حركة كبيرة في العاصمة الصينية احتفالا بعيد الربيع الذي تزامن هذا العام مع الاحتفال بانتصار أساسي للصين على وباء كوفيد-19، والاحتفال بإنجازات الصين في القضاء على الفقر بقيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ من خلال احتفال أقيم في 25 فبراير من أجل تكريم النماذج المثالية التي ساهمت في هذه القضية.
إن الاحتفال بعيد الربيع لهذا العام بدا أكثر تفاؤلا من العيد السابق، حيث إنه على الرغم من خاصية الإجراءات الخاصة بالوقاية وعدم عودة العديد من السكان إلى عائلاتهم، إلا أن أجواء الفرحة والبهجة غمرت أرجاء البلاد من خلال تحقيق انتصار هام في مكافحة الفيروس وذلك نتيجة لتجاوب كبير بين الشعب والحكومة بحزبها ومسؤوليها، كما حقق الأسبوع الذهبي خلال عيد الربيع عائدات هامة في البلاد من خلال ارتفاع مبيعات التجزئة بنسبة 28.7% على أساس سنوي وارتفاع كبير في التسوق الإلكتروني وفي المنتجات المتعلقة بعشاء ليلة العيد، كما حققت الصين ارتفاعا في استهلاك السلع فائقة التكنولوجيا. وكل هذه النتائج تدل على مزيد تعافي السوق الصينية وسط مكافحة الفيروس وهو ما يجعل المزيد من الدول تتوجه إلى اتباع النموذج الصيني للسيطرة على الاستقرار الصحي ومحاولة البحث عن تعافي الاقتصاد.
|
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |