هل حان الوقت لتخطي الخلافات وتعزيز التعاون بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية؟ arabic.china.org.cn / 16:58:24 2021-01-22
أنس الزليطني شبّح خبيرة تونسية في الشأن الصيني 22 يناير 2021 / شبكة الصين / يتابع العالم عن كثب ما ستشهده العلاقات الصينية-الأمريكية مع إدارة جو بايدن من تطورات وتغييرات، هذه العلاقات التي لا تهم فقط أهم قطبين اقتصاديين في العالم، بل أيضا بقية دول العالم، فهذا النوع من العلاقات يؤثر على كل الأقطاب والدول، نظرا لثقل الوزن السياسي والاقتصادي للجانبين، كما أن استقرار علاقتهما يساهم بصفة كبيرة في الاستقرار عالمي. تعود العلاقات الصينية-الأمريكية الحديثة إلى زيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى الصين في 1972 والتي كسرت جمود العلاقات بين البلدين لأكثر من عقدين، ليتم في يناير 1979 إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ثم تتطور العلاقات بينهما ويصبح كل منهما شريك هام للآخر، لكن منذ مارس 2018، فجرت إدارة ترامب أزمة بين البلدين من خلال فرض تعريفات جمركية على البضائع الصينية بقيمة 60 مليار دولار، وهو ما تسبب في ظهور خلافات بين البلدين وتصاعد المواقف بين الجانبين، وخاصة مع ازدياد المضايقات الأمريكية ومحاولة التدخل في الأمور الداخلية الصينية من قبل الساسة والإدارة الأمريكية. حيث شهدت العلاقات بين البلدين توترا خلال السنوات الأخيرة، ورغم المحاولات الصينية المتعددة لتخطي الخلافات عن طريق تصريحات الرئيس الصيني شي جين بينغ في عدة مناسبات الذي دعا إلى ترك الخلافات والنظر في مصالح الشعوب، إلا أن كل المحاولات لم تحقق تقدما كبيرا. لكن "أمل إعادة المياه إلى مجاريها" يمكن أن يلوح من جديد في أفق العلاقات الثنائية بين البلدين مع انتصار جو بايدن في الانتخابات الأمريكية. منذ 2018، أجرى البلدان جولات عديدة من المفاوضات أهمها في فبراير 2019، تم خلالها التوصل إلى اتفاقية حول التطوير التكنولوجي، وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتطوير الصناعة والتجارة، وتم التوصل إلى حزمة من الآليات التي تسعى إلى مزيد استقرار العلاقات بين البلدين. ولكن رغم كل المحاولات لتخفيف حدة التوترات إلا أن دونالد ترامب أعلن في 16 مايو 2019 على زيادة في نسبة التعريفات الجمركية على السلع الصينية، بقيمة 200 مليار دولار أمريكي لترتفع هذه التعريفات من 10% إلى 25%. تمثل الزيادة التي فرضها ترامب على السلع الصينية المستوردة "خرقا صارخا" للقوانين التجارية العالمية، ولم تكتفي الادارة الأمريكية بالتصعيد التجاري بل وصلت إلى حد التضييق على شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية وإلى محاولة التدخل والتأثير على الاستقرار الصيني الداخلي، وأيضا اللجوء إلى اتهام الصين بأنها سبب في انتشار وباء كوفيد-19 في العالم، أو محاولة إلقاء الفشل الأمريكي في مكافحة الفيروس على الصين. لكن المفارقة أن الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة خلال 2020 قد شهدت قفزة كبيرة، وذلك نظرا لاحتياج أمريكا للمزيد من المستلزمات الطبية خلال أزمة الوباء والتي وفرتها الصين. توجد العديد من الأسباب التي تجعل من البلدين يعيدان النظر والتمعن أكثر في البحث على أرضية سليمة ومستقرة تجمعهما، حيث أن تاريخ عقود من التعاون الثنائي لا يمكن التخلي عنه من أجل "منافسة" ومضايقات غير منطقية، مثل التي تقيمها أمريكا على المنتوجات الصينية والشركات التكنولوجية الصينية، إذ أنه لا بد من توظيف هذا التنافس وجعله تعاونا مشتركا، ليعود بالنفع خاصة على الولايات المتحدة التي ستكون من ضمن دول العالم التي تشهد تراجعا حادا في ناتجها الإجمالي المحلي، حيث أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي ينكمش بأكثر من 4% في عام 2020، كما أن الصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي حققت زيادة في ناتجها المحلي بلغت 100 ترليون يوان بزيادة 2.3%، وهو ما يعزز رأيي بأنه على الولايات المتحدة التوجه إلى التعاون مع القاطرة الصينية من أجل تحقيق نقاط إيجابية واضحة خلال إدارة بايدن. كما أن أمام بايدن "إرث ثقيل" جدا يحتم عليه الخروج بحلول جذرية للسيطرة على وباء كوفيد-19 في بلاده، وبذلك ستكون الولايات المتحدة في أمس الحاجة إلى تعزيز التعاون العلمي والصحي مع الصين، نظرا لتحقيق الأخيرة سيطرة أساسية على الوباء من خلال نموذجها الخاص. كما تحتاج أمريكا إلى تحديد خط واضح في التعامل مع الصين يقوم على التعاون والتنافس النزيه وليس التصعيد والعقوبات، فوباء كورونا خلّف اقتصادا أمريكيا في حاجة إلى تعاون عالمي، ويبدو أن بايدن ومستشاريه سيتوجهون إلى إعادة التعاون مع الجانب الصيني، وخاصة في مجال المناخ وملف "منع انتشار الأسلحة النووية" وغيرها من الملفات الهامة الأخرى. إن تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية لن يحقق نتائج مثمرة للجانبين، وخاصة في ظل انتشار الوباء وتفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية، لذلك أعتقد أنه حان الوقت لمراجعة كيفية تخطي الخلافات وتعزيز التعاون بين البلدين وخاصة بعد التخلي عن "الكره الأعمى الأمريكي" تجاه الصين، ففي تعاون القطبين يمكن تحقيق المزيد من الاستقرار وتحقيق تنمية أوسع للشعوب، وبدلا من الخلافات يمكن تعزيز التعاون في عدة مجالات يحتاج العالم إلى تطويرها مثل التغير المناخي وتطوير اللقاحات من أجل سلامة صحية عالمية.
|
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |