أنس الزليطني شبّح

خبيرة تونسية في الشأن الصيني

22 ديسمبر 2020/ شبكة الصين / اختتمت الصين يوم الجمعة 18 ديسمبر الجاري مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي والذي يقام بصفة سنوية، من خلاله يحدد القادة في الصين المسار الاقتصادي للسنة الموالية. ويُعتبر هذا المؤتمر من أهم الأحداث السنوية في البلاد، حيث يحضره كبار المسؤولين في الدولة، وقد حضره هذا العام الرئيس الصيني شي جين بينغ، وألقى خطابا هاما استعرض من خلاله العمل الاقتصادي للصين في 2020، والعمل الاقتصادي لـ2021.

وخلال هذا المؤتمر الذي امتد على مدار ثلاثة أيام، تمّ تقييم العمل الاقتصادي للبلاد خلال السنة الحالية، والتركيز على أهمية عام 2020 في مسار الاقتصاد الصيني الحديث، فهذا العام كان استثنائيا لكل دول العالم وأيضا للصين، من خلال التحديات الاقتصادية التي خلفها وباء فيروس كورونا على كامل اقتصادات العالم، لكن الاقتصاد الصيني رغم كل الصعاب حقق نموا إيجابيا، ليكون بذلك الاقتصاد الوحيد في العالم خلال هذا العام الذي يحقق نتائج إيجابية، وبذلك يمكن اعتبار الاقتصاد الصيني مثالا في كيفية إقامة اقتصاد قادر على مواجهة التحديات والصدمات.

إن سنة 2020 هي سنة حافلة بالانجازات الاقتصادية في الصين، فبالرغم من كل التحديات التي خلفها فيروس كورونا، إلا أن الصين حققت نتائج باهرة في العديد من المجالات، من أهمها التوقعات بأن الناتج المحلي الإجمالي للصين بنهاية هذا العام سيصل إلى 2%، كما حققت في التجارة مع بقية دول العالم نموا كبيرا هذا العام حيث سجل الاستيراد والتصدير نموا بنسبة 0.7% في الأرباع الثلاثة الأولى من العام، وبلغ حجم الاستخدام الفعلي للاستثمارات الأجنبية في الصين 800.68 مليار يوان في الأشهر الـ10 الأولى من 2020 بزيادة 6.4% على أساس سنوي، كما حقق إنتاج الفحم الصيني نسبة زيادة بحوالي 0.4% من بداية السنة إلى شهر نوفمبر، كما حققت الصين زيادة بنسبة 204% في مبيعات السلع المعفاة من الجمارك في هاينان الصينية بين يوليو ونوفمبر، وأيضا تحقيق طفرة نوعية في الاقتصاد الرقمي وغيرها من المجالات الأخرى التي شهدت نموا هاما في الاقتصاد الصيني.

كما حققت الصين خلال 2020 نتائج ملموسة في منع المخاطر المالية والحد من الفقر ومكافحة التلوث، وقد أولت الحكومة والحزب الشيوعي الصيني كل الاهتمامات من أجل تحقيق "رخاء الشعب الصيني" وهو ما ستواصل عليه الصين في سنة 2021، من خلال الحفاظ على استقرار الوضع المالي والوظيفي للعائلات التي خرجت من خط الفقر، وذلك حسب ما ورد في كل المخططات والاجتماعات الرسمية الصينية، حيث يعتبر هدف "رفاهية الشعب" هو أهم أهداف الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية، كما ستعمل الصين على مواصلة تنفيذ "سياسة مالية استباقية وسياسة نقدية حكيمة" خلال 2021، وذلك حسب ما أكده مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي. فالصين نتيجة لما واجهته خلال فترة الوباء من تحديات، خرجت بخبرة اقتصادية واجتماعية جعلت من الصعوبات "امتحانا" يبرهن مدى القدرة الصينية على مواجهة كل هذه التحديات.

أعلن الاجتماع الاقتصادي عن حزمة من الأهداف الاقتصادية للسنة المقبلة، ومن أهمها نذكر أن الصين ستتبنى سياسة نقدية تتسم بالمرونة والاعتدال، وأنه سيتم اعتماد سياسة مالية تسع لمتطلبات استراتيجيات الدولة الرئيسية، بالاضافة إلى ضخ المزيد من الأموال والدعم لقطاع التكنولوجيا والابتكار، وخاصة أن العالم أصبح في حاجة أكبر إلى عصر الابتكار والرقمنة لمواجهة أي صعوبات وتحديات في المستقبل.

لقد أثبتت الصين خلال سنة الصعاب أن سياسة التشجيع على الاستهلاك ومساعدة الشركات الصغرى ومتناهية الصغر في البلاد، هي من أفضل السياسات التي دعمت الاقتصاد الصيني وجعلته قابل لامتصاص الصدمات المالية خلال 2020، وهو ما ستعمل على مزيد دعمه في 2021، حيث أن الصين ستقوم بدعم مالي للابتكارات العلمية والتكنولوجية والشركات الصغرى ومتناهية الصغر، كما ستعمل الصين على تعميق الإصلاح الموجه نحو السوق، كما ستحافظ الصين على "سياستها الكلية متسقة وثابتة ومستدامة" لعام 2021، كما ستقيم سياسة مالية استباقية وسياسة نقدية حكيمة، وذلك حسب ما جاء في بيان الاجتماع الاقتصادي.

يعتبر عام 2021 نقطة مهمة في مسار الاقتصاد الصيني، حيث يصادف هذا العام بداية فترة الخطة الخمسية الصينية (2021-2025)، كما أن هذا العام هو ذكرى 100 سنة من الانجازات الصينية تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، ولذلك ستواصل الصين المزيد من الدعم لاستراتيجياتها من أجل تحقيق المزيد من النتائج والتغلب على كل الصعوبات والمحن، حيث ستتخذ الصين سياسة دعم محلي وخارجي في نمط التنمية في 2021، وستقوم بتوسيع القدرة الاستهلاكية المحلية من أجل تحسين معيشة الشعب.