arabic.china.org.cn | 12. 11. 2020 |
أنس الزليطني شبّح
خبيرة تونسية في الشأن الصيني
12 نوفمبر 2020 / شبكة الصين / منذ إصدار الصين كتاب "شي جين بينغ حول الإدارة والحُكم " في الصين والعشرات من الدول والمناطق حول العالم بلغات متعددة، شهد هذا الكتاب إقبالا واسعا حول العالم خلال السنوات الأخيرة وجلب اهتماما كبيرا من قبل المجتمع الدولي. ومن أجل مزيد فهم السياسة الصينية ومفاهيم الاشتراكية بخصائص صينية توجهتُ للاطلاع على مجلدات كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة "، حيث أنه منذ إصدار المجلد الأول في 2014 وصولا إلى المجلد الثالث في 2020 يمكن للمهتمين بفهم الصين وخصائص حكمها وإدارتها، أن يكون هذا الكتاب بمختلف مجلداته، إحدى أهم السُبل لتوضيح أهم تفاصيل وركائز السياسة الصينية.
أكد كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" في أولى صفحاته تمسك الصين "بروح الإشتراكية ذات الخصائص الصينية، والتي هي وحدها يمكنها أن تحقق تنمية الصين"، وراهنت السياسة الصينية منذ أولى أجزاء هذا الكتاب على أهمية "تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية" وهذا المفهوم هو إحدى أساسيات تنمية الصين في العصر الحديث، وهي أكثر النقاط التي جذبتني في كل مجلدات الكتاب، حيث أصبح الشعب أهم أهداف كل خطط الحكومة والحزب الشيوعي الصيني، فرفاهية الشعب ونهضته هما "أعظم حلم للأمة الصينية منذ العصر الحديث" حسب ما أكده الكتاب، حيث أن الصين منذ انتهاج سياسة الإصلاح والإنفتاح سعت إلى تعزيز مفهوم "حلم الأمة" والمتمثل في النهوض بالبلاد على جميع الأصعدة وعلى رأسها الشعب والمواطن الصيني والقضاء على الفقر المُدقع على كامل التراب الصيني وتحسين مستوى معيشة الشعب وضمان حياة كريمة له.
إن الصين من خلال إتباعها نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد تُراهن على مزيد النجاحات والإنجازات في المستقبل القريب والبعيد، حيث راهنت الصين على تحقيق أهداف "المئويتين" والمقصود بها تحقيق أهداف الكفاح الذي طرحه المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني والمتمثل بالأساس في "إنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل" بحلول سنة 2021 والتي تصادف الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، أما المئوية الثانية تهدف إلى المستقبل البعيد للأمة الصينية، وهي الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية بحلول 2049، وهدف الصين في هذه الذكرى هو "بناء الصين الاشتراكية الحديثة والمزدهرة والقوية والديمقراطية والمتحضرة والتناغمة"، وهذا ما أكده الرئيس الصيني شي جين بينغ في التقرير الذي ألقاه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الـ19 للحزب الشيوعي الصيني، حيث أكد على أن الصين تسعى إلى تحقيق أهداف مئوية الحزب الشيوعي الصيني، وصولا إلى "مسيرة جديدة لبناء الدولة الإشتراكية الحديثة على نحو شامل" في ذكرى مئوية جمهرية الصين الشعبية، وهو ما جعل الصين تعيش حاليا في فترة تُعتبر شديدة الأهمية في كامل مسيرتها الحديثة، من خلال رسم مسار يخطط لتحقيق مزيد النجاحات رغم كل الصعوبات والعوائق.
إن كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" يؤسس ركيزة هامة لفهم الإشتراكية ذات الخصائص الصينية، ويمكن أن يكون من بين أهم المراجع في العصر الحالي لفهم هذا المنهج الخاص الذي اتبعته الصين وجعل منها إحدى القوى الكبرى وذات مكانة هامة على المستوى الإقليمي والعالمي، إذ أن الصين تسعى إلى تعزيز هذا النظام، وتعميق الالتزام به وتحسينه، والبحث في كيفية تطوير وتحديث نظام الحوكمة من خلاله، وهو ما أكده شي جين بينغ معرفا بهذا النطام بقوله إن "نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية هو نظام علمي طوره الحزب والشعب من خلال ممارسات واستكشافات طويلة الأمد"، حيث يُعتبر هذا النظام بروحه الصينية هو الأساس الأول لنجاح البلاد وتحقيق كل أهداف الحكومة والحزب.
إن ما حققته الصين خلال العقود الماضية ليس وليد الصدفة، بل هو سعي دؤوب للحكومة والحزب الشيوعي الصيني للحفاظ على النتائج الهامة التي تم تحقيقها وأيضا السعي إلى تحقيق المزيد من النجاحات الصينية، وذلك من أجل تعزيز الأهداف الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوضيح وتعميق مفهوم الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في كل مهام الحكومة وأعمالها.
إن ما يميز نظام الاشتراكية الصينية حسب ما أكده كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" كونه يعتمد على روح ومبادئ هذا النظام في كل الجوانب والمجالات، فالصين هي من بين أهم الدول التي حافظت على نظامها الخاص وعملت على تطويره منذ عقود، ليتحول هذا النظام إلى نقطة مشعة لانطلاق وتطوير كل التوجهات الصينية، من الدبلوماسية والعلاقات الخارجية إلى التبادلات التجارية وسياسة الحوكمة وغيرها من المجالات المهمة في الدولة. ونظرا لأهمية نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في تحقيق "النهضة العظيمة للأمة الصينية"، فإن الكتاب أكد على أن الصين تواصل العمل بكل جدية وحزم من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات في جميع المجالات. وهو ما يدعم توجه الحزب الشيوعي الصيني والقيادات الصينية في التمسك أكثر بنظام الدولة الاشتراكية والنظام القانوني بالخصائص الصينية، والعمل على تحسينهما وتطويرهما.
أهم ما ميز الكتاب أيضا أنه لم يركز فقط على النظام السياسي للحزب، بل عزز مناقشة العديد من الجوانب التي تهم الدولة والمجتمع وكيفية تطوير مجالات أخرى، وتقييم مدى تقدم الإصلاح الشامل في الصين، وتطوير نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد ونظام الحوكمة في الصين، وذلك لتعزيز "ثقة أقوى في الطريق والنظرية والنظام والثقافة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية ومواصلة التقدم في الطريق الصحيح" حفاظا على منجزات "المعجزة الاقتصادية الصينية لتقديم خيار جديد للدول النامية لتحقيق التحديث" وذلك حسب الرئيس الصيني شي جين بينغ، كما أن الكتاب أكد أيضا أن تحقيق حلم الصين "لا يفيد الشعب الصيني وحده، بل يفيد شعوب العالم" وذلك من خلال المثابرة على "التنمية السليمة" وتطبيق إستراتيجية "الانفتاح الداعية للمنفعة المتبادلة والفوز المشترك" وتعزيز مسؤولية الصين تجاه كامل دول العالم والتعاون معها من أجل تحقيق نهضة الشعب الصيني وبقية الشعوب في نفس الوقت.
تؤكد كل مجلدات كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" أن التمسك بمبدأ "الشعب أولا" هو أهم مبادئ وأهداف الحوكمة في العهد الجديد للصين، حيث تحتوي أجزاء الكتاب على كيفية تطوير كل مناحي الحياة الكريمة للمواطن الصيني، من خلال مزيد "تعزيز الاهتمام بالأسرة" و"مواصلة توسيع الدخل المتوسط" و"تعليم أفضل أكثر عدلا للشعب الصيني" و"دفع الإصلاح الحقيقي" الذي يخدم كل مصالح الشعب وغيرها من الفصول الأخرى التي تجعل من كلمة "الشعب" هي عبارة على لؤلؤة الكتاب في كنف نجاح الاشتراكية ذات الخصاص الصينية، حيث يذكر كل مجلد لهذا الكتاب كلمة "الشعب" أكثر من ألف مرة، ونحن نتصفح الكتاب لا تخلو تقريبا أبوابه من كلمة "الشعب" أو "الأمة" وهو ما يوثق ما ذكرته آلفا بأن الصين بكل قوامها تتخذ من شعبها ومواطنها أهم هدف لها تحت إدارة الحزب الشيوعي الصيني.
يهتم الكتاب بعدة جوانب أخرى في الحوكمة الرشيدة تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني ونواتها شي جين بينغ، حيث يعرض الكتاب أيضا أهمية دور جيش التحرير الشعبي وتعزيز قوته وقدراته تحت قيادة الحزب كما أكد الرئيس الصيني على أهمية "عصرنة" الجيش الصيني، وأهمية "الدفاع الوطني وتطويره وحماية الأمن الوطني الصيني"، هذا وتطرق الكتاب إلى أهمية مبدأ "دولة واحدة ونظامان" من أجل مزيد توحيد أبناء الشعب الصيني، ومكافحة الفساد، ويعرض الكتاب أيضا العلاقات بين الصين ومختلف دول العالم وخصائص الدبلوماسية الصينية تجاه العالم، وأيضا مواقف الصين تجاه مختلف المنظمات والقضايا الدولية. لا يخلو كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" من أهمية تعزيز الآليات والمبادرات الصينية التي تخدم التعاون المشترك بين الصين وبقية دول العالم وعلى رأسها مبادرة "الحزام والطريق" وأيضا أهمية التعاون الصيني مع الدول النامية. كما أولى الكتاب أهمية كبرى لبناء "عصر جديد للحضارة الإيكولوجية" وحماية البيئة، ومجالات التطور العلمي مثل قطاع الإنترنت والصحة.
أعتقد أن تقديم كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" من الصعب نوعا ما حصره في مقال واحد، فالكتاب ينقسم حتى 2020 إلى ثلاثة مجلدات كاملة يحتوي كل منها على معدل أكثر من 500 صفحة وأكثر من 15 بابا وملحقا، بالإضافة إلى عشرات المقالات والخُطب والمحادثات والتوجيهات ورسائل الرئيس الصيني شي جين بينغ من سنة 2012 حتى 2020. لكن ما لاحظته من خلال قراءتي لهذا الكتاب المهم أن الشعب والإشتراكية ذات الخصائص الصينية الحديثة هي النقاط الأهم والمشتركة في كل مجلدات الكتاب، كما أنه يحتوي على معلومات غاية في الأهمية لمعرفة أسرار نجاح الصين في العصر الحديث، والوجهة المستقبلية لها.
إن الكتاب يقدم مساحة واضحة للعالم والمهتمين بالشأن الصيني لمعرفة المزيد على الأفكار الصينية وفهمها بطريقة أفضل، ورؤية وأفكار شي جين بينغ حول السياسة الدولية والعلاقات بين الصين وبقية دول العالم، حيث أن الرئيس الصيني يظهر من خلال أفكاره في صورة "القائد برؤية عالمية".
بعد التمعّن جيدا في محتوى الكتاب، يمكن استخلاص أن الإشتراكية ذات الخصائص الصينية هي قوام حكم وإدارة الصين، كما يمكن ملاحظة التغيرات الهائلة التي شهدتها الصين والتي تحقق يوما بعد يوم "حلم أبناء الشعب الصيني".
انقلها الى... : |
|
||
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |