الصفحة الأولى | حجم الخط  

العلاقات الصينية ـ الإفريقية في ظل مكافحة فيروس كوفيد -19

arabic.china.org.cn / 14:44:27 2020-06-19

بقلم  د.أنس الزليطني شبّح *

19 يونيو 2020 / شبكة الصين / ترأس الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة الصينية-الإفريقية الاستثنائية حول التضامن ضد فيروس كوفيد-19، وذلك يوم الخميس 18 يونيو الجاري عبر "دائرة الفيديو" التي شارك فيها 13 رئيسا من الدول الإفريقية ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد، وضيفين خاصين في هذه القمة وهما الأمين العام للأمم المتحدة والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية. وتأتي هذه القمة الصينية-الافريقية في وضع صحي استثنائي يشهده العالم يتمثل في تفشي جائحة كورونا في كامل العالم.

 

أكد الرئيس الصيني خلال كلمته التي ألقاها في القمة بعنوان "تدابير الوحدة لمكافحة الوباء والتغلب على الصعوبات" على أهمية العمل بين الصين والدول الإفريقية "لبناء مجتمع صحي للجميع بين الصين وإفريقيا، والنهوض بالشراكة الاستراتيجية والتعاونية الشاملة بين الجانبين إلى مستوى أرقى"، كما أكد شي جين بينغ على مواصلة عزم الصين مساعدة الدول الإفريقية على مكافحة الفيروس، فالصين أكدت خلال في هذه القمة الاستثنائية أنه على الجانبين الصيني والإفريقي التضامن والتعاون، ولا بدّ من تعزيز الجهود من أجل تخفيف حدة آثار الفيروس مع التمسك بالتعددية وعدم تسييس فيروس كوفيد-19 لأي توجه إيديولوجي.

 

أرى أنه بالرغم من صعوبة المرحلة التي يمر بها العالم حاليا، تثبت الصين من جديد أنها الشريك والصديق في السراء والضراء لكل الدول الإفريقية، ولا تبحث أن تكون شريكا تجاريا أحاديّ المصالح، بل تواصل الصين وبعزم مساعدتها للدول الإفريقية حتى في زمن تفشي فيروس كوفيد-19، ورغم كل التحديات تواصل تعزيز الصداقة الثنائية، وهو ما يتجسد من خلال حزمة من القرارات التي أعلنها الرئيس الصيني خلال القمة الصينية-الإفريقية الاستثنائية، حيث أكد شي جين بينغ أن الصين ستواصل "مساعدة البلدان الإفريقية عبر توفير المستلزمات وإرسال فرق خبراء، وتيسير شراء المستلزمات الطبية من الصين"، والانطلاق في بناء المركز الإفريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، والعمل مع إفريقيا في التنفيذ الكامل لمبادرة الرعاية الصحية التي اعتمدت خلال قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي، والإسراع في بناء مستشفيات الصداقة الصينية-الإفريقية، إلى جانب تفعيل التعاون بين المستشفيات الصينية والإفريقية المقترنة. كما تعهدت الصين بأن تكون الدول الإفريقية من بين أولى الجهات المستفيدة من استخدام لقاح صيني لكوفيد-19 بمجرد إكمال تطويره واستخدامه. كما شملت محاور المساعدات الصينية للدول الإفريقية خلال الأوضاع الناجمة عن تفشي الفيروس، العديد من التسهيلات والمساعدات المالية والاقتصادية والتي تسعى إلى التعاون في مجالات الصحة العامة وإعادة فتح الاقتصاد من أجل "تحسين الأوضاع المعيشية للشعوب"، حيث تعتزم الصين إلغاء ديون الدول الإفريقية المعنية في شكل قروض حكومية معفاة من الفوائد المستحق سدادها بحلول نهاية 2020، وتقديم المزيد من المساعدات والتبرعات للدول الإفريقية، بالإضافة إلى التوجه إلى توسيع التعاون الصيني-الإفريقي في أنماط الأعمال الجديدة مثل الاقتصاد الرقمي وشبكات الجيل الخامس.

 

قدمت الصين العديد من المساعدات التي تشمل المجال الطبي إلى الدول الإفريقية ولها أهمية كبرى، حيث قامت الصين حتى الآن ببناء أكثر من 130 مرفقًا طبيًا، وفي السنوات الخمس الماضية، قامت بتدريب أكثر من 200 ألف شخص من المواهب المختلفة، و خلال 20 سنة ماضية، تمّ إرسال 21 ألف شخص ضمن الفرق الطبية الصينية إلى الدول الإفريقية وتم علاج 220 مليون شخص في القارة الإفريقية، ومنذ تفشي جائحة كورونا قامت الصين بتوفير 30 مليون مجموعة اختبار و10 آلاف جهاز تنفس صناعي و80 مليون قناع كل شهر لإفريقيا وذلك حسب ما أكده الاتحاد الإفريقي.

 

تُعتبر العلاقات الصينية-الإفريقية من بين أهم العلاقات المتميزة للجانبين، وذلك لأهمية التعاون الذي يشمل جُل المجالات بينهما، ويتضح ذلك في ارتقاء هذه العلاقة إلى مستوى "التعاون المربح للجانبين" بعد إعلان منتدى التعاون الصيني-الإفريقي في عام 2000، حيث أخذت العلاقات الثنائية بين الجانبين بُعدا جديدا يقوم على التعاون المُثمر ومبني على أسس ومبادئ تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للجانبين، والثقة بين الجانبين، والربح المشترك. وتعتبر الصين قوة اقتصادية لها تاريخ غير عدائي في إفريقيا ما جعلها تجد ترحيبا كبيرا من قبل الدول الإفريقية التي عانت من الاستعمار والخلافات الداخلية لسنوات طويلة، وتأمل هذه الدول أن تجد شريكا يبحث عن الربح المشترك وليس الاستعمار والاستغلال. حيث توجهت الصين نحو القارة السمراء بمجموعة من المصالح والمكاسب المشتركة بين الطرفين، لتطور العلاقات وتُساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية في المنطقة، والدفع بالتبادل التجاري والاقتصادي بين الجانبين، والذي حقق قفزة هامة على مرّ السنين لتصبح الصين أهم شريك اقتصادي للدول الإفريقية لـ11 عاما متتالية، ويبلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والدول الإفريقية 208.7 مليار دولار أمريكي عام 2019، بزيادة قدرها 2.21٪ على أساس سنوي، منها 95.5 مليار دولار أمريكي لواردات الصين من إفريقيا، و113.2 مليار دولار أمريكي كإجمالي حجم الصادرات الصينية إلى الدول الإفريقية، بزيادة قدرها 7.9٪ على أساس سنوي، كما وصل مبلغ الصين من الاستثمار المباشر في إفريقيا في عام 2019 إلى 110 مليار دولار أمريكي، واستثمرت أكثر من 3700 شركة صينية في جميع أنحاء إفريقيا.

 

إن ما يميز العلاقات الصينية-الافريقية أنها لا تقوم على تطوير المجال الاقتصادي فحسب، بل تشمل تعزيز التعاون الثنائي في العديد من المجالات الأخرى وحتى في الأوقات الحاسمة والصعبة، لتؤكد هذه العلاقة حتى في زمن تفشي جائحة كورونا أنها صامدة رغم كل التحديات والشكوك في مدى عمق هذه الصداقة التي تسعى إلى الارتقاء بالشعوب والتشارك في مصير مشترك.

 

*  خبيرة تونسية في الشأن الصيني

 

 

 

 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号