أهم النقاط في تقرير عمل الحكومة خلال الدورتين السنويتين في الصين arabic.china.org.cn / 15:18:54 2020-05-26
بقلم د. أُنس الزليطني شبّح.. خبيرة تونسية متخصصة في الشأن الصيني 26 مايو 2020 / شبكة الصين / انطلقت في 21 مايو الجاري أعمال الدورتين السنويتين في العاصمة الصينية بكين، وتعتبر الدورتان أهم تجمع ونشاط سياسي رسمي في الصين، حيث تجلب اهتمام كل الشعب الصيني الذي ينتظر كل القرارات الصادرة عن الدورتين، كما تجلب اهتمام كل العالم للتعرف على المخطط الصيني للعام المقبل. لكن رغم تأجيل موعد الدورتين هذا العام لأكثر من شهرين، جلب محتوى النقاشات والقرارت كل أنظار العالم، فالقاطرة الصينية هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وكل توجهاتها وقراراتها الاقتصادية والسياسية تلعب دورا هاما على مستوى العالم، وخاصة هذا العام الذي يشهد تغيرات غير مسبوقة وينتظر كل الدول مستقبل مجهول، إثر تفشي فيروس كورونا الجديد، الذي جعل العالم يتوقف لمهلة ويعيد النظر في كل "الأوراق" من جديد. جاءت أعمال الدورتين هذا العام بطابع غلب عليه الاهتمام بالأوضاع الصحية والاجتماعية، على عكس تقاليد هذا التجمع الذي يأخذ الطابع الاقتصادي والسياسي في الدرجة الأولى، فبصفة استثنائية لم يتم تحديد نسبة النمو الاقتصادي السنوي لهذا العام، وذلك نظرا لما تواجهه الصين من "مخاطر وتحديات غير مسبوقة" إثر الوضع الراهن لتفشي الفيروس في العالم، وهو ما أشار إليه رئيس مجلس الدولة الصيني، لي كه تشيانغ خلال تقديم تقريرعمل الحكومة في 22 مايو الجاري بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، هذا التقرير الذي ينقسم بالأساس إلى ثمانية أجزاء هامة، استعرض خلاله لي كه تشيانغ في الجزء الأول أعمال الحكومة الصينية خلال عام 2019 حتى بداية العام الجاري، والتي تنقسم في مجملها إلى نقاط هامة تم تحقيقها من قبل الصين خلال العام الماضي، فبالرغم من آثار الوباء الجسيمة على الاقتصاد الصيني وعلى نمو كل القطاعات في الصين والعالم، إلا أن القيادات والمسؤولين الصينيين تحت توجيهات الحزب الشيوعي الصيني سعوا بكل صرامة إلى تحدي كل الصعوبات والتحديات لتحقيق الهدف الرئيسي للحزب وهو "بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل". وقد تجسد ذلك من خلال تحسين معيشة الشعب الصيني ليتجاوز نصيب الفرد من الدخل القابل للإنفاق 30 ألف يوان، مع ارتفاع مستوى التأمين الاجتماعي والصحي. كما تم في 2019 تحقيق هام لسلاسة الآداء الاقتصادي الكلي والذي بلغ فيه إجمالي الناتج المحلي 99.1 ترليون يوان صيني أي بزيادة تُقدر بـ6.1%، وهو ما خدم بصفة مباشرة أيضا هدف تحسين معيشة الشعب والقضاء على الفقر، من خلال توفير أكثر من 13 مليون وظيفة جديدة للشعب الصيني لترتفع نسبة الاستهلاك الداخلي إلى 2.9%، بالاضافة إلى خفض عدد الفقراء بمقدار 11.09 مليون نسمة، لتنخفض نسبة الفقر في الصين إلى 0.6%. كما تحسن الهيكل الاقتصادي والتخطيط الاقليمي الصيني، لتتجاوز قيمة مبيعات التجزئة من السلع الاستهلاكية 40 ترليون يوان، كما شهد عام 2019 إلى بداية 2020 الابتكار العلمي والتكنولوجي حيّزا هاما في الاقتصاد الصيني، وذلك من خلال التشجيع على ريادة الأعمال في الصين وتقديم حوافز هامة للشركات التي تؤطر الابتكار والتطوير العلمي. كما حققت الصين نتائج هامة في الإصلاح والانفتاح، والذي يعتبر من أهم ركائز السياسة الصينية الحديثة، حيث قامت الحكومة الصينية خلال 2019 إلى بداية 2020، بالعديد من الاصلاحات الهامة التي خدمت بصفة مباشرة عدة مجالات، من خلال تقديم تسهيلات تجارية واقتصادية هامة تتمثل في تخفيض الضرائب والرسوم بحوالي 2.36 ترليون يوان، وتقديم إجراءات تسهيلية تخدم الخدمات والابتكار والتكنولوجيا والاستثمارات الأجنبية، كما تمت إقامة مناطق جديدة للتجارة الحرة، وكل ذلك ساهم في تحسن واستقرار التجارة الصينية مع بقية دول العالم، وخاصة في إطار العديد من الآليات الصينية التي تخدم هذا المجال وعلى رأسها مبادرة "الحزام والطريق". تم تحقيق كل هذه النتائج في الصين رغم كل التحديات والصعوبات سواء كانت الصحية مع بداية ظهور فيروس كوفيد-19 أو الاحتكاكات التجارية والتضييق على النمو الصيني من قبل العديد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة اللأمريكية التي ما انفكت تحاول التضييق على أهم منافس اقتصادي لها، وما انفكت تسعى إلى التدخل في الشؤول الداخلية الصينية. لكن الصين حشدت كل قواها الشعبية والحزبية لتظافر الجهود وتخطي الصعاب التي واجهت البلاد في أواخر 2019 وبداية 2020، وأهمها التحدي الصحي الأكبر الذي شهدته الصين منذ عقود، والمتمثل في مواجهة ومكافحة فيروس كورونا الجديد، وقد نجحت الصين في السيطرة الأساسية عليه، لتُقدم نموذجا جديدا للعالم في السيطرة على الأوبئة وتكاتف كل الجهات المعنية في الدولة والشعب من أجل تحقيق نتائج رائدة في السيطرة على الفيروس، مقابل "تخبط" العديد من بقية دول العالم في البحث عن نموذج وطريقة للخروج بشعوبها من هذا الوباء. تناول تقرير عمل الحكومة الذي قدمه لي كه تشيانغ خلال الدورة الثالثة للمجلس الوطني الـ13 لنواب الشعب الصيني كما ذكرت سابقا ثمانية أجزاء، احتوى الجزء الأول على ما حققته الحكومة الصينية خلال 2019 حتى بداية 2020، لتأتي الأجزاء السبعة الباقية والتي تهتم بالأهداف والخطط التي تم وضعها للمرحلة القادمة، من أهمها تعزيز "الوعي بأربعة أمور" والمقصود بها الوعي السياسي والوعي بالمصلحة العامة والوعي بالنواة القيادية والوعي بالتوافق، بالاضافة إلى أهمية التركيز على كيفية تحقيق بناء "مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل" وخاصة من خلال القضاء على الفقر المُتقع في الصين في سنة تعتبر "حاسمة" في مخطط القضاء الكلي على الفقر في الصين بنهاية عام 2020. بالإضاف إلى التركيز على أهداف الخطة الخمسية الـ14 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي تحتوي على العديد من الجوانب التي تهتم بالمواطن الصيني بصفة مباشرة، من خلال مواضيع يعتبرها المجتمع الصيني "مواضيعا إجتماعية ساخنة" تتمثل في التأمين الصحي والاجتماعي والتوظيف والتعليمي وغيرها من الجوانب التي تمس وتطور معيشة الشعب مباشرة. لتأتي بقية الأهداف المقبلة في التقرير والتي تهتم باستقرار المؤسسات وضمان التوظيف، وخاصة إثر مخلفات وباء كورونا الجديد، الذي أثر بصفة كبرى في العالم على التوظيف وعلى الشركات الكبرى منها والصغرى، ليهتم التقرير الصيني بهذه الجوانب في وقت ربما ينتظر كل العالم هذه القرارات لتكون نموذجا مستقبليا لتخطي صعوبات هذا المجال الذي تعاني حاليا منه كل الدول، وهو كيفية تحقيق استقرار المؤسسات المتوسطة والصغرى والحفاظ على استقرار التوظيف في مختلف المجتمعات. لتقدم الصين تسهيلات تساعد الأسواق الحالية المحلية على تذليل صعة باتها، من خلال "تنفيذ أنظمة معينة" بتخفيض ضريبة القيمة المضافة وتخفيض الضرائب والرسوم بحوالي 500 مليار يوان أخرى، مع تقديم المزيد من التسهيلات والاعفاء للعديد من الشركات والمؤسسات، وهو ما سيضمن تواصل سريان عمل هذه المؤسسات رغم مخلفات الوباء. لتهتم بقية الأهداف الأخرى في المخطط الصيني للمرحلة القادمة بالعديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية تتمثل بالأساس في تعزيز التنمية بالاعتماد على الاصلاح، وتطبيق إستراتيجية توسيع الطلب المحلي، والاهتمام بكيفية القضاء الكلي على الفقر مع تعزيز الدعم للقطاع الزراعي، والحفاظ على استقرار أساسيات التجارة الخارجية والاستثمارات الأجنبية، ثم دفع إصلاح المزيد من المشاريع الاجتماعية للتصدي للمشاكل الراهنة لضمان تحسين معيشة الشعب الصيني. أعتقد أن الدورتين السنويتين لهذا العام عمقت أكثر قيمة المواطن الصيني وكل ما يخصه في حياته اليومية وما يهم المجتمع عامة، فبالرغم من كل الصعوبات التي يواجهها العالم في ظل وباء كورونا الجديد، إلا أن الصين تقدم العديد من التقارير خلال الدورتين تهتم بمعيشة الشعب ورفاهيته، لتؤكد الصين من جديد أن أفكار الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد من شأنها التقدم بالمجتمع الصيني رغم كل التحديات.
|
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |