23 إبريل 2020 / شبكة الصين / قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي يوم السبت إن بكين يجب أن تواجه عواقب إذا كانت "مسؤولة عن علم" عن جائحة فيروس كورونا. من أين تأتي هذه الادعاءات؟ المثير للدهشة، أنها ليست مجرد خيال خصب لمنظري المؤامرة الغامضين أو كتاب السيناريو في هوليوود. يتم نشر هذه الادعاءات أيضا في المؤسسات الإعلامية السائدة. نيل فيرغسون مؤرخ بارز ومفكر عام. كان لدي احترام كبير لعلمه ومعارفه. لذلك كانت مفاجأة كبيرة عندما كتب عمودا في جريدة ((صنداي تايمز)) اللندنية في 5 أبريل بعنوان "دعونا نقترب من شي جين بينغ فلديه إجابات عن أسئلة حول فيروس كورونا الجديد". حسب فيرغسون، أن الحكومة الصينية قد ارتكبت أخطاء فظيعة في بداية أزمة فيروس كورونا الجديد. وطرح فيرغسون بعض الأسئلة المشروعة من وجهة نظره. وقد طرح نقاطا مماثلة في تعليقين ينتقدان السلطات الصينية بشدة. لكنه يطرح سؤالا يختلف عن البقية: "بعد أن اتضح أنه كان هناك وباء كامل ينتشر من ووهان إلى بقية مقاطعة هوبي، لماذا مُنع السفر من هوبي إلى بقية الصين في الثالث والعشرين من يناير، ولكن لم يُمنع من هوبي إلى بقية العالم؟" تعتمد قوة سؤاله على الافتراض الواقعي بأن الصين سمحت برحلات من ووهان إلى بقية العالم ولكن ليس إلى بقية أنحاء الصين بعد الـ23 من يناير. ولكن هل هذه هي الحقيقة؟

وأضاف فيرغسون لدعم هذا الادعاء: "يناير هو دائما شهر الذروة للسفر من الصين إلى أوروبا وأمريكا بسبب عطلة العام القمري الصيني الجديد. وبقدر ما أستطيع أن أقول من السجلات المتاحة، فإن الرحلات المباشرة المنتظمة من ووهان استمرت إلى لندن وباريس وروما ونيويورك وسان فرانسيسكو طوال شهر يناير وفي بعض الحالات حتى فبراير."

لقد فوجئت بالادعاء بأن الصين سمحت برحلات مباشرة منتظمة من ووهان إلى مدن في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بعد أن أوقفت رحلاتها من ووهان إلى بقية الصين.

وبينما أنا حائر، قررت أن أسأل فيرغسون نفسه عما إذا كان الادعاء صحيحا (أنا مدفوع بالفضول الشخصي والاهتمام بالحقيقة، وأنا لا أتصرف مع أي شخص آخر أو نيابة عنه). لقد كنت ساذجا بشأن السياسة الصينية في الماضي، وربما أكون ساذجا مرة أخرى الآن. لذلك أرسلت إليه رسالة مهذبة بالبريد الإلكتروني، أسأله عما إذا كان لديه أي دليل يدعم الادعاء بأن الرحلات الجوية المنتظمة استمرت من ووهان إلى بقية العالم بعد الـ23 من يناير هذا العام.

رد فيرغسون: "يمكنني أن أؤكد لكم أنني لن أكتب جملة كهذه لو لم أكن قد بحثت عنها بشكل كامل ومستفيض." ولدعم ادعائه، أرسل لي عدة أدلة. لكن المصادر التي أرسلها لم تدعم الادعاء بأن هناك رحلات تجارية منتظمة من ووهان إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بعد الـ23 من يناير و "في بعض الحالات حتى فبراير". أرسل لي فيرغسون رابطا لمقالة في ((نيويورك تايمز)). والمثير للدهشة أن هذه المقالة تتضمن جملة واحدة تشير إلى عكس ما يدعي فيرغسون: "سكوت ليو، 56 سنة، وهو من مواطني ووهان ومستورد للنسيج يعيش في نيويورك، أخذ آخر رحلة تجارية في الـ22 من يناير". أرسل فيرغسون أيضا رابطا لمقالة في صحيفة ((Nikkei)) جاء فيها أن السفر الجماعي استمر إلى خارج الصين حتى السابع والعشرين من يناير، لكنه لم يذكر أي شيء عن الطائرات التي تنطلق من ووهان إلى مدن خارج الصين بعد الـثالث والعشرين من يناير. وأرسل لي البروفيسور فيرغسون سجلين لحالة الرحلات من ووهان في يناير أو فبراير. يبدو أن سجلات حالة الرحلات تظهر أن 31 رحلة قد انطلقت من ووهان إلى مدن في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في الثالث والعشرين من يناير أو بعده. لكن تلك السجلات نفسها تظهر أن سجلات "المغادرة المتوقعة" و"المغادرة الفعلية" في ووهان خالية من الركاب لجميع الرحلات الجوية التي غادرت إلى مدن أخرى، بعد رحلة غادرت ووهان إلى باريس في الساعة 11:26 صباحا في الثالث والعشرين من يناير. تجدر الإشارة، أن 26 من أصل 31 رحلة مدرجة بعد 23 يناير، تظهر باللون الأحمر.

لذلك أجريت بحثا في تطبيقUmetrip باللغة الصينية مقدم من CAACNEWS؛ الموقع الإلكتروني لمصلحة الطيران المدني في الصين. وقد راجعت جميع الرحلات الجوية المدرجة في جدول البيانات الذي أرسله البروفيسور فيرغسون لي. وتبين أن أيا من الرحلات الجوية التي يُفترض أنها غادرت من ووهان بعد الساعة 11:26 صباحا في 23 يناير لم تغادر فعليا من ووهان. تم إلغاء الرحلات المدرجة باللون الأحمر في جدول بيانات فيرغسون. الست رحلات المدرجة باللون الأسود غادرت من قوانغتشو، وكانت في الأوقات العادية تتوقف في ووهان في طريقها إلى مطار سان فرانسيسكو الدولي، ولكن تم إلغاء التوقف. يعرض التطبيق مسارات الرحلة الفعلية لتلك الرحلات مباشرة من قوانغتشو، من دون المرور بووهان.

باختصار، "السجلات المتاحة" التي قدمها البروفيسور فيرغسون لا تظهر أن "الرحلات الجوية المنتظمة المباشرة من ووهان قد استمرت إلى لندن وباريس وروما ونيويورك وسان فرانسيسكو طوال شهر يناير وفي بعض الحالات حتى فبراير". لكن السجلات من الموقع الصيني تظهر أن الرحلات الجوية من ووهان إلى بقية العالم قد توقفت حوالي منتصف النهار في اليوم الثالث والعشرين من يناير، وهو نفس اليوم الذي أوقفت فيه الصين رحلاتها من ووهان إلى بقية الصين.

في تواصل لاحق بالبريد الإلكتروني، أضاف البروفيسور فيرغسون نقطة جديدة لم يتم ذكرها في مقاله الأصلي. وقد ادعى أن رحلات من ووهان قد هبطت في موسكو في أيام 26 و29 و31 يناير والثاني من فبراير والـخامس من فبراير. في الواقع، لا يوجد دليل صريح على ذلك. سجلات حالة الرحلات التي قدمها البروفيسور فيرغسون، تظهر أن "المغادرة المتوقعة" و"المغادرة الفعلية" من ووهان خالية من الركاب بالنسبة لجميع الرحلات الجوية التي غادرت إلى مدن أخرى بعد الرحلة التي غادرت من ووهان إلى باريس في تمام الساعة 11:26 صباحا في الثالث والعشرين من يناير، بما في ذلك الرحلات الخمس إلى موسكو.

راجعت تلك الرحلات إلى موسكو مرة أخرى وهي نفس حالة الرحلات الأخرى باللون الأسود بعد الـ23 من يناير: الرحلات الخمس التي كان من المفترض أن تغادر من ووهان إلى موسكو غادرت بالفعل من قوانغتشو. لقد راجعت مسار الرحلة على تطبيق الطيران المدني الصيني وأظهر أن الرحلات الجوية التي غادرت من قوانغتشو لم تتوقف في ووهان. (لقد تحققت أيضا من هذه الرحلات الخمس إلى موسكو والمسافة المذكورة هي 7010 كم. ومسافة الرحلة من ووهان إلى موسكو في التاسع عشر من يناير كانت 6429 كم. لذلك من الواضح تماما أن تلك الرحلات قد غادرت من قوانغتشو إلى موسكو، وليس من ووهان).

لكن فيرغسون واصل دعم ادعائه حتى بعد أن أشرت إلى أن الأدلة التي قدمها لا تؤكد نظريته. هذا أمر مثير للقلق؛ أن نظرية المؤامرة من هذا النوع تصرف الانتباه عن الخطأ الذي حدث بالفعل. للأسف هذا المفكر الأمريكي يغذي شيطنة النظام السياسي الصيني في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى التعاون بين الصين وبقية العالم للتعامل مع جائحة عالمية ملحة في محاولة للتغلب والقضاء عليها.(المصدر: الصين اليوم)

--

دانييل بيل، عميد كلية العلوم السياسية والإدارة العامة في جامعة شاندونغ وأستاذ في جامعة تشينغهوا.