الصفحة الأولى | حجم الخط  

حرب الصين ضد فيروس كوفيد-19: معركة ضروس تخوضها الصين لإنقاذ العالم أجمع وليس الصين فقط

arabic.china.org.cn / 20:15:06 2020-02-17

د.أنس الزليطني شبّح *


17 فبراير 2020 / شبكة الصين / تعيش الصين منذ انفجار أزمة فيروس كورونا الجديد (COVID- 19 ) تحديا صعبا لحماية البشرية والعالم أجمع، حيث اتخذت الصين العديد من الاجراءات لاحتواء المرض والتصدي لعدم انتشاره ليس فقط في الصين بل أيضا لعدم انتشاره في العالم، فالصين خلال هذه الفترة الحرجة، تحاول حماية مواطنيها وحماية العالم أجمع من خطر وهوس فيروس جديد غامض وليس لديه عقار ولا علاج واضح حتى الآن. تعتمد الصين خلال هذه الفترة العصيبة على العديد من الاجراءات والطرق الوقائية لاحتواء المرض، وأهمها الاجراءات الإدارية والصحية والتوعوية. حيث توازن السلطات الصينية بعناية بين الجهود المبذولة للسيطرة على وباء فيروس كورونا الجديد وبين البحث عن كيفية سير الحياة دون أي تأثر في القطاعات الأساسية للسكان من مواد غذائية إلى أمن وعمل ودراسة. وقد اتخذت الصين من سلامة سكانها من صينيين وأجانب، هدفا رئيسيا لها في الوقت الراهن، متناسية كل الحسابات الاقتصادية. لكن فيروس كورونا 2019 قد كشف وجها آخر للعديد من الدول التي لم تنفك عن استفزاز الصين، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي سارعت بإغلاق سفارتها وقنصليتها في الصين، ووضعت قيودا صارمة على القادمين من التراب الصيني، كما أصبح توزيع وعرض الفيديوهات والأخبار الزائفة حول حالة الصين هذه الأيام، الشغل الأساسي لكل الإعلام الأمريكي ومواقع التواصل الاجتماعي الأمريكية، والتي بدلا من أن تساهم في تهدئة الخوف ومساعدة العلماء على إيجاد حلول جذرية للمرض، أصبحت هذه الرسائل الزائفة تزيد من تعميق حالة الذعر والاستفزاز بين صفوف الصينيين والأجانب داخل وخارج الصين.

 

أصدرت الحكومة الصينية منذ الكشف عن فيروس كوفيد-19 العديد من الإجراءات الصارمة للحد من خطورة ذروة تفشي الفيروس، كما قامت بالعديد من الإجراءات الوقائية الفعالة وأهمها الحملات التوعوية اليومية للوقاية من الفيروس، وتحيين يومي للإحصائيات حول تفشي المرض، كما قامت الحكومة الصينية بإصدار قرارات فورية لاحتواء المرض، من تعليق الدروس وتمديد عطلة الربيع إلى تقليل ساعات العمل، وتخصيص مبالغ كبيرة لمكافحة فيروس كورونا، وبناء مستشفيين في مدينة "ووهان". وقد حققت الصين في وقت قياسي العديد من النتائج الإيجابية تجاه الفيروس، حيث تم التوصل في وقت وجيز إلى تحديد تركيبة الفيروس المعقدة، وتحديد طرق العدوى والوقاية، كما حققت الصين منذ بداية فبراير نتائج ملموسة في مكافحة المرض، تتمثل في تزايد عدد المتعافين أمام عدد الموتى، وهو ما ساهم بشكل واضح في كبح جماح تفشي هذا الفيروس بالرغم من زيادة أعداد المصابين، وذلك باعتماد طريقة المعالجة دون الوصول بعد إلى لقاح أو عقار مخصص لهذا الفيروس، وفي مرحلة ثانية تم الوصول إلى أهم نتائج مكافحة الفيروس، حيث تم تسجيل انخفاض في عدد الإصابات المؤكدة اليومية لعدة أيام متتالية. كل هذه النتائج تجعلنا نؤكد أكثر ثقتنا من أن الصين ستنتصر في حربها ضد كورونا، وتبرهن للعالم أنها لم تخسر هذا الرهان رغم سوء النية التي أبدتها الولايات المتحدة ضد الصين. حيث ظهر الفيروس وكأنه سلاح جديد في الحرب الاقتصادية الأمريكية ضد الصين، وهو ما أثبتته أمريكا حتى الآن من خلال تعاملها مع واقع كورونا في الصين، إذ أصدرت الولايات المتحدة تحذيرا للسفر من الدرجة القصوى ضد الصين، وهو ما يزيد من صعوبة التحديات في الوقت الذي يبحث فيه الطرفان عن التقدم في المحاورات والاتفاقيات التجارية، كما قامت أمريكا بإصدار قيود بشأن التجارة والأفراد الصينيين في وقت تحتاج فيه الصين إلى المزيد من المساعدات وليس تصعيد الخناق عليها، وسعى الإعلام الأمريكي وراء التشكيك في نزاهة تناول المعطيات التي تقدمها الحكومة الصينية، كما تم تشويه صورة الصينيّ خارج وطنه، على أساس أن كل صيني هو حامل للفيروس، كما أنه تم توزيع و"فبركة" فيديوهات زائفة حول الأوضاع الغذائية والصحية في "ووهان" وفي بقية المناطق الصينية، وتوجهت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى إلى تزوير واقع ليس بالهين، وخلق بلبلة وذعر في كل الأوساط، في وقت تحتاج الصين إلى المزيد من التشجيع وتعزيز الثقة. كما لم تقدم الولايات المتحدة نية المساعدة الواضحة للصين من خلال تسهيل الإجراءات الاقتصادية أو التعاون العلمي، لكن في القابل تسارعت العديد من الدول إلى إرسال مساعدات مختلفة تحتاجها الصين في هذه الأزمة، إذ أنه حتى الآن، قدمت 33 حكومة و4 منظمات دولية بتزويد الصين من الامدادات الطبية للوقاية من الأوبئة، كما أعلنت 17 حكومة ومنظمة دولية أخرى أنها بصدد التنسيق لإرسال المساعدات الطبية إلى الصين. لكن وبالرغم من تواجد الولايات المتحدة في قائمة هذه الحكومات التي صرحت بها وزارة الخارجية الصينية، لكن لم تقدم أمريكا مساعي كبيرة للتعاون مع الصين والبحث في كيفية فك غموض هذا الفيروس والوصول إلى حل ينقذ الصين والبشرية جمعاء بالرغم من أنها تتميز بثراء خبرتها العلمية.

 

بالرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2009 قد واجهت خطرا مشابها بوضعية الصين الحالية بعد تفشي فيروس H1N1، إلا أن الصين وغيرها من الدول لم تبين أي نية سيئة تجاه الوضع، بل تابع الجميع الوضع باهتمام، وبالرغم من أن الوضع عن تفشي  فيروس H1N1كان أكثر سوءا من كوفيد-19 في الصين، حيث سجل فيروس انفلونزا H1N1 والذي انتشر بسرعة 60 مليون حالة إصابة بالإنفلونزا، مع تسجيل قرابة 12 ألف حالة وفاة في 2009، إلا أن الصين لم تبدي أي سوء نية تجاه الولايات المتحدة في ذلك الوقت،  كما أنه لم يتم إطلاق صرخة فزع للعالم من خوف تفشي انفلونزا الخنازير على أنه فيروس أمريكي بحت، أو طلب عزل الولايات المتحدة، والبقاء من خارجها مكتوفي الأيدي يراقبونها فقط، بل تمّ التعامل مع الوضع على أنه خطر على كل الدول وكل الشعوب.

 

أعتقد أنه لا بد من تكاتف جهود كل الدول لمواجهة فيروس كوفيد -19، فهذا الفيروس ليس معني بالأساس بالصين أو سكانها فحسب، بل هو خطر يحدق بالبشرية جمعاء باختلاف الدول وباختلاف الأديان والأجناس، فعلى الجميع تقديم المساعدات والمعلومات العلمية للحد من خطورة هذا الفيروس، كما أنه لا بد من الفصل والتنازل عن التنافس الدولي أمام سلامة البشرية جمعاء، ولا بد من إبداء ثقة أكبر تجاه كل التدابير والإجراءات التي تطبقها الصين خلال معركتها ضد كوفيد-19، فهي تخوض حربا ضروسا نيابة عن المجتمع الدولي بأسره.

 

*  خبيرة تونسية في الشأن الصيني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号