الصفحة الأولى | حجم الخط  

تعليق: متى تنتهي "لعبة الدجاجة" الخطيرة بين الولايات المتحدة وإيران؟

arabic.china.org.cn / 15:41:30 2020-01-09

بكين 8 يناير 2020 (شينخوا) في نظرية اللعبة، تعتبر "لعبة الدجاجة" نموذجا فعالا لدراسة تقاطعات لاعبين خصمين. أسوأ نتيجة في تلك اللعبة، هي أن يتمادى الخصمان في القتال دون أن يستسلم أحدهما. ويشبه الأمر قيادة سائقين سيارتيهما بسرعة عالية للغاية تجاه بعضهما البعض، اذا أثر أحدهما السلامة وانحرف عن الطريق يصبح خاسرا كونه جبانا ويسمى الدجاجة، أما الآخر الذي يواصل السير على الطريق فيكون هو الفائز.

لكن في الواقع، الاستمرار وعدم الاستمرار في لعبة من هذا النوع على حد سواء يؤدي إلى نتيجة خاسرة. بمعنى آخر، سيصبح اللاعبان محاصرين في موقف غامض. إذا استمرا في اللعبة، سيكون الموت أمرا حتميا. وإذا استمرا في المنافسة، بعد نجاتهما، سيفقدان سمعتهما ومكانتهما، وهو وضع يوازي الموت تقريبا.

ويشكل السجال الراهن بين الولايات المتحدة وإيران واستراتيجيتهما تجاه بعضهما البعض جزءا من هذه اللعبة الخطيرة. في أحدث الحلقات، لم تترك إيران الوقت طويلا للتكهن بردة فعلها على مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني يوم الجمعة في قصف أمريكي في العراق، ونفذ الحرس الثوري الإيراني فجر يوم الأربعاء هجوما صاروخيا على قاعدتين تستضيفان قوات أمريكية في العراق.

بعد تنفيذ الضربة، قال الحرس إن الضربة تشكل خطوة أولى. وقال مستشار الرئيس الايراني إن أي تحرك أمريكي سيؤدي الى حرب واسعة في كل المنطقة. وفي الجانب المقابل، اجتمع ترامب مع فريقه للأمن القومي لبحث التطورات. وقال البنتاغون إنه يواصل تقييم الأضرار.

ويأتي التطور الأخير بعد سلسلة من الأحداث المتصاعدة بين العدوين على الساحة العراقية، بدأت بتعرض قواعد ومصالح أمريكية في العراق لنيران من فصائل موالية لإيران، أسفرت عن مقتل مقاول أمريكي، فردت الولايات المتحدة بضربة قضت على ٢٥ من عناصر الحشد الشعبي المنضوي تحت الجيش العراقي، والذي قامت مجموعات تابعة له بمحاولة لاقتحام السفارة الأمريكية في بغداد، ليبلغ الوضع ذروته الدراماتيكية بالضربة الجوية التي استهدفت سليماني.

حتى الآن، لم يحدث الأسوأ بعد. وبعيدا عن الرد الإيراني الأربعاء والتهديدات المتبادلة، أعلنت إيران يوم الأحد أنها ستعلق التزاماتها بالاتفاق النووي للعام 2015. وفي نفس اليوم دعا البرلمان العراقي الحكومة إلى إنهاء وجود جميع القوات الأجنبية.

وفي سياق التلاسن اللفظي، حاول ترامب أن يدعي أنه شخص لا يمكن التنبؤ به ومزاجي قد يتصرف بطرق مختلفة إلى حد أنه من الممكن أن يذهب بعيدا بضرب مواقع ثقافية إيرانية. وحاولت طهران أن تخلق أجواء غير مستقرة بتهديد الولايات المتحدة بـ"شر انتقام" وجحيم للجنود الأمريكيين" انتقاما لمقتل قائدها.

وبعد أن دعا العراق إلى طرد القوات الأمريكية، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات قاسية على العراق. وذهب إلى أبعد من ذلك قائلا: "لدينا قاعدة جوية باهظة الثمن للغاية موجودة هناك. تكلفت مليارات الدولارات للبناء ... لن نتركها ما لم يدفعوا لنا ثمنها".

لابد أن واشنطن تشعر أن الوضع اليوم في الشرق الأوسط أصعب مما كان عليه قبل أن يقتل سليماني. فقد أدى مقتله إلى سقوط الولايات المتحدة في أسوأ عزلة في المنطقة. وحتى الآن، باستثناء بريطانيا، لم يدعم أي بلد تقريبا أحدث عمليات الولايات المتحدة في العراق.

يرى المراقبون أن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فتحت جبهات جديدة. والنتائج كانت دائما على عكس ما تتوقعه. وربما كان يعتقد ترامب أن موت سليماني يمكن أن يكون بمثابة تحذير لقوى إقليمية أخرى. لكن موته قد أثار الغضب أكثر من الفزع.

وفي وقت يتعين عليه أن يجنح إلى الحوار لحل الخلافات في عالم معولم، يجادل ترامب بأن "إيران خسرت كل الحروب التي خاضتها، ولكنها لم تخسر أية مفاوضات"، في رؤية تعكس أن بلاده لا تزال أسيرة لوجهة نظر جدلية لأمنها القومي. تواصل رفع انفاقها العسكري بشكل مستمر، ولا تزال تعتقد أن القوة العسكرية غير كافية. وبمجرد أن تصبح قوتها العسكرية أقوى، بالكاد تقاوم إغراء تجربتها.

في الرد الأمريكي يوم الجمعة، تجلت الانفعالات النابعة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية. فلابد أن حادث محاصرة السفارة استدعى لدى الزعيم الأمريكي حادث سفارة بنغازي عام ٢٠١٢، الذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي في ليبيا في عهد سلفه باراك أوباما.

وقد استدعى الزعيم الأمريكي أيضا من السجل التاريخي العدائي الأمريكي-الإيراني حادث احتجاز الرهائن الأمريكان في السفارة الأمريكية بطهران عام ١٩٧٩، وهو ما برز في سياق تهديده لإيران بضرب ٥٢ موقعا، نفس عدد الرهائن في تلك الأزمة، التي انتهت فصولها بسقوط المرشح الديمقراطي أيضا جيمي كارتر في الانتخابات لصالح رونالد ريغان.

ووسط إجراءات عزل يقودها الديمقراطيون ضده، يواصل ترامب استكمال سياسته "أمريكا أولا" بعد انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات على إيران، محاولا تقديم نفسه كرئيس قوي و"حامي الحما" حتى لو كان ذلك على حساب دفع الوضع في الشرق الأوسط إلى مزيد من الفوضى. فلا شيء أهم بالطبع من كسب المزيد من الأصوات!

وفي مقابلة له مع راديو ((بي بي سي)) مؤخرا، قال جيرمي هنت، وزير الخارجية البريطاني السابق، عن المواجهة الدائرة بين الولايات المتحدة وإيران" إنها لعبة دجاجة خطيرة تجري في هذه اللحظة لأن الجانبين يدركان أن الجانب الآخر لا يستطيع ولا يرغب في الذهاب إلى حرب".

صحيح أن أحدا لا يريد أن يذهب إلى الحرب ولكن من الصحيح أيضا أن الجانبين مضطران إلى الرد عندما تحدث أشياء مثل هذه. وهذا هو مكمن الخطر في الوضع الحالي. ولابد أن يدرك الجميع أن استمرار المواجهة بهذا الشكل قد يخلق أضرارا جسيمة وكارثية، لن تقف تداعياتها عند حدودهما فحسب، بل ستمتد إلى المنطقة والعالم بأسره.

قد يكون قد أصاب هنت عندما قال أن "المهمة التي يتعين علينا القيام بها كأحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة هي استخدام نفوذنا في الدفاع عن سياسة أمريكية أكثر اتساقا". نعم، هذا هو مربط الفرس، فـ"الولايات المتحدة تبدو في بعض الأحيان ممزقة بين الرغبة في أن تظهر قوية وحاسمة ومؤثرة في كل منطقة في العالم، ورغبة أخرى في إعادة قواتها إلى الوطن، لتقليل المخاطر على حياة الأمريكيين على الأرض".

لقد حان الوقت لأن تنتهي "لعبة الدجاجة" الخطيرة بين الجانبين. وتلتزم الأطراف المعنية بضبط النفس والقواعد الدولية الأساسية الحاكمة للعلاقات الدولية، والبحث عن حل للخلافات من خلال الحوار.

وكما قال عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إن استخدام سياسات القوة في العلاقات الدولية أمر مرفوض، لأن السبل العسكرية تؤدي فقط إلى طريق مسدود. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号