8 يناير 2020 / شبكة الصين / قتل الجيش الأمريكي قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في العراق، الأمر الذي أثار ردود فعل قوية في العالم، حيث أعلنت إيران عن الانسحاب من الاتفاق النووي مع الدول الكبرى وهددت برد قاس، بينما هددت الولايات المتحدة بضرب 52 هدفا هاما في إيران. في حين طالب البرلمان العراقي بإنهاء الوجود العسكري الأجنبي في العراق، وفي الوقت نفسه، أجرى قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا مناقشات عاجلة للتعامل مع الوضع في منطقة الشرق الأوسط.

وبعد مقتل سليماني، تركزت أنظار العالم على منطقة الشرق الأوسط أنظار العالم مرة أخرى. وأصبت هناك عدة أسئلة مطروحة ومقلقة للجميع وأهمها: هل هذه مؤشرات حرب عالمية ثالثة؟ وكيف سيتطور الوضع في هذه المنطقة؟

1. ما هي عواقب انسحاب إيران من الاتفاق النووي؟

قال السفير الصيني السابق لدى إيران "هوا لي مينغ" إنه بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى في عام 2018، لا تزال إيران تلتزم بالاتفاق في ذلك الوقت، ولكن مع استئناف الولايات المتحدة عقوباتها على إيران، وخاصة بعد مقتل سليماني، أكدت إيران أنه غير الضروري الالتزام بالاتفاق. وفي هذا السياق قال "هوا لي مينغ" إن موقف إيران هذا سيجعل الدول الأوروبية تعيد تقييم الوضع الحالي في منطقة الشرق الأوسط. حيث اتصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هاتفيا بقادة الدول مثل بريطانيا وفرنسا لدعوتهم إلى دعم الولايات المتحدة.

ومن جانبه، قال الباحث في معهد الصين للدراسات الدولية "دونغ مان يوان" إن إيران تسعى إلى انتعاش الاقتصاد المحلي كهدف رئيسي لها، وعلى الرغم من أن مقتل سليماني قد أدى إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، إلا أن إيران لا تزال ترغب على المدى الطويل في تخفيف العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، ولتحقيق ذلك، قد تُغير إيران إجراءاتها الحالية.

2. كيف تنتقم إيران لمقتل سليماني؟

أكد "لي هاي دونغ"، أستاذ في كلية العلاقات الدولية للمعهد الدبلوماسي الصيني، أن إيران لديها الكثير من الحلفاء في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يعني أنه يمكن لإيران هز مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من خلال حلفائها.

لكن يرى "دونغ مان يوان" أنه بالرغم من غضب الشعب الإيراني من مقتل سليماني، ستكون الإجراءات الانتقامية للسلطة الإيرانية بشكل "منظم". حيث أنه في المستقبل القريب، قد تتعرض المؤسسات أو الوكالات الأمريكية في المنطقة للهجوم من قبل "قوات مجهولة"، ولكن إذا ردت الولايات المتحدة على هذه الهجمات في حالة عدم وجود أي دليل، سوف تفقد الثقة في المنطقة، مما يزيد من مشاعر الحقد والعدائية تجاه الولايات المتحدة، وذلك حسب "دونغ مان يوان".

3. كيف تتعامل الولايات المتحدة مع رد إيران؟

كانت الولايات المتحدة تريد قتل سليماني منذ فترة طويلة، ويعتقد "هوا لي مينغ" أن مقتل سليماني قد يثير انتقام الجانب الإيراني ويتسبب في اضطرابات في الشرق الأوسط، مؤكدا أن "الأمريكيين ربما لم يفكروا في هذه العواقب بشكل جيد قبل اغتيال سليماني".

وفي نفس السياق قال أيضا "دونغ مان يوان" إن الولايات المتحدة قد تفكر في وقف العمليات العسكرية بعد اغتيال سليماني، ولكن في مواجهة تهديد إيران بالثأر والانتقام، اضطرت إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة للرد، حيث هددت الولايات المتحدة بضرب 52 هدفا هاما في إيران.

وحول إمكانية استمرارية الصراع الأمريكي-الإيراني وتصاعده، قال "لي وي جيان" نائب مدير الجمعية الصينية لدراسات الشرق الأوسط إن مقتل سليماني أدى إلى تفاقم العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، ولكن في الوقت الحالي، ينهمك ترامب في حملته للانتخابات 2020، كما أن إيران لا تستطيع مواجهة الولايات المتحدة بمفردها، لذلك، هناك أمل كبير بأن الطرفان سيتجنبان اندلاع حرب كبرى، حيث لا يستطيع أي طرف تحمل أي عواقب وخيمة في الوقت الحالي.

4. لماذا وافق البرلمان العراقي على إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد؟

شنت الولايات المتحدة حربا على العراق في عام 2003 بدون موافقة مجلس الأمن الدولي. وترك الجيش الأمريكي دولة ممزقة بعد انسحابه من العراق عام 2011. وفي هذا السياق قال "هوا لي مينغ" إن الجيش الأمريكي كان "جيشًا عدوانيًا" في العراق ولم يحقق أي فائدة للسكان المحليين، وقد قتل مؤخرًا ضباط إيرانيين على أراضي البلاد، متجاهلاً سيادته ووحدة أراضيه، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى التوتر بين البلدين.

وقال "لي هاي دونغ"، إن العراق دولة ذات غالبية شيعية مثل إيران، مما يعني أن البلدين متقاربان في قيمهما. ولكن لامتداد التدخل المستمر للقوى الأجنبية في العراق لفترة طويلة، جعل السلطات العراقية مقيدة للغاية في اتخاذ القرارات ذات الصلة. لذلك، فإن العراق سيواجه مأزقا في ظل الصراع بين الولايات المتحدة وإيران.

وحول سبب إقرار العراق إنهاء وجود القوات الأجنبية أكد "دونغ مان يوان" أن هذا الإجراء يهدف إلى حماية سيادة البلاد ولا يعني إنهاء عمليات مكافحة الإرهاب. لأن الأولوية القصوى للعراق هي حماية سيادة البلد وسلامته الإقليمية وأمنه.

5. إلى أين يتجه الوضع في الشرق الأوسط بعد تصاعده المفاجئ؟

يرى "دونغ مان يوان" أنه بعد مقتل سليماني، ارتفعت أسعار النفط العالمية بأكثر من 3٪. ومع ذلك، فإن تأثير النزاع الأمريكي الإيراني على سوق إمدادات الطاقة الدولية محدود نسبيا على المدى الطويل وذلك لأسباب عدة. أولا العرض أكبر من الطلب في سوق النفط. ثانيا، تسببت الحمائية الأمريكية في حدوث انكماش اقتصادي شامل في العالم. ثالثًا، لقد تم في الواقع استبعاد إيران من سوق النفط الدولي بسبب العقوبات الأمريكية.

وحول تغيرات الوضع في الشرق الأوسط، أكد "لي وي جيان" أنه سيتم إعادة توازن القوى في الاضطرابات، ولكن لن تكون هناك تغيرات جوهرية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التغيرات المستقبلية في السياسة الأمريكية تجاه إيران ستكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالوضع الداخلي في الولايات المتحدة. ولكن بغض النظر عما إذا كان ترامب سيربح في الانتخابات القادمة أو لا، فإن العلاقات الأمريكية الإيرانية لن تتغير كثيرا.

كما أكد "لي " أن تأثير الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قد ضعف منذ أكثر من عام، ولا يبدو أن العديد من الدول قد أيدت تدابير ترامب بشأن القضية الإيرانية. وفي المستقبل، سيكون للتغيرات في الوضع الدولي تأثير أكبر على المنطقة.