بيروت 26 نوفمبر 2019 (شينخوا) أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وزعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري عزوفه عن تشكيل حكومة في البلاد بعد استقالته في 29 أكتوبر الماضي ، وقال في بيان " ليس أنا بل أحد آخر لتشكيل حكومة تحاكي ‏طموحات الشباب" رافضا تحميله مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة.

ودعا الحريري في بيان إلى إجراء استشارات برلمانية لتسمية رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة "التي يفرضها الدستور وينتظرها اللبنانيون ويطالبون بها منذ استقالة الحكومة الحالية"‎.

وانتقد "حالة الإنكار المزمن الذي تم التعبير عنه في مناسبات ‏عديدة طوال الأسابيع الماضية" وقال إنها منعت البدء بالمعالجة ‏الجدية لمطالب الحراك واستقالة الحكومة في إشارة إلى تأخر الرئاسة في إجراء الاستشارات البرلمانية.

ووصف حالة "الإنكار" بأنها "أخطر ‏من الأزمة الوطنية الكبيرة والأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها بلدنا" بعد 40 يوما على احتجاجات اللبنانيين وقرابة الشهر على استقالة الحكومة التي أكد أنها "جاءت استجابة ‏لصرخة المحتجين وافساحا في المجال لتحقيق مطالبهم المحقة" .

وقال الحريري في بيانه إنه "ازاء هذه الحالة الخطيرة، والمانعة لتفادي الأسوأ سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا ‏وجدت أنه من واجبي أن أصارح اللبنانيين" آملا أن تكون "المصارحة ‏مدخلا لتحريك عجلة المعالجات وفتح الباب أمام البدء بالحلول السياسية والاقتصادية الضرورية‎ ".

وأشار إلى أن "حالة الإنكار المزمن بدت وكأنها تتخذ من مواقفي ومقترحاتي للحل ذريعة للاستمرار في تعنتها ‏ومناوراتها ورفضها الاصغاء إلى أصوات الناس ومطالبهم المحقة‎‎".

ولفت إلى أن " إصرار الناس على محاسبة من في السلطة اليوم، وأنا منهم، وتغيير التركيبة الحكومية، وأنا ‏على رأسها، أو بالحد الأدنى تحسين أدائها ومراقبته" ، يجدون في المقابل "من يريد إلا التصويب على من ‏كانوا في السلطة قبل 30 عاما‎. "

وأشار إلى أنه لم يكن يرى حلا للخروج من الأزمة الإقتصادية الحادة إلا ‏بحكومة اخصائيين وأنه رشح من رأه مناسبا لتشكيلها ثم تبنى ترشيحا تلو الآخر لمن من شأنه ‏تشكيل حكومة "تكنو سياسية " ، مشيرا إلى أنه تمت مواجهته "بأنني أتصرف على قاعدة "أنا أو لا أحد".

وشدد على أن "أسوأ الإنكار هو أن من يعرفون كل هذه الوقائع ما زالوا يتحججون تجاه الرأي العام بأنهم ‏ينتظرون قرارا من "سعد الحريري المتردد" لتحميلي زورا وبهتانا، مسؤولية تأخير تشكيل ‏الحكومة الجديدة"‎.‎

وأشار إلى أنه " إزاء هذه الممارسات عديمة المسؤولية، والعديد من الأمثلة الأخرى التي لا مجال لتفصيلها اليوم، ‏أعلن للبنانيين أنني متمسك بقاعدة " ليس أنا، بل أحد آخر" لتشكيل حكومة تحاكي ‏طموحات الشباب والشابات" مشيدا بـ"الحضور المميز للمرأة اللبنانية التي تصدرت الصفوف في كل ‏الساحات لتؤكد جدارة النساء في قيادة العمل السياسي".

وأمل الحريري بعد إعلان قراره "الصريح والقاطع" أن يبادر فورا الرئيس اللبناني ‏"المؤتمن على الدستور وعلى مصير البلاد وأمان أهلها إلى الدعوة للاستشارات ‏النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة جديدة" ، متمنيا "لمن سيتم اختياره التوفيق الكامل ‏في مهمته".‏

وعقب إذاعة بيان الحريري قال أمين عام "تيار المستقبل" أحمد الحريري إن "بيان الرئيس سعد الحريري هو خطوة في اتجاه ايجاد ثغرة في الجدار المسدود وإعلان واضح بوجوب التزام الدستور والدعوة ‏إلى استشارات لدرء الفتنة والتصدي للأزمة الاقتصادية والمعيشية".‏

وأضاف "بناء على توجيهات الرئيس الحريري نهيب بالجميع التزام حدود القانون ومقتضيات السلم ‏الأهلي وتجنب أي ردات فعل في الشارع أو سواه".

وكانت الفترة الماضية التي اعقبت استقالة حكومة الحريري تجاذبات سياسية تم التلميح خلالها إلى أن التأخير في إجراء الاستشارات البرلمانية لتسمية رئيس حكومة جديد تنتظر أجوبة من الحريري.

ويشهد لبنان احتجاجات متواصلة كانت اندلعت في 17 أكتوبر الماضي رفضا لفرض ضرائب جديدة وتردي الوضع الاقتصادي مما أدى لاستقالة الحكومة في 29 أكتوبر الماضي مع تصاعد المطالب بتشكيل حكومة خبراء انتقالية لتحقيق اجراءات اصلاحية ومكافحة الفساد والهدر في الأموال العامة واسترداد "المنهوب" منها ورفع السرية عن حسابات السياسيين المصرفية وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

وبعد استقالة الحكومة دخل لبنان في حلقة مفرغة في مسار إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وسط صراع بين اتجاهين يرى احدهما وجوب التجاوب مع مطالب الحراك الشعبي الجاري في البلاد بتشكيل حكومة خبراء غير سياسية "تكنوقراط" فيما يرى الاتجاه الآخر بوجوب أن تكون مختلطة "تكنوسياسية" وتضم خبراء وممثلين عن القوى السياسية الممثلة في البرلمان لحصولها على ثقته وبالتالي على دستوريتها.

وكان قد سبق أن اعلنت الرئاسة اللبنانية أن إجراء الاستشارات البرلمانية لتسمية رئيس وزراء مكلف بتشكيل الحكومة يرتبط بنتائج مشاورات سياسية تجريها في هذا الصدد تلافيا لأزمة تأليف تعقب التكليف.