من يقف وراء الاضطرابات في هونغ كونغ؟ arabic.china.org.cn / 16:52:28 2019-08-16
د.أنس الزليطني شبّح* 16 أغسطس 2019 / شبكة الصين / تشهد هونغ كونغ منذ أسابيع اضطرابات تُعتبر الأعنف في تاريخها منذ عودتها إلى "الوطن الأم" سنة 1997، وقد نددت الحكومة الصينية بشدة أعمال العنف التي تسببت في تعطيل الحياة اليومية في هونغ كونغ، بل بلغت حدود العنف وعدم الاستقرار الأمني في المنطقة والذي من شأنه الضرر بالعديد من المستويات منها الاقتصادي والأمني وأهمها المستوى الاجتماعي. لكن ما يجعل اضطرابات هونغ كونغ غير واضحة بالنسبة لمتابعي الأوضاع في المنطقة، هو ضبابية مطالب المتظاهرين إلى حد كبير نظرا لعدم توقفهم على التصعيد رغم إعلان حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة إيقاف إجراء قانون "الجناة الهاربين" الذي اتخذته هونغ كونغ للتعاون مع المناطق والبلدان الأخرى في نقل الجناة الهاربين، لكن المتظاهرين لم يتوقفوا على التصعيد، بل وأخذت المطالب منحى الشغب والعنف الشديد ورفع علم الولايات المتحدة، شعارات أمريكية بين صفوف المتظاهرين، ما فتح أبواب الشك في أن الأوضاع في هونغ كونغ ليست قائمة على مطالب وحراك داخلي بل هي مدعومة من قبل قوى وأيادي خارجية. بل إن سلسلة التدخلات الأمريكية في القوانين والأوضاع في هونغ كونغ زاد من صحة هذه الشكوك، حيث أنه وفقا للتقارير الإعلامية، انتقد القنصل الأمريكي العام في هونغ كونغ وماكاو أعمال حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة حول تعديل قانون "الجناة الهاربين" ومبدأ "دولة واحدة ونظامين". ثم التقى نائب الرئيس الأمريكي بيل بيرنز بأفراد المعارضة من هونغ كونغ في الولايات المتحدة وذلك في شهر مارس من العام الجاري. لتليها بعد ذلك مقابلة جمعت وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بشخصيات معارضة في هونغ كونغ ومناقشة نقاط ومحتوى التعديات التي أدخلت على منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاص وذلك في مايو 2019. كل هذه المقابلات والتدخلات تعتبر تدخلا واضحا في الشؤون الصينية الداخلية، وهو مرفوض وبشدة من الجانب الصيني، نظرا لأن هونغ كونغ هي جزء لا يتجزأ من الصين. ثمة كثير من العوامل يمكن أن تكون سببا لفتح أبواب الشك، لكن أهم العوامل من حيث التوقيت هي الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة على الصين، حيث أن الأزمة الأمنية التي تعيشها هونغ كونغ خلال هذه الفترة ليست وليدة حراك ومطالب اجتماعية واضحة أو بقيادة "زعيم حركة" يمثل مطالب المتظاهرين، بل هي تأجيج خارجي ازداد حدة إثر فشل الولايات المتحدة في العديد من المناسبات للتشاور الفعال مع الصين، وأهمها الجولة الـ12 من المشاورات التجارية رفيعة المستوى بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في الأول من أغسطس الجاري في شانغهاي، والتي أقيمت بعد أسابيع قليلة من قمة العشرين 2019 في أوساكا اليابانية، لتتواصل التجاذبات التجارية بين البلدين وتصل إلى قرار أمريكي بإضافة رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع الصينية، ثم تشتد التجاذبات أكثر بين الطرفين إثر انخفاض اليوان الصيني لأدنى مستوى له منذ 11 عاما، الأمر الذي اعتبرته الولايات المتحدة "تلاعبا بالعملة"، وهذا التصنيف رفضته الصين بشدة، واعتبره بيان صادر عن بنك الشعب الصيني "ممارسة تعسفية أحادية وحمائية وتضر بشدة بالقوانين الدولية وسوف تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية". إن فشل الولايات المتحدة في تعجيز الصين خلال سلسلة من المضايقات في خضم "الحرب التجارية"، جعلها تتوجه إلى أهم المناطق الاقتصادية الصينية للتضييق على مسار نجاح اقتصادي متكامل تحت مبدأ "دولة واحدة ونظامان". حيث أن تصريحات المسؤولين الأمريكيين لم توجه أي إدانات ضد أعمال العنف والشغب في هونغ كونغ، بل احتوت تصريحاتهم على ايماءات وتوجيهات حول مقاومة الشرطة لأعمال العنف، لكن لم نر حتى الآن تصريحات من هؤلاء المسؤولين تندد بالأضرار التي لحقت حتى الصحفيين الصينيين الذين يغطون الأوضاع في هونغ كونغ وآخرها صحفي من صحيفة "غلوبل تايمز" الصينية الذي تعرض لأعمال عنف من قبل المتظاهرين في هونغ كونغ. إن الأوضاع في هونغ كونغ هي صورة لفشل الولايات المتحدة الأمريكية في التضييق على الصين وبحثها عن أمل آخر لتعجيز الأخيرة، حيث توجهت إلى "تأجيج الشارع" في هونغ كونغ ظنا منها بأنه يمكن ضرب الاقتصاد الصيني من خلال اضطرابات أمنية واجتماعية في أهم المناطق الاقتصادية الصينية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * خبيرة عربية في الشؤون الصينية
|
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |