الصفحة الأولى | حجم الخط  

تحقيق إخباري : مقهى لأطفال متلازمة "داون" بدمشق يدخل البهجة في نفوسهم ويسعى لدمجهم في المجتمع

arabic.china.org.cn / 22:46:11 2019-08-10

دمشق 10 أغسطس 2019 ( شينخوا) وقف الطفل أحمد المصاب بمتلازمة "داون" أمام شارع طويل يفضي إلى مقهى افتتح في حديقة تشرين بدمشق مبتسما وبوجه بريء يدعو الناس لزيارة المقهى لتناول القهوة، ويعمل جاهدا لإقناعهم بالدخول من خلال عبارات بسيطة يرددها أحمد وقسم كبير منهم يلبون الدعوة.

لا تتخيل حجم الفرحة التي تترسم على وجه أحمد البالغ من العمر 13 عاما ، عندما يدخل أي شخص إلى هذا المقهى الذي يعمل به عدة أطفال مصابين بمتلازمة "داون" ، وما هي حجم الدهشة حقا التي يفاجئ بها الزبون ، عندما تأتي اليه فتاة أسمها آية ، وتسأله ما هو مشروبك المفضل، وهي تحمل بيدها دفتر صغير وقلم ، وترتدي زيا خاص للعمل في هذا المقهى الذي تغمره الآلفة والتعاون لإعطاء صورة مختلفة عن هؤلاء الأطفال المصابين بتلك المتلازمة .

وبداخل المقهى الذي افتتح خلال مهرجان " الشام بتجمعنا " في أكبر حديقة بدمشق ، توزع أكثر من 15 طفلا وطفلة مصابين بمتلازمة "داون" ، بين عدة طاولات افترشت مساحة لابأس من الأرض مكسوة بالعشب الأخضر ، وأضواء ملونة ، تعطي جوا لهذا المقهى الذي يعد سابقة في دمشق بتشغيل هؤلاء الأطفال بأعمال تتطلب مهارة خاصة .

ويعد هذا النشاط جزءًا من مبادرة من جمعية جذور ، وهي منظمة خيرية محلية تدير عدة مشاريع إنسانية ، أحدها ينظم فعاليات للأشخاص المصابين بمتلازمة "داون".

حركة نشطة ، يقوم بها الشبان والشابات بمختلف الإعمار ، يتنقلون بين الطاولات ، والابتسامة البريئة مرسومة على وجوهم ، لإيصال رسالة بأنهم قادرون على القيام بأعمال مختلفة ، وعلى المجتمع تقبلهم وتغيير نظرته لهم .

والشيء اللافت للنظر أن أهالي هؤلاء الشبان والشابات يحضرون يوميا إلى تلك الحديقة لمرافقة أولادهم ، ومشاهدتهم وهم يعملون وينخرطون في سوق العمل ، سيما وأن هؤلاء الأطفال لأول مرة يتقاضون مرتبات ، تشعرهم بأنهم مثل أقرانهم الاصحاء .

وقالت خلود رجب رئيسة جمعية جذور في تصريحات خاصة لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق إنه " بالنسبة لمقهى "سوسيت" هو مشروع رائد على مستوى سوريا من حيث الفكرة ، وأردنا من خلاله إيصال عدة رسائل من أهمها عملية دمج هؤلاء الأطفال المصابين بمتلازمة "داون" مع الجمهور وتغيير الصورة النمطية عنهم ، إضافة إلى ذلك نسعى إلى تمكينهم من الناحية النفسية لتطوير أدواتهم ، كي يرى المجتمع أن هذه الشريحة تمتلك طاقات هائلة ولديهم القدرة التفوق على أنفسهم " .

وتابعت خلود رجب تقول إن " الهدف الأخر لهذا المقهى هو دخولهم في سوق العمل " ، مشيرة إلى أن التجربة كانت إيجابية على مختلف الأصعدة بالنسبة للأطفال والأهل والمجتمع .

وأكدت أن الكثير من الناس تغيرت عندهم الصورة الذهنية عن هؤلاء الأطفال ، لافتة إلى أن معظمهم عبروا عن سعادتهم عندما رأوا هؤلاء الأطفال وهم يقدمون القهوة أو المشروبات الأخرى بكل رصانة وهدوء وثقة .

وأشارت إلى أن هؤلاء الأطفال لهم حقوق علينا أن نبرزها ، منها حق التعلم وحق العمل ، مبينة أن هؤلاء لديهم طاقات هائلة ومعظمهم أبطال أولمبياد ، وفروسية وسباحة .

وقالت " ما يهمنا من خلال هذا المشروع هو أن يكون مستدام ، وأن يكون هناك مقهى دائم يؤمن لهم فرص عمل دائمة ، والعمل جاري على ذلك وقريبا سيكون هناك مقهى دائم لهم في دمشق وليس مقتصر على المهرجانات " .

ومن جانبها روت نوال الجابي ، وهي سيدة ستينية بالعمر ، ووالدة لأحدى الفتيات ، كيف كانت تخجل من أصطحاب ابنتها إلى أي مكان خشية أن يعرفوا بأن ابنتها معاقة .

وقالت الجابي ، التي جاءت إلى المقهى كي تراقب ابنتها رولا ، وهي تعمل بنشاط وفرح " لم أكن أتوقع إنها قادرة على العمل ، والانسجام مع الآخرين "، مؤكدة أنها تفاجأت بابنتها وهي تعمل وتحمل صينية القهوة ، وتقدمها للزبائن بكل ثقة .

وأضافت إن " هذه التجربة مهمة جدا وتركت أثرا طيبا في نفوسهم " ، مبينة أن الأشخاص الذين يساعدوهم على العمل ، يعاملونهم بكثير من الحب وكأنهم أخوة لهم .

وقالت رولا لوكالة أنباء ( شينخوا) وهي ترتدي الزي الخاص بالعمل " أنا مسرورة جدا بالعمل في هذا المقهى ، وأصبح عندي أصدقاء أتحدث اليهم ونعمل سوية " .

وأشارت إلى أنها كانت تعمل في المنزل ، وتعد الطعام مع أمها ، مؤكدة أنها ستستمر بالعمل .

وبدوره صرح مهند ، 26 عاما ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأنه عادة ما يقيم في داخل البيت ، ولا يفعل أي شيء.

قال إنه سعيد الآن لأنه يستطيع فعل أي شيء يمكن أن يشغل به وقته ويساعده على مقابلة أشخاص خارج دائرة أسرته.

وأضاف مهند "كنت أبقى في المنزل ولا أفعل شيئًا ، لكنني هنا أعمل لاستضافة وتقديم القهوة والشاي ونسكافيه وأنا سعيد بهذا الأمر وكذلك بأصدقائي هنا".

وتتمتع صديقته آية بابتسامة جميلة تحافظ عليها طوال الوقت.

تعرف كم هي جميلة وهي تجتذب وتدعو الناس إلى المقهى لتجربة قهوتهم.

وقالت لوكالة أنباء (شينخوا)"يمكنني صنع الكابتشينو والعصير وأنا سعيدة للغاية."

وتابعت تقول إنها تحب الرسم وأنها في يوم من الأيام ستكون فنانة.

وفي أوقات الفراغ يجتمع هؤلاء الأطفال ، ويغنون وبعضهم يرقص بحركات عفوية ، وسط جو من الفرح والدهشة من قبل الأهل والحضور الذي يراقب حركاتهم بكل سرور .

يذكر أن أصحاب متلازمة " داون" يتسمون بمجموعة من الصفات الجسدية والنفسية الناتجة عن مشكلة في الجينات تحدث في مرحلة مبكرة ما قبل الولادة يكون الأطفال الذين يعانون من هذه المتلازمة لهم ملامح مميزة في الوجه وقصر في الرقبة وتتفاوت حدة علامات المرض من مريض إلى آخر لكنها بين الخفيفة جدا والمتوسطة ونسبة الذكاء لديهم تكون أقل من المعدل الطبيعي .



   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号