الصفحة الأولى | حجم الخط  

مقالة خاصة : أيزيديون يتعاونون مع "يونيماس" لإعادة الحياة في مدينتهم المنكوبة

arabic.china.org.cn / 08:38:23 2019-08-05

سنجار، العراق 4 أغسطس 2019 (شينخوا) تحت أشعة الشمس المحرقة في صيف العراق يقوم شباب وشابات أيزيديون بأعمال خطرة بقرى تقع في أطراف بلدة "سنجار" القريبة من الحدود مع سوريا، بهدف إعادة الحياة إلى طبيعتها لمجتمعهم الذي عانى الكثير على أيدي التنظيم " داعش " المتطرف.

ورغم أن تنظيم "داعش" ولى ودحر منذ خمس سنوات في تلك المناطق، التي يسكنها الأيزيديون، إحدى الأقليات بالعراق، إلا أن مخلفاته ومخلفات الحرب التي أدت إلى طرده من المناطق التي كان يحتلها، لا تزال تهدد حياة العديد من المدنيين الأبرياء بالخطر وتمنع عودة الناس إلى منازلهم.

ومن خلال مشروع دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (يونيماس) اجتمعت مجموعة من الشباب والشابات من الإيزديين للعمل على إزالة مخاطر هذه المتفجرات من مدينة "سنجار"، التابعة لمحافظة نينوى شمالي العراق، والقرى المحيطة بها.

وكان تنظيم " داعش" قد اقتحم في الثالث من أغسطس من عام 2014 بلدة "سنجار" ذات الغالبية الإيزيدية، وقتل آلاف الإيزيديين واختطف النساء وجند الأطفال الصغار في صفوفه.

وبعد الحرب التي أسفرت عن طرد التنظيم من مركز " سنجار" عام 2015 على أيدي قوات البيشمركة الكردية، ثم طرده من القرى المحيطة بالبلدة عام 2017 من قبل القوات العراقية، بقيت مخلفات المتفجرات متناثرة في تلك المناطق ما أدى إلى إعاقة عودة النازحين لديارهم وزراعتهم لأرضهم فكانت الخسارة مضاعفة.

وبالرغم من خطورة هذا العمل والظروف الصعبة التي تحيط به نتيجة ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 45 درجة مئوية وانتشار البعوض والحشرات، وخطورة انفجار العبوات عليهم، إلا أن هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (20 و25 سنة) يتحدون كل هذه المخاطر لخلق بيئة آمنة لعودة النازحين لمناطقهم، فضلا عن سعيهم لتحسين الواقع الاقتصادي المتدني لعوائلهم نتيجة البطالة وعدم وجود فرص عمل.

ومنذ إعلان هزيمة التنظيم المتطرف في ديسمبر عام 2017، قامت (يونيماس) بتطهير أكثر من 1100 موقع حيوي في العراق شملت العديد من الجسور ومحطات للمياه والطاقة الكهربائية ومستشفيات ومدارس وغيرها من المواقع التي كان التنظيم المتطرف يستخدمها كمعاقل له ويخزن فيها المتفجرات.

"قبول التحدي وتذكرة العودة"

قبل هؤلاء الشباب التحدي رغم خطورة العمل لأن أي خطأ غير محسوب سوف يؤدي إلى فقدان حياة هذا الشاب أو تلك الشابة، إلا أن هدفهم السامي في مساعدة النازحين الذين أجبروا على ترك منازلهم ومزارعهم دفعهم للقبول بهذا العمل الخطير.

وقال سيدو خلف، نائب قائد فريق إزالة المتفجرات لوكالة أنباء ((شينخوا)) " بصراحة هذا العمل خطر للغاية، وأمي لا ترغب بأن أمارسه لخطورته ، لكنني الوحيد في العائلة الذي اتيحت له فرصة عمل"، مبينا أن إعالة عائلته تشكل أولية بالنسبة له، فضلا عن رغبته بالمساهمة في إعادة النازحين إلى مناطقهم.

وعندما اجتاح مسلحو التنظيم المتطرف بلدة "سنجار" قاموا بتدمير مزرعة عائلة خلف التي كانت تعتمد عليها في العيش، وقذفوهم إلى حياة المخيمات والنزوح التي استمرت أكثر من 4 سنوات.

وأضاف خلف " توجب علينا النزوح إلى محافظة "دهوك" شمالي العراق ، حيث سكنا في هيكل منزل غير مكتمل، ثم في خيمة لمدة 4 سنوات".

وخلف في بداية العشرينات من عمره وهو المعيل الوحيد لعائلة مكونة من 8 أشخاص، ولا يوجد لديه خيار أخر سوى الدخول في هذا الطريق الخطر من أجل إعادة بناء حياته بعيدا عن ظلال الحرب.

وتابع خلف " أي شخص محتاج يتوجب عليه العمل بغض النظر عن العواقب حتى لو كان الموت منتظرا".

ويعد مشروع (يونيماس) لإزلة الألغام ليس مجرد مصدر دخل لعشرات المشاركين فيه من الإيزيديين بل هو أيضا تذكرة عودة إلى مناطقهم لاستئناف حياتهم الطبيعية، بعيدا عن ويلات الحرب الدامية.

وأوضح خلف أن مجموعة من العوائل الريفية قد عادت إلى قراها وبدأوا بزراعة أرضهم بعدما تم تطهير الشوارع والمدارس والأراضي من العبوات والمتفجرات التي خلفها التنظيم المتطرف في القرى التابعة لسنجار.

يذكر أن العبوات الناسفة والمواد المتفجرة التي تركها التنظيم المتطرف تعد أحد الأسباب الرئيسية التي تحول دون عودة العديد من النازحين إلى مناطقهم، وفقا للأمم المتحدة، التي وصفت بعض المناطق بأنها بيئات غير آمنة ويحتمل تلوثها بمخاطر المتفجرات.

ورفعت القوات العراقية وفرق الأمم المتحدة ومتطوعون أكثر من 120 ألف لغم وعبوة ناسفة من مناطق عدة في البلاد كانت خاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف منذ مطلع 2018، وفقا لما كشفه مسؤولون عراقيون، موضحين أن التوقعات تشير إلى وجود ما لا يقل عن نصف مليون جسم متفجر في الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك، تتخذ أشكالا وهيئات مختلفة تعتبر الخطر الأول على حياة السكان.

"الاستعداد لصناعة السلام"

وتبدي الشابة فادية مراد البالغة من العمر 24 سنة وأم لطفلة مريضة رغبتها الشديدة في صناعة السلام وتوفير بيئة آمنة من أجل عودة الناس لممارسة حياتهم الطبيعية في حقولهم وقراهم.

وقالت فادية مراد لوكالة أنباء ((شينخوا)) في ردها عن شعورها بالانضمام إلى جهود إزالة الالغام " أنا لست خائفة من هذا العمل، وفي الحقيقة شعرت بسعادة وفخر عندما وجدت عبوة ناسفة لأول مرة في المنطقة، وكانت عبارة عن شاحن وضع تحت جرافة " وارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة تدل على سعادتها بهذا العمل.

وخلال مرافقتنا لفرق إزالة المتفجرات والاطلاع على عملهم كانت فادية مع زملائها يعملون في قرية "عين طلاوي"، وهي قرية نائية على أطراف "سنجار" ، حيث كانوا يقومون بتطهير مدرسة من المتفجرات كان التنظيم المتطرف قد اتخذها مقرا له قبل سنوات.

ويلبس هؤلاء الشباب البدلات العسكرية ذات اللون الزيتوني والدورع الواقية من المتفجرات والنظارات الشمسية ويضعون القبعات فوق رؤوسهم للوقاية من أشعة الشمس، ويتقدمون بثبات ويطهرون المدرسة غرفة بعد أخرى تحت إشراف خبراء متفجرات أجانب من شركاء (يونيماس).

ويجثم الشباب أثناء عملهم على ركبهم أمام أبواب الغرف المتهالكة ويحملون بأيديهم قطع أسلاك معدنية يستخدمونها كمجس للكشف عن أي متفجرات بالاضافة إلى مرايا صغيرة للنظر إلى زوايا الغرفة لتجنب وقوع أية حالة انفجار مفاجيء قد تؤدي إلى فقدان حياتهم.

وخلال تقدمهم داخل الغرفة يقومون بوضع علامات دلالة يخلقون بها مسارات آمنة للبحث عن المتفجرات في صفوف المدرسة.

وأضافت فادية مراد وهي من أقدم من يعملون في فرق البحث عن المتفجرات "يجب النظر بهدوء وإمعان إلى أطراف الأبواب بحثا عن ما يسمى بـ "سلك العثرة" ومن ثم نبدأ خطوة بخطوة بمعاينة الغرفة بحثا عن المعدات التي يمكن أن توضع فيها المتفجرات".

إلى ذلك قال كيفن ستريكر مدير عمليات في شركة (جي فور أس) وهي شريك يونيماس "هؤلاء الشبان يقومون بعمل عظيم، وقد وجدوا العديد من المتفجرات الخطرة حتى الأن"، مبينا أن الشركة تتصل بالقوات العراقية لأخذ ما يتم العثور عليه من المتفجرات والمخلفات الحربية لتدميرها في مكان آمن.

وحتى الأن قام هؤلاء الشباب بتطهير ثلاث قرى وهي الوردية وعين فتحي والحاتمية من المتفجرات ما سهل العودة الفعلية لبعض العوائل الى تلك القرى.






   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号