الصفحة الأولى | حجم الخط  

تحقيق : آثار النمرود التاريخية المهمة شمالي العراق تعاني الإهمال

arabic.china.org.cn / 08:41:04 2019-06-20

الموصل، العراق 19 يونيو 2019 (شينخوا) بمجرد وصولك إلى موقع آثار النمرود المدمرة، لا تجد أية علامة تشير إلى اقترابك من أحد أكثر المواقع الأثرية شهرة في العراق، باستثناء التلال المغطاة بطبقة كثيفة من الأعشاب البرية الشائكة المحاطة بسياج من الأسلاك، وكأنها منطقة منسية.

فشوك الجمل، والنباتات البرية، والحشائش والاشواك اليابسة بارتفاع نحو مترين تغطي آلاف الأحجار المتناثرة من الآثار التي دمرها التنظيم المتطرف قبل نحو ثلاث سنوات في موقع آثار النمرود (30 كم) جنوب الموصل (400 كم) شمال العاصمة العراقية هي المنظر السائد.

وبعد رحلة مضنية وعبور عشرات النقاط الأمنية للوصول إلى هذا الموقع الأثري المهم فإنك تصاب بالصدمة، لأن الإهمال وعدم الاهتمام واضح كوضوح الشمس، فرغم مرور نحو ثلاث سنوات على استعادة الموقع من قبل القوات العراقية وطرد التنظيم المتطرف، إلا أن السلطات المختصة بالآثار لم تفعل أي شي ولم تقم بعمل يوازي الأهمية التاريخية والإنسانية لهذا الموقع الأثري المهم.

فقبل سنتين ونصف زرنا هذا الموقع ولم نلاحظ أي تطورات أو تغييرات عليه، الشيء الجديد الذي لاحظناه هذه المرة هو وضع سياج من الأسلاك الشائكة حول الموقع، وتغطية ما تبقى من أحجار الثورين المجنحين اللذين دمرهما التنظيم المتطرف، وبناء مخزن وكرفانات لحراس الموقع، وهذه الاشياء الجديدة قامت بها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) وبدعم مالي ياباني، ومؤسسة سميثسونيان الامريكية.

وموقع آثار النمرود من المواقع الأثرية المهمة الذي يعود للقرن الـ 13 قبل الميلاد، وبلغت ذروته عندما اختاره الملك آشور ناصربال الثاني مقرا ملكيا له وعاصمة عسكرية للدولة الآشورية، فجدد المدينة ووسع في قلعتها والمنطقة المحيطة بها، ويعد الموقع كنزا أثريا عالميا وهو مرشح لأن يدرج على لائحة التراث العالمي لمنظمة (اليونيسكو).

ورغم محاولة سعدي علي مسؤول موقع النمرود الأثري، الدفاع عن الجهات الرسمية المسؤولة مبررا ذلك بعدم وجود تخصيصات مالية ووجود اسبقيات لإعادة إعمار منازل المواطنين التي دمرها التنظيم المتطرف، وتوفير الخدمات الاساسية لهم، إلا أنه أضطر إلى الاعتراف بالإهمال الحكومي والدولي لهذا الأرث الحضاري الإنساني.

وقال علي لوكالة أنباء (شينخوا) " إن نسبة الدمار الذي تسبب بها التنظيم المتطرف للموقع بلغت 90 بالمائة وفق تقارير رسمية أعدت من لجنة مختصة، لكن حتى الأن لم يتم سوى بناء سياج خارجي للموقع ومخزن من قبل مؤسسة سميثسونيان الامريكية، وكرفانات للحراس".

وأوضح علي أن المنظمة الأمريكية بنت مخزنا في الموقع لغرض تجميع أحجار القطع الأثرية المدمرة، ومن ثم بدء العمل بإصلاح ما يمكن إصلاحه، لكنه أقر بصعوبة العمل لأن نسبة التدمير كبيرة جدا، مبينا أن الثيران المجنحة يمكن إعادة ترميمها لكن إعادة ترميم مئات القطع الاثرية التي تحولت إلى أحجار صغيرة جدا صعب للغاية.

وذكر علي بأن التنظيم المتطرف دمر الموقع على مراحل، بدأها في مارس 2015 عندما جرف بالآليات الثقيلة، زقورة معبد عشتار، والتي يبلغ ارتفاعها 17 مترا، ثم جرف المعبد، وبعدها حطم الثيران المجنحة في بوابة قصر الملك ناصربال الثاني، ومن ثم قام بوضع براميل متفجرة داخل صالة العرش والقاعات الاخرى ليحول مئات الكنوز الأثرية إلى قطع صغيرة متناثرة.

والزقورات في بلاد ما بين النهرين هي عبارة عن أهرامات ضخمة تم بناؤها كمواقع دينية بهدف اقتراب المعابد من السماء، حيث يعتقد سكان بلاد ما بين النهرين أن هذه الزقورات العالية هي رمز الصلة بين السماء والأرض.

وبنيت زقورة النمرود من قبل الملك ناصربال الثاني قبل نحو 2900 سنة، وهي أكبر الزقورات المتبقية من العصر الآشوري، وتتألف ال زقورة من عدة طبقات مدرجة تنتهي بمعبد الاله الرئيسي للمدينة (ننورتا) ويقع على سطح الزقورة الجنوبي وفيه غرف ومرافق عديدة قسم من جدرانها مزخرف ومزين بالواح مرمرية.

وأضاف علي "من وجهة نظري فإن موقع أثار النمرود أهم موقع أثري عالمي لما يملكه من كنوز أثرية لها قيمة إنسانية كبيرة" كاشفا أن نسبة التنقيب في الموقع ومنذ اكتشافه في القرن التاسع عشر ولحد الآن بلغت 30 بالمائة".

وتابع "كل هذه الآثار والكنوز الأثرية المهمة عثر عليها من خلال التنقيب في 30 بالمائة من الموقع الذي يبلغ طول محيطه ثمانية كيلومترات" متسائلا "فما بالك لو تم التنقيب في الـ 70 بالمائة الاخرى من الموقع؟"، مضيفا "أين ما تحفر فانك ستجد اثارا".

وبدأت أولى التنقيبات في مدينة النمرود الأثرية الواقعة على ضفاف نهر دجلة، والتي تعرف أيضا باسم (كالح ) في العصور الحديثة على أيدي الأوروبيين في عام 1840، وقد كشفت تلك التنقيبات عن كنوز أثرية ثمينة تترواح بين أجزاء كاملة من القصور الملكية إلى تماثيل شخصية وتحف أثرية صغيرة.

ومن أبرز الآثار التي عثر عليها في الموقع بالتنقيبات التي جرت عام 1988 واستمرت اربع سنوات هو "كنز نمرود" الذي يضم 613 قطعة من الأحجار الكريمة والمجوهرات المصنوعة من الذهب، والذي وصفه العديد من علماء الآثار بأنه الأهم منذ اكتشاف قبر الملك الفرعوني توت عنخ آمون في عام 1923.

وطالب علي منظمة اليونسكو بالاهتمام بآثار النمرود التي وصفها بالأرث العالمي، وتقديم المزيد من الرعاية ومساندة العراق لإجراء التنقيبات فيها والحفاظ على الكنوز الأثرية الموجودة فيه.

وتعد تماثيل الثيران المجنحة الشهيرة ذات الوجوه البشرية، والارجل الخمسة، والعضلات القوية ويطلق عليها اسم (لاماسو) والتي وضعت عند مداخل قصر آشور ناصربال الثاني ملك الإمبراطورية الآشورية في القرن التاسع قبل الميلاد ومعبد اشور وزقورته من أهم معالم النمرود الأثرية.

ولايزال تمثال الملاك (الجني) المجنح الأثر الوحيد الذي لم يشهد دمارا كبيرا، شاخصا بمدخل بوابة قصر الملك آشور ناصربال الثاني، وهو عبارة عن رأس بشري وجسم أسد أو ثور وله جناحي صقر أو عقاب وحراشف أسماك على البطن، كون هذه الحيوانات تدخل الرعب في قلوب الأعداء والغرباء الداخلين للقصر، وهو رمز القوة عند الآشوريين، ويحمل بيده ثمرة الصنوبر التي تمثل ماء الحياة المقدسة لدى الآشوريين.

ومع كل هذه القيمة الأثرية والحضارية والتاريخية الكبيرة التي يملكها الموقع، إلا أن الإهمال هو سيد الموقف فعدد الموظفين العاملين فيه هو ثلاثة فقط، فضلا عن عدم القيام بأية إجراءات ملموسة لإعادة مجده، أو احياءه أو حتى تنظيفه من الأحراش والحشائش البرية والاشواك التي تغطيه بالكامل، وعدم تغيير اللوحة الدالة على الموقع والتي لاتزال أثار الاطلاقات النارية عليها.

يشار الى أن بعثة من منظمة اليونسكو زارت موقع مدينة "نمرود" الآشورية الأثرية التي تعرضت للدمار على ايدي عناصر تنظيم داعش الارهابي في مارس عام 2015 وأجرت عمليات معاينة أولية للموقع.

يذكر أن الجيش العراق استعاد السيطرة على الموقع الأثري في النمرود في شهر نوفمبر عام 2016 أي بعد اقل من شهر من بدء عمليات استعادة مدينة الموصل من سيطرة التنظيم المتطرف.

وأدانت منظمة اليونسكو في شهر مارس عام 2015 تدمير آثار النمرود الآشورية من قبل إرهابي ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية، معتبرة التدمير المتعمد للتراث الثقافي يشكل "جريمة حرب".

وعن شعوره بشأن تدمير موقع آثار النمرود من قبل التنظيم المتطرف أجاب علي "بيتي قريب من الموقع وكنت أشاهدهم وهم يدمرون الآثار، وقلبي يعتصر الما على هذه الآثار والكنوز القيمة والمهمة ليس للعراق فقط بل هي تعد ارثا للانسانية جمعاء".

وأبدى على البالغ من العمر 59 عاما أثار عدم الارتياح للإهمال الذي أصاب آثار النمرود، لكنه لايزال يأمل على الأقل بإعادة بعض الآثار المدمرة.

وقال "الأمر صعب جدا للغاية ويحتاج إلى جهود كبيرة ووقت طويل لاعادة ترميم وتجميع بعض القطع الأثرية المدمرة"، مضيفا " لا يزال لدي أمل في إعادة أحياء موقع نمرود الأثري المهم الذي شهد حضارات عمرها آلاف السنين". /نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号