طرابلس 17 يونيو 2019 (شينخوا) مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة بشكل لافت، يواجه سكان طرابلس ظروفا قاسية جعلت حياتهم أشبه بالجحيم، حيث يخنق انقطاع الكهرباء لنحو 12 ساعة يوميا مفاصل الحياة في المدينة التي يقطنها نحو 3 ملايين نسمة، مع تصاعد لهيب المعارك الدائرة جنوب العاصمة منذ أكثر من شهرين.

خيري عبد الله من سكان طرابلس وتحديدا "حي الأندلس" البلدية المكتظة بالسكان، يعاني من انقطاع الكهرباء ليؤثر بشكل واضح على تجارته المتمثلة في بيع مشتقات الألبان، ويحاول جاهدا حل مشكلته التي يخاف أن تضيع عليه تجارته تماما.

وأوضح خيري في حديثه لوكالة أنباء (شينخوا)، "منذ عطلة العيد ومع ارتفاع درجات الحرارة بشكل لافت تأثرت تجارتي كثيرا، حيث لا أستطيع شراء كميات كبيرة من الحليب والألبان والتمور، خوفا من تلفها نظرا لانقطاع الكهرباء يوميا".

وأضاف "عملي يعتمد بشكل مباشر على المبردات والثلاجات التي تحتاج إلى كهرباء دون انقطاع، وبالتالي أبحث عن حل لعلاج هذه المشكلة التي تتفاقم عاما تلو الأخر".

وعن الحلول التي يفكر فيها، أجاب " أفكر مليا في عملية شراء مولد كهرباء، لكن الأمر ليس بالسهولة المتوقعة، حيث احتاج إلى أكثر من ألفي دولار لاقتناء مولد متوسط الحجم، يمكنني من خلاله تشغيل كل المبردات أو الثلاجات لحفظ التمور والحليب".

وأردف، " أنا أعمل برأس مال محدود ولا طاقة لي في شراء مولد بمثل هذا المبلغ الذي يمثل تقريبا رأس مال بضاعتي في المحل".

وتعاني معظم مدن ليبيا خاصة العاصمة طرابلس من انقطاع يومي للكهرباء يصل الى 12 ساعة، خاصة في فترة الذروة (الشتوية والصيفية)، حيث يلامس العجز في توليد الطاقة 2000 ميغاوات يوميا، بينما لا يتخطى الإنتاج الحالي 5.5 آلاف ميغاوات يوميا.

وتسببت الحالة الأمنية المتردية والانقسام السياسي الذي تعاني منه ليبيا ، في عدم عودة الشركات الأجنبية المنفذة لعدة مشروعات جديدة لبناء محطات توليد ، ما تسبب في تفاقم مشاكل العجز في توفير الكهرباء في البلاد منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.

ويضيف انقطاع الكهرباء حالة إضافية من الإحباط لدى سكان عاصمة ليبيا، مع تصاعد لهيب المعارك في فصل الصيف، الذي يعد الأقسى على الليبيين منذ سنوات .

يقول محمد المزوغي الطالب الجامعي ، بأن انقطاع الكهرباء واستمرار المعارك حول طرابلس جعلت حياة عديد منا في ضيق وأشبه بالسجن.

وأضاف المزوغي لوكالة الأنباء (شينخوا) ، " منذ أيام أحرص على الذهاب إلى المقهى الذي يوفر الكهرباء طوال اليوم والانترنت المجاني ، وبالتالي فهذه فرصة ذهبية للهروب من جحيم الحر في المنزل ، وكذلك للقاء الأصدقاء لساعات طويلة " .

ومضى قائلا" حياتنا أصبحت بلا قيمة، المدارس والجامعات مغلقة بسبب الحرب والخدمات متدنية ، يجب علينا التفكير بجدية في مغادرة ليبيا والهجرة إلى أوروبا ولو بطريقة غير شرعية" .

مدير مكتب الإعلام بالشركة العامة للكهرباء في ليبيا محمد التكوري، يعزي أسباب العجز في الطاقة لأسباب عديدة أبرزها الحرب الدائرة جنوب العاصمة.

وقال التكوري لوكالة أنباء (شينخوا)، بأن " الحرب الدائرة تسببت في دمار كلي للعديد من دوائر النقل والمحولات ، حيث تحتاج عملية إعادة وصيانة ما دمر لفترة طويلة"، وتابع مستدركا، " لا ننسى أن استمرار الحرب يعني دمار جديد يطال مكونات الشبكة يوميا".

وعن سبل معالجة العجز، بين مسؤول الإعلام بالشركة الحكومية، " حاليا نقوم بإدخال تدريجي لبعض الوحدات التي كانت مدرجة في فترة صيانة دورية، كما نعول على محطة أوباري في الجنوب، ونأمل دخول أولى وحداتها خلال الفترة المقبلة".

ونوه المسؤول الليبي، إلى أهمية مساعدة السكان للشركة في الإرشاد بالاستخدام واستهلاك الطاقة قدر الإمكان وفقا للحاجة، مؤكدا أن عاملي الشركة يعملون في ظروف استثنائية ويحتاجون لتكاتف الجميع معهم.

وتشهد ليبيا معارك قرب طرابلس بين قوات "الجيش الوطني" وقوات موالية لحكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة، منذ إعلان المشير حفتر، في الرابع من أبريل الماضي عن عملية عسكرية لـ"تحرير طرابلس" قابلتها حكومة الوفاق بعملية "بركان الغضب" لصد الهجوم.

وتسببت المعارك في مقتل 653 شخصا وإصابة أكثر من 3 آلاف أخرين ونزوح 94 ألف شخص من مواقع الاشتباكات، بحسب الأمم المتحدة .

يذكر أن مسلحين مجهولي الهوية قاموا نهاية عام 2017 باختطاف أربعة عمال أجانب ثلاثة أتراك وجنوب أفريقي يحمل جنسية ألمانية منفذين مشروع إنشاء (محطة أوباري الغازية) للكهرباء التي تنتج 640 ميغاوات (1100 كلم) جنوبي العاصمة طرابلس.

وعقب حادث الاختطاف، قامت تركيا بإجلاء عمال شركتها (إنكا تكنيك) البالغ عددهم 600 بينهم أجانب، قبل أن يتم إطلاق سراحهم في يونيو 2018 بعد وساطة قبلية استغرقت وقتا طويلا.

لتقوم الشركة العامة للكهرباء بتدريب عدد من المهندسين الليبيين في تركيا، ليحلوا محل الطاقم الأجنبي الذي رفض لأسباب أمنية العودة لاستكمال المشروع الذي تخطت نسبة إنجازه 90%./ نهاية الخبر/