الصفحة الأولى | حجم الخط    أ أ أ

كيف تعزّز الدول العربيّة استفادتها من "الحزام والطريق"

arabic.china.org.cn / 10:57:17 2019-04-26

حسام المغربي*

26 أبريل 2019 / شبكة الصين / منذ انطلاق مبادرة الحزام والطريق في عام 2013 وحتى الآن، وقّعت 126 دولة و29 منظمة دولية اتفاقيات تعاون مع الصين لبناء الحزام والطريق بشكل مشترك، كان آخرها إيطاليا ـ أول دولة بمجموعة الدول الصناعية السبع ـ في مارس 2019، كما أعلنت دول جديدة عن نيتها اللحاق بـ"قاطرة" أكثر جهود الاستثمار في البنية التحتية الطموحة في التاريخ. وخلال السنوات الست الماضية منذ إطلاقها، تجاوز حجم تجارة البضائع بين الصين والدول والمناطق المطلّة على الحزام والطريق نحو 6 تريليونات دولار، وسجل حجم الاستثمار أكثر من 80 مليار دولار، كما وفّرت 82 منطقة تعاونية خارجية مشتركة نحو 300 ألف فرصة عمل محلية، ما أتاح فرص تطوير متكاملة وشعورا بالربح المشترك لجميع شعوب بلدان الحزام والطريق.

وكما هو جليّ، فمن المؤكد أن الدول العربية ليست استثناءً من تجربة النمو الاقتصادي الصيني. ففي يونيو 2014، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ في الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي، مبادرة "التشارك الصيني العربي في بناء الحزام والطريق". ويمكن القول إن هناك فرص وتحديات تحتاج بلداننا العربية إلى التعامل معها لضمان تحقيق الاستفادة القصوى من المبادرة الصينية العالمية.

فرص وتحديات

تلقّت مبادرة الحزام والطريق استجابة واسعة من البلدان العربية، وبدأ العديد منها التخطيط بشكل إيجابي لمواءمة استراتيجياتها التنموية لتتوافق مع مبادرة الحزام والطريق، بما فيها رؤية 2030 السعودية، وخطة انتعاش الاقتصاد المصري، ورؤية الإمارات لإحياء طريق الحرير، ورؤية الكويت 2035، ومشروع تطوير منطقة الدقم الاقتصادية في سلطنة عمان، ورؤية قطر الوطنية 2030، ورؤية الأردن 2025 وغيرها.

ويرى خبراء أن مبادرة الحزام والطريق طُرحت بما يشبه بوابة "الفرص الحقيقية" لما تتضمنه من آمال كبيرة للإنعاش الاقتصادي وتبادل الاستثمار وتوفير ملايين من فرص العمل أمام الشعوب التي انضمت لها أو المستفيدة منها، لكنها في الوقت ذاته يصاحبها تحديات. فبالنظر إلى الاستثمارات الصينية في إطار مبادرة الحزام والطريق، والتي منها على سبيل المثال ميناء مبارك الكبير والمرافق الخاصة به، ومنطقة التجارة الحرة وميناء دورالي متعدد الأغراض في جيبوتي، ومشروع تنمية محور قناة السويس في مصر، وميناء الحمدانية شرقي شرشال بالجزائر، جميعها لا يمكن أن تسهم فقط في جهود بلدان عربية في معالجة عجز الحساب الجاري، ولكن أيضا تساعد في تطوير بنيتها التحتية ولا سيما في مجال النقل وخدمات الدعم اللوجيستي، ما يدفع تعزيز النمو الاقتصادي.

ومع ذلك، يرى مراقبون أنه يجب الأخذ في الاعتبار عند الاتفاق على مثل هذه الاستثمارات التي تركز على قطاع البنية التحتية، تشغيل الأيدي العاملة المحلية وضمان استفادتها من هذه الفرص، وكذلك ضمان نقل التكنولوجيا والخبرات الصينية لرفع كفاءة أداء البنية التحتية للتجارة من شحن بري وبحري وجوي.

والشيء نفسه ينطبق على التجارة، فقد سجلت المبادلات التجارية بين الصين والدول العربية نحو 200 مليار دولار في عام 2018، متجاوزة إجمالي حجم التجارة البيني للعام 2017 (نحو 191.3 مليار دولار)، ولكن بمعدل نمو يعتبر طفيفا. 

خطوة إلى الأمام

نظرا لأن أنشطة الصين الاقتصادية في العالم العربي ستنمو بكل تأكيد في السنوات القادمة، فمن المهم أن تبذل العواصم العربية جهودا لضمان قدرتها على جني الفرص من التنمية التي ستجلبها مبادرة الحزام والطريق. فهناك حاجة من الجانب العربي للتعرف أكثر على الفرص التي يمكن أن تستغلها من تنمية الصين المتواصلة. فعلى سبيل المثال، في السنوات الأخيرة بات الاهتمام الصيني واضحا بالصناعات المالية. ورغم المنافسة الكبيرة في ذلك القطاع إلى أن دولا عربية كالسعودية والإمارات وقطر والكويت، يجب أن تكون قادرة على تعزيز استفادتها في هذا القطاع.

وتحتاج البلدان العربية كذلك إلى الاستفادة من السوق الصينية، التي تعد الأكبر في العالم. حيث ينبغي عدم الاكتفاء بتصدير المواد الأولية إلى الصين، وبذل الجهد اللازم لتعزيز بناء الصناعات التحويلية بمساعدة الصين وتوفير السلع النهائية إلى المستهلك الصيني وباقي الدول المطلة على مبادرة الحزام والطريق. ومن المهم كذلك، تشجيع الصين بشكل أكبر على الاستثمار في قطاعات خارج البنية التحتية من خلال مراجعة قوانين الاستثمار الأجنبي الخاصة بها. ومن أمثلة ذلك، فقد كان الاستثمار الصيني المباشر في قطاع الألبان الإسترالي، بمثابة قوة دفع فعّالة ساعدت تلك الصناعة على النمو لتصبح قادرة على تصدير منتجاتها إلى السوق الصينية وجني أرباح كبيرة. ويمكن للدول العربية أن تفعل نفس الشيء للترويج لصناعاتها من المحاصيل الزراعية والإنتاج السمكي والنسيج وغيرها.

كما توجد أهمية حتمية لرفع كفاءة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية العابرة للحدود وتحسين المستوى التعليمي والمهاري للكوادر والعمالة المحلية بالتعاون مع الصين، لدور هذا القطاع المحوري في نمو وتطوير جميع القطاعات الإنتاجية والخدماتية، وبالتالي خلق عنصر جذب للاستثمارات الأجنبية بشكل عام. 

نقطة أخرى لا تقل أهمية، وهي أن تعزيز العمل الجماعي العربي للتعاون ككتلة واحدة مع الصين تحت مظلة الحزام والطريق، يضمن تحقيق الاستفادة القصوى من المبادرة.


-----------------

*محرر من أسرة "شبكة الصين"


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号