الصفحة الأولى | حجم الخط    أ أ أ

مقالة خاصة: قمة سوتشي...تعزيز التنسيق الثلاثي ودفع التسوية السياسية للقضية السورية

arabic.china.org.cn / 15:31:46 2019-02-15

بكين 15 فبراير 2019 (شينخوا) خرجت القمة الثلاثية التي عقدت في مدينة سوتشي الروسية يوم الخميس بمشاركة رؤساء روسيا وتركيا وإيران بتأكيد على أهمية دفع التسوية السياسية للقضية السورية، وتجميد لمسألة الوضع في إدلب، وترحيب بقرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا.

فقد شدد البيان الختامي للقمة التي جرت بين رؤساء الدول الضامنة لاتفاق أستانا بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيريه التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني، على ضرورة تعزيز التنسيق السياسي والتأكيد على سيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها.

وكانت القمة الأولى لزعماء الدول الضامنة قد عقدت في 22 نوفمبر 2017 في سوتشي، وجرت القمة الثلاثية الثانية في العاصمة التركية أنقرة في 4 إبريل 2018، فيما عقدت القمة الثالثة في 7 سبتمبر 2018 بالعاصمة الإيرانية طهران. وتعد هذه القمة الرابعة الأولى بعد إعلان الولايات المتحدة في ديسمبر الماضي سحب قواتها من سوريا .

-- التنسيق: آلية مستمرة

ذكر الزعماء الثلاثة في بيانهم الختامي أنهم بحثوا خلال قمتهم مستجدات الأوضاع في سوريا إلى جانب التطورات التي شهدتها منذ قمة طهران. ومن هنا، يرى المحللون السياسيون أن قمة سوتشي كانت بمثابة استمرار للتنسيق بين روسيا وتركيا وإيران حول الملف السوري بغض النظر عن محاولات التشويش على هذا التنسيق، وأن أهمية هذا اللقاء تكمن في ترتيب مواقف البلدان الضامنة لمسار أستانا في المرحلة المقبلة.

وفي البيان الختامي أيضا، أعرب الزعماء عن رفضهم محاولات فصيل "هيئة تحرير الشام" زيادة مساحات سيطرته في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب واتفقوا على اتخاذ خطوات ملموسة للحد من انتهاكات الهدنة في المنطقة عبر تطبيق جميع الاتفاقيات المتعلقة بها ومن بينها اتفاقية سوتشي (بين روسيا وتركيا).

وفي هذا الصدد، يرى المحللون السياسيون أن قمة سوتشي استطاعت تليين المواقف بين الأطراف بشأن بعض القضايا الرئيسية ومن بينها الوضع في إدلب، آخر معقل للفصائل المسلحة، حيث تسعى موسكو إلى استعادة الجيش السوري سيطرته على إدلب فيما ترى أنقرة أن أي عمل عسكري سيكون بمثابة "كارثة" للمحافظة حيث تخشى من أن تؤدي أي عمليات عسكرية في هذه المحافظة إلى موجة نزوح جديدة نحو أراضيها.

وكان الرئيس التركي أردوغان قد توصل مع نظيره الروسي بوتين في سوتشي في 17 سبتمبر الماضي لاتفاق لوقف إطلاق النار وإنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب بين قوات النظام وفصائل المعارضة، إلا أن خروقات مستمرة حتى اليوم شهدها هذا الاتفاق الذي جنب إدلب عملية عسكرية محتمله للجيش النظامي ضد المعارضة المسلحة.

"لكن البيان الختامي أبرز توافقا بين روسيا وتركيا وإيران بشأن مسألة إدلب من خلال تجنب اتخاذ خطوات حاسمة بشأنها في تلك المرحلة"، هكذا أوضح المحلل السياسي الروسي أندريه أنتيكوف. وأضاف أن ما يحدث في إدلب هو نوع من تجميد الأوضاع وانتظار للخطوة الأمريكية في مناطق شرق الفرات التي يسيطر عليها الأكراد وتكتسب أهمية إستراتيجية بالنسبة لتركيا وكيفية تطور الأمور خاصة أن هناك ترابطا بين إدلب وتلك المناطق.

ومن جانبها، قالت إيلينا سوبونينا مستشارة مدير المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية خلال مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا إن الاجتماع في الصيغة (الروسية- التركية -الإيرانية) يبرز بوضوح أن العلاقات بين روسيا وتركيا تتطور بطريقة شاملة، مشيرة إلى أن الاجتماع ليس فقط عملية سياسية تتعلق في المقام الأول بالملف السوري، وإنما هو إبراز أيضا لرغبة واضحة في تكثيف التعاون بين الجانبين في شتي المجالات.

وشاطرها الرأى المحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو، حيث رأى أن هذه القمة تبعث برسائل عديدة لكل متابعيها ومراقبيها في أنحاء العالم، منوها إلى التقارب التركي الروسي في عدد من المجالات والذي قال إنه يسهم بشكل كبير في الدفع بالتسوية السياسية في سوريا.

كما ألمحت سوبونينا إلى أن التصريحات التي خرجت عقب القمة كشفت أن روسيا وتركيا ستواصلان تنسيق عملهما في سوريا وأن أنقرة لن تتخذ في شرق سوريا، وموسكو لن تتخذ في شمال سوريا أي قرار بدون موافقة الآخر، مضيفة أن موسكو مستعدة على أية حال إلى التوسط في عملية لاستعادة العلاقات بين تركيا وسوريا.

وأكدت أيضا أن اللقاء الثلاثي التي تم في سوتشي يبين أن عملية أستانا ستستمر، و"أنها أكثر نجاحا بكثير من المفاوضات في جنيف، بل ويمكن القول إنها الآن أكثر أشكال المفاوضات نجاحا في سوريا".


-- الانسحاب الأمريكي: يلقى ترحيبا

قال الرئيس الروسي إن المباحثات في سوتشي "تناولت تأثير إعلان خطة واشنطن سحب القوات الأمريكية من المناطق في شمال شرق البلاد على التطور المستقبلي للوضع في سوريا"، كما أشار البيان الختامي للقمة إلى أنه "جرى التأكيد على أنه حال تطبيق قرار انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، فستكون خطوة لتعزيز الأمن والاستقرار في هذا البلد".

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في 19 سبتمبر 2018 أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها من سوريا، ما أثار الكثير من المخاوف رغم أن ترامب غير بعد ذلك لهجته وقال إنه لم يحدد جدولا زمنيا للانسحاب لكنه لن يسمح للجيش الأمريكي بالبقاء في سوريا إلى الأبد.

وفاقم قرار الانسحاب الأمريكي من التوتر بين موسكو وأنقرة كونه يعني إخلاء أراض تسيطر عليها الولايات المتحدة أو قوات تدعمها، الأمر الذي من المتوقع أن يثير سباقا لملء هذا الفراغ عند حدوثه، لاسيما أن صحيفة ((وول ستريت جورنال)) الأمريكية نقلت عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الجيش الأمريكي يستعد لسحب قواته من سوريا بنهاية إبريل المقبل.

ومن ناحية، قال واين وايت المسؤول السابق المعني بالشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأمريكية إن "ميل البيت الأبيض إلى اتخاذ تحركات متعجلة وغير متوقعة في الشرق الأوسط مثل الانسحاب من سوريا يعقد الجهود الرامية إلى التنبؤ بالاتجاه الذي ستمضي فيه التطورات في الإقليم حتى عام 2020". ومن ناحية أخرى، رأي المحلل السياسي السوري ماهر إحسان في ذلك الانسحاب تطورا إيجابيا بالنسبة لسوريا "لأن وجود القوات الأمريكية على الأرض يعقد الوضع...وأنه مع قرار الولايات المتحدة الانسحاب، فإن العملية السياسية في سوريا ستحظى بفرص أكبر".

ورغم التكهنات بتنافس على ملء هذا الفراغ، استشعر المحللون نبرة "تعاون مشترك" حال انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، حيث أكد الرئيس أردوغان عقب القمة أن تركيا ستقوم بتنسيق إجراءاتها مع روسيا وإيران في عملية الانسحاب مع أخذ وحدة إراضي سوريا في الاعتبار والقضاء على تهديدات الإرهاب ولاسيما في المناطق الحدودية.

أما الرئيس روحاني، فقال إنها ستكون "أنباء سارة" للسكان المحليين إذا سحبت الولايات المتحدة قواتها بشكل كامل من سوريا والدول الأخرى في المنطقة، داعيا واشنطن إلى مراجعة سياستها في الشرق الأوسط لما تركته من تأثيرات سلبية على الدول في المنطقة.

ومع خروج القمة بنتائج تشدد على رفض الحل العسكري للصراع السوري، وتجدد التأكيد على أن الأزمة السورية لا يمكن أن تنتهى إلا عبر مسار سياسي يقوده السوريون تحت رعاية الأمم المتحدة ووفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، يرى المحللون أن آلية القمة الثلاثية هذه ستسهم في تعزيز المسار الإيجابي بشأن سوريا. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号