مقالة خاصة: حل الدولتين أخذ بالتلاشي وسط اتهامات فلسطينية لإسرائيل ببناء نظام تمييز عنصري

رام الله 14 يناير 2019 (شينخوا) احتفت إسرائيل قبل أيام بافتتاح شارع يفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين في القدس في وقت يستمر فيه حل الدولتين المدعوم دوليا بالتلاشي.

ويبدأ الشارع الجديد الذي تم افتتاحه رسميا يوم الخميس الماضي، من بلدة عناتا في شمال شرق القدس ويستمر إلى بلدة الزعيم شرق المدنية رابطا عدة مستوطنات إسرائيلية قريبة من رام الله باخرى مقامة في شرق القدس.

والشارع يقسم إلى مسارين الأول للفلسطينيين والثاني للمستوطنين الإسرائيليين يفصل بينهما جدار بارتفاع 8 أمتار.

ويبلغ طول الشارع ثلاثة كيلومترات ونصف، وأطلق عليه الفلسطينيون (شارع الأبرتهايد) كونه يفصل بين السائقين الفلسطينيين والسائقين من المستوطنين الإسرائيليين.

واعتبر "المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان" في منظمة التحرير أن إسرائيل بافتتاحها الشارع المذكور "قطعت شوطا آخر في سياسة الفصل العنصري التي تتبعها ضد الفلسطينيين".

واتهم المكتب في تقرير له إسرائيل ب"المضي قدما في تأسيس نظام الفصل العنصري في فلسطين على غرار نظام التمييز العنصري الذي كان ساريا في جنوب إفريقيا بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وسرقتها وحرمانهم منها".

وصرحت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي بأن "افتتاح شارع الأبرتهايد يدلل على العقلية العنصرية الاستعمارية المتأصلة في السياسة والفكر والنهج الإسرائيلي".

وقالت عشراوي في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه، إن افتتاح هذا الشارع "يشير إلى استفحال ثقافة العنصرية والكراهية القائمة على رفض وإقصاء الآخر ويؤكد على نهج إسرائيل الاستعماري الاستيطاني الهادف إلى تدمير التواصل الجغرافي والديموغرافي في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية".

وأضافت أن الحكومة الإسرائيلية وبدعم من الإدارة الأميركية "تجسد الجوهر الحقيقي لطبيعة النظام الإسرائيلي العنصري والفاشي الذي يواصل سياساته القائمة على التمييز والإقصاء ورفض وإلغاء الآخر في مخالفة صارخة ومتعمدة للقوانين الدولية والإنسانية".

واعترفت الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت سفارتها من تل أبيب إلى المدينة المقدسة في مايو الماضي في خطوة أثارت غضب الفلسطينيين.

ويقول المحلل السياسي من رام الله عبد الناصر النجار إن الشارع الإسرائيلي المذكور هو الأول الذي "يكرس حالة الأبرتهايد المفروضة على الفلسطينيين بشكل رسمي وعلني".

ويعتبر النجار في تصريحات لـ((شينخوا))، أن هذا الشارع "يظهر مدى تغول اليمين الإسرائيلي وانفلاته غير المسبوق وضربه بعرض الحائط القيم والمعايير والقوانين الإنسانية والدولية".

ويشير إلى أن "شارع الفصل العنصري أقيم على أرض فلسطينية مغتصبة، وتفرع عنه قبل 3 سنوات شارع عنصري آخر يصل الطريق الرئيسة بمستوطنة آدم، وأقيم في حينه على أرض فلسطينية خاصة، ليسمح فقط للمستوطنين باستخدامه في ذروة الأزمة المرورية، فيما يحظر على الفلسطينيين السير عليه".

ويتساءل النجار "هل هناك من يتصور أن يحدث هذا الفصل مع أي تجمع يهودي في أي مكان في العالم كأن يمنع اليهودي من استخدام طريق أو حتى التجول في منطقة ما، كيف سيكون الرد العالمي؟ وكيف سيكون موقف من يصمت عن معاداة السامية؟".

ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بتصعيد أنشطتها الاستيطانية بهدف عزل مدينة القدس عن الضفة الغربية وتقويض فرص قيام دولة مستقلة ذات سيادة ومترابطة جغرافيا لهم.

وبهذا الصدد يقول مدير مركز أبحاث الأراضي في الضفة الغربية جمال العملة لـ((شينخوا))، إن إسرائيل تكثف عبر وسائل تحايل متعددة شراء العقارات والأراضي الفلسطينية بالتزوير من خلال شركات استيطانية تعمل تحت ستار أجنبي.

ويكشف النجار أن إسرائيل هدمت في العام 2018 بإيعاز من دوائر الاستيطان حوالي 450 مسكناً ومنشأة، وهددت بهدم 580 مسكناً ومنشأة أخرى، كما صادرت حوالي 3877 دونماً من الأراضي الفلسطينية.

ويضيف أن الحكومة الإسرائيلية أصدرت خلال العام 2018 قرارات ببدء شرعنة 66 بؤرة استيطانية من أصل 250 بؤرة على طريق الشرعنة في الضفة الغربية.

كما ينبه العملة إلى خطر تحويل إسرائيل 6 معسكرات لجيشها في منطقة الأغوار في الضفة الغربية إلى مستوطنات وبؤر استيطانية، معتبرا أن إجمالي ذلك يعبر عن "صفع" كل قرارات الأمم المتحدة بشقيها مجلس الأمن والجمعية العامة.

ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسية لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين قبل منتصف عام 2014 الماضي.

وكان مجلس الأمن الدولي أصدر قراره نهاية العام 2016 رقم 2334 يقضي بإدانة البناء الاستيطاني الإسرائيلي ويطالب بوقفه من دون أن يتم ترجمته على الأرض.