arabic.china.org.cn | 11. 12. 2018

الإصلاح والانفتاح والتنمية: مصدر التقدم الاقتصادي والاجتماعي الصيني

18 نوفمبر 2018، زوار يلتقطون صورا لنموذج قطار فوشينغ فائق السرعة في بكين.

11 ديسمبر 2018 /شبكة الصين/ بعد أربعين عاما من الإصلاح والانفتاح، شهد اقتصاد ومجتمع الصين تغييرات مدهشة، وانتقلت الصين من واحدة من البلدان النامية الأقل نموا في العالم إلى صفوف البلدان المتوسطة الدخل. ترجع الإنجازات العظيمة التي حققتها الصين إلى أسباب عديدة، منها أسباب تاريخية وأخرى تتعلق بالفرص التي أتاحها تطور العصر فضلا عن تمسكها بالإصلاح والانفتاح. إن بحث مصدر التقدم الاقتصادي والاجتماعي الصيني، من بين الأبعاد الثلاثة، أي الإصلاح والانفتاح والتنمية، وخاصة اتصال السببية فيما بينها، يقدم لنا صورة عامة عن مسار التنمية الصيني في الأربعين عاما الماضية.

الإصلاح: إطلاق الحيوية الجوهرية للتقدم الاقتصادي والاجتماعي

 في بداية تأسيس جمهورية الصين الشعبية، واجهها العديد من الصعوبات، وبخاصة نقص المعروض من المواد ومستوى المعيشة المنخفض لشعبها. من أجل نفض الفقر في أسرع وقت ممكن، قامت الحكومة الصينية الوليدة، آنذاك، بإصلاحات معمقة وسلسلة من الاستكشافات. بدأ الإصلاح الصيني من الإصلاح الريفي، الذي حل مشكلة الغذاء للشعب، بل وتهيئة السبل لاستكشاف مسار الإصلاح الناجح.

مقدمة للإصلاح الريفي

في نهاية عام 1978، شهدت أرض الصين حدثا تاريخيا، عندما قام ثمانية عشر مزارعا من قرية شياوقانغ بمحافظة فنغيانغ في مقاطعة آنهوي، بإبرام اتفاق سري يتحدى النظام الزراعي السائد في البلاد. حسب الاتفاق، يتم توزيع الأراضي على الأسر الفلاحية لتتحمل كل منها المسؤولية الكاملة عن الأرباح والخسائر الخاصة بها، أي تنفيذ نظام مسؤولية العقود العائلية. كان ذلك اول ضربة فأس في حقل الإصلاحات الداخلية بالصين، وقد نتج عنه زيادة مردود الحبوب الزراعية، فتم تعميم هذه الطريقة بسرعة في جميع أنحاء البلاد.

إصلاح النظام الاقتصادي

في بداية الإصلاح والانفتاح، وفي ظل المستوى المتواضع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، كانت الحكومة تتبنى نظام الاقتصاد المخطط، فهي التي تنظم سياسات الاقتصاد الكلي والنشاطات التجارية الهامة، وتوجه وتعدل اتجاه الاقتصاد، وفقا للهدف العام للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

انتقل إصلاح النظام الاقتصادي في الصين من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، ومن المجالات الاقتصادية إلى المجالات الأخرى. حقق الإصلاح الريفي نتائج عظيمة، وتحسن مستوى معيشة الشعب بشكل كبير، الأمر الذي شجع إلى حد كبير على تعميق مستوى الإصلاح الصيني. بعد الإصلاح الريفي، بدأت الصين إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة والإصلاح الحضري، إلخ.

في عام 2008، عندما كانت الصين في لحظة حاسمة للتحول والارتقاء، اندلعت الأزمة المالية العالمية التي حجمت الاقتصاد الصيني. من جهة، اتخذت الحكومة الصينية مبادرات إيجابية للتخفيف من الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية على الصين؛ ومن ناحية أخرى، أدركت الحكومة الصينية من ذلك أهمية وضرورة تعميق الإصلاح، فقامت بتعميق الإصلاح الشامل وتسريع وتيرة الإصلاح.

في فبراير عام 2008، تبنت الدورة الكاملة الثانية للجنة المركزية السابعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني "الآراء حول تعميق الإصلاحات في النظام الإداري". الهدف العام لتعميق الإصلاحات في النظام الإداري هو إنشاء نظام إداري اشتراكي كامل نسبيا ذي خصائص صينية بحلول عام 2020. بموجب تحويل الوظائف الحكومية باعتبارها محور تعميق الإصلاحات في النظام الإداري، يجب على الحكومات على كافة المستويات تسريع تحويل وظائفها وفقا لهذا المطلب، والتركيز على النقاط الهامة في الإدارة والخدمة على أساس الأحوال الواقعية؛ ومواصلة تحسين الهيكل التنظيمي الحكومي على أساس تحويل الوظائف الحكومية، لتعزيز إصلاح الأجهزة الحكومية؛ ما يتطلب من الأجهزة الحكومية أن تقوم بالإدارة بدقة وفقا للقانون، وتسريع بناء دولة يحكمها القانون، وتنفيذ إدارة الأداء الحكومي ونظام المساءلة الإدارية، وتحسين نظام المراقبة على السلطة الإدارية، إلخ.

الانفتاح: تحفيز الديناميكيات الداخلية للتقدم الاقتصادي والاجتماعي

 في عام 1972، قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بزيارة إلى الصين، فتحسنت العلاقات الصينية- الأمريكية، مما وضع أساسا لانفتاح الصين. قررت الصين تنفيذ الانفتاح على الخارج تدريجيا، أي القيام بالاختبار ثم اختيار نقاط الاختبار وصولا إلى تعميم وتوسيع الدروس المستفادة تدريجيا. وقد وقع الاختيار على مقاطعتي قوانغدونغ وفوجيان كمنطقتين تجريبيتين، استنادا إلى تمتعهما بظروف ملائمة للانفتاح، فضلا عن قربهما من منطقتي هونغ كونغ وتايوان.

المناطق الاقتصادية الخاصة

في السادس والعشرين من أغسطس عام 1980، قررت الصين إنشاء أربع مناطق اقتصادية خاصة، في شنتشن وتشوهاي وشانتو بمقاطعة قوانغدونغ، وشيامن في مقاطعة فوجيان، فكان ذلك إعلانا رسميا عن إنشاء المناطق الاقتصادية في الصين. وفي إبريل عام 1988، تأسست مقاطعة هاينان، وأصبحت في نفس الوقت أكبر منطقة اقتصادية خاصة في الصين.

مسار انفتاح الصين على الخارج

في نهاية عام 2001، كان انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية خطوة تاريخية هامة من جانب الصين للانفتاح على العالم الخارجي. في عام 1995، تحولت الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة إلى منظمة التجارة العالمية. في عام 2001، انضمت الصين رسميا إلى منظمة التجارة العالمية بعد مفاوضات استمرت أكثر من خمس عشرة سنة. إن انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية قرار إستراتيجي اتخذته حكومة الصين في ظروف العولمة الاقتصادية، ويرمز لدخول انفتاح الصين إلى مرحلة جديدة. بالإضافة إلى تخفيض التعريفات الجمركية على البضائع والعديد من الإجراءات المتعلقة بالحواجز غير الجمركية، فتحت الصين تجارة الخدمات، فاندمجت الصين تماما في الاقتصاد العالمي.

بالإضافة إلى ذلك، وقعت الصين أيضا اتفاقيات التجارة الحرة مع بعض الدول. وحتى الآن، وقعت الصين ست عشرة اتفاقية تجارة حرة، بالإضافة الى ترتيبات العلاقات الاقتصادية والتجارية مع أربع وعشرين دولة ومنطقة، بما في ذلك المالديف وأستراليا وسويسرا وكوستاريكا وسنغافورة وتشيلي وكوريا الجنوبية وأيسلندا وبيرو ونيوزيلندا وباكستان وهونغ كونغ وماكاو، ورابطة آسيان وغيرها.

في عام 2013، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة "الحزام والطريق"؛ وفي مارس عام 2015، أصدرت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح ووزارة الخارجية ووزارة التجارة بشكل مشترك "الرؤية والعمل لدفع البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين"، سعيا لتعزيز التعاون باعتبار التواصل في السياسات وترابط المنشآت وتيسير التجارة وتيسير التمويل والتواصل بين قلوب الشعوب من الموضوعات الرئيسية. وفي مايو 2017، عقد منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي تحت عنوان "تعزيز التعاون الدولي والبناء المشترك للـحزام والطريق"، الذي حقق نتائج وفيرة في مجال التجارة والاستثمار والتعاون والقطارات الصينية- الأوروبية والتبادلات الثقافية وما إلى ذلك.

شهد عام 2018، تطورات جديدة في داخل وخارج الصين؛ ففي نوفمبر، أقيمت الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للاستيراد في شانغهاي، حيث ألقى الرئيس شي جين بينغ الكلمة الرئيسية بعنوان "العمل معا من أجل اقتصاد عالمي مفتوح وابتكاري وشامل" في مراسم الافتتاح للمعرض، متعهدا بتخفيض التعريفات الجمركية، وتسهيل التخليص الجمركي والفحص والحجر الصحي، ومواصلة تسهيل دخول السلع والخدمات الأجنبية إلى الصين، وخلق بيئة تجارية دولية ذات مستوى عال. من المتوقع أن تستورد الصين بضائع قيمتها 30 تريليون دولار أمريكي وخدمات قيمتها 10 تريليونات دولار أمريكي في السنوات الخمس عشرة المقبلة.

ظلت الصين تتمسك بسياسة الانفتاح على الخارج كسياسة أساسية للدولة، وذلك لم يجلب المنافسة فقط، وإنما أيضا دفع توحيد النظام في السوق وإدخل التكنولوجيا المتقدمة الأجنبية وتعلم تجارب الإدارة المتقدمة في الشركات متعددة الجنسيات، مما يعزز القوة الدافعة الداخلية للتقدم الاقتصادي والاجتماعي في الصين، ويرفع القدرة التنافسية الدولية للمنتجات والشركات الصينية. وفقا لإحصاءات منظمة التجارة العالمية، ارتفع ترتيب التجارة الخارجية الصينية من المرتبة الثانية والثلاثين في عام 1978 إلى المرتبة الأولى في عام 2017 عالميا، وارتفعت قيمتها من 186ر20 مليار دولار أمريكي في عام 1978 إلى 11ر4 تريليونات دولار أمريكي في عام 2017، وارتفعت حصتها في العالم من 91ر7% إلى 48ر11%. ووفقا للإحصاءات الصادرة من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، من عام 1980 إلى عام 2017، ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصينية من 57 مليون دولار أمريكي إلى 32ر136 مليار دولار أمريكي، وارتفعت نسبتها في العالم من 05ر1‰ إلى 5ر9%؛ ومن عام 1982 إلى عام 2017، ارتفع حجم الاستثمارات الصينية الخارجية من 44 مليون دولار أمريكي إلى 63ر1246 مليار دولار أمريكي، وزاد نصيبها في العالم من 61ر1‰ إلى 76ر8%؛

 التنمية: ضمان الشروط الأساسية للتقدم الاقتصادي والاجتماعي

 في السنوات الأخيرة، ومواكبة للانفتاح على الخارج، نفذت الصين إستراتيجية تنمية إقليمية، لتطوير منطقة بودونغ الجديدة ومنطقة بينهاي الجديدة، وبناء منطقة شيونغآن الجديدة. في نفس الوقت، أسرعت الحكومة الصينية وتيرة التنمية لتنفيذ إستراتيجية تنمية المناطق الغربية وتنشيط القواعد الصناعية القديمة فى شمال شرقي الصين وإستراتيجية "نهوض وسط الصين".

في أكتوبر عام 2000، تبنت الدورة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الخامسة عشرة للحزب الشيوعي الصيني "اقتراحات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني لبرنامج الخطة الخمسية العاشرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية الوطنية"، حيث تم تحديد تنمية المناطق الغربية وتعزيز التنمية المنسقة الإقليمية كمهمة إستراتيجية. في أكتوبر عام 2003، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة "عدة آراء حول تنفيذ إستراتيجية إعادة إحياء القاعدة الصناعية القديمة في شمال شرقي الصين". في الثالث والعشرين من سبتمبر 2009، ناقش ووافق الاجتماع التنفيذي لمجلس الدولة مبدئيا على "خطة تعزيز نهوض وسط الصين".

في الثالث والعشرين من مارس عام 2015، قام اجتماع للمجموعة القيادية المركزية للشؤون المالية والاقتصادية بمراجعة ودراسة الخطوط العريضة لـ"منهاج تخطيط التنمية المتناسقة والمتكاملة بين بكين وتيانجين وخبي". يصل إجمالي عدد سكان بكين وتيانجين وخبي إلى أكثر من مائة مليون، يعيشون على مساحة 216 ألف كيلومتر مربع. يتمثل جوهر المنهاج في إعادة توزيع الوظائف غير العاصمية لبكين بشكل منظم، وإعادة الهيكلة الاقتصادية وتعديل الهيكل الفضائي، في سبيل إيجاد نمط تنمية سليم قائما على التركز السكاني والاقتصادي، وتعزيز التنمية الإقليمية المتناسقة، إلى جانب اكتشاف طريق تنمية جديد.

في سبتمبر عام 2016، حدد في "منهاج تنمية الحزام الاقتصادي لنهر اليانغتسي"، تخطيط جديد لتنمية الحزام الاقتصادي لنهر اليانغتسي، الذي يضم تسع مقاطعات وبلديتين، تغطي حوالي خُمس أراضي الصين، ويقطنها ستمائة مليون نسمة وتساهم بأكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي للصين.

في أكتوبر عام 1992، وافق مجلس الدولة على إقامة منطقة بودونغ الجديدة في مدينة شانغهاي. وفي يونيو عام 2005، وافق مجلس الدولة على جعل منطقة بودونغ الجديدة أول منطقة تجريبية شاملة للإصلاح في الصين. وفي عام 2009، وافقت الحكومة المركزية على إلغاء منطقة نانهوي في شانغهاي، لدمجها في منطقة بودونغ الجديدة بالكامل، الأمر الذي ضاعف مساحة منطقة بودونغ الجديدة.

في مارس عام 1994، قررت حكومة تيانجين إنشاء منطقة بينهاي الجديدة على أساس منطقة التنمية الاقتصادية والتكنولوجية ومنطقة التجارة الحرة في ميناء تيانجين. وفي عام 2005، أدرجت منطقة بينهاي الجديدة في "الخطة الخمسية الحادية عشرة" وإستراتيجية التنمية الوطنية، فأصبحت منطقة تطوير وانفتاح رئيسية على مستوى الدولة. وفي يونيو عام 2006، وافق مجلس الدولة رسميا على جعل منطقة بينهاي الجديدة منطقة تجريبية شاملة للإصلاح في الصين. وفي الثاني عشر من ديسمبر عام 2014، أصبحت منطقة بينهاي الجديدة أول منطقة تجريبية للتجارة الحرة في شمالي الصين.

في الأول من إبريل عام 2017، قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة بناء منطقة شيونغآن الجديدة على مستوى الدولة، التي تضم محافظات شيونغشيان ورونغتشنغ وأنشين وبعض المناطق المجاورة في دائرة مدينة باودينغ بمقاطعة خبي. إن بناء منطقة شيونغآن الجديدة له أهمية واقعية وتاريخية في حل بعض وظائف بكين غير العاصمية، واستكشاف وتطوير نماذج جديدة لتحسين المناطق ذات الكثافة السكانية الاقتصادية، وتعديل وتحسين تخطيط بكين وتيانجين وخبي، لتهيئة محرك جديد للتنمية والابتكار.


(المصدر: الصين اليوم)



1   2   3   >  


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

الترتيب للأخبار

تعليق

تعليق
مجهول
الاسم :
(0) مجموع التعليقات :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号