3 سبتمبر 2018 /شبكة الصين/ "هذا قشر البرتقال، هذه الدرنة من زنبق الفيروزج، هذا جذر الهربون..." بهذه الكلمات يقدم ماكغلونغ الأدوية الصينية التقليدية لزبائن صيدلية تونغرنتانغ بكين في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا. ماكغلونغ، الذي يتحدث الصينية بطلاقة، يعمل في هذه الصيدلية منذ سنة ونصف، وهو لا يعرف أسماء الأدوية الصينية التقليدية فقط، وإنما أيضا يتقن تركيب الوصفات الطبية.

قال: "لقد تعلمت واتقنت هذه المعلومات، ليس من أجلي، وإنما لمساعدة المرضى." وأضاف أن عدد زبائن صيدلية تونغرنتانغ بكين في جوهانسبرغ يتزايدون كثيرا في عطلة نهاية الأسبوع.

فتحت شركة تونغرنتانغ بكين ستة فروع في جوهانسبرغ وبريتوريا وديربان بجنوب أفريقيا في عام 2016، إضافة إلى بيع الأدوية الصينية التقليدية، تقدم هذه الفروع خدمات العلاج  والوخز بالإبر والتدليك.

تونغرنتانغ صيدلية أسسها الطبيب الصيني المشهور له شيان يانغ في بكين عام 1669، يرجع تاريخها إلى 350 عاما، وقد أدرجت في قائمة "التراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني" في الصين.

نشر الثقافة الصينية في جنوب أفريقيا

أصيب ماتايب بجروح في رسغ قدمه في حادثة مواصلات، وكان صعب عليه أن يمشي بعد استخدام رسغ القدم الاصطناعي. ذات مرة، شارك في العلاج المجاني لصيدلية تونغرنتانغ بكين، ووجد أن العلاج بالوخز بالإبر فعال جدا. قال: "الإبر في يدي الطبيب عجيبة، كنت لا أستطيع المشي قبل العلاج، والآن المشي ليس أمرا صعبا بالنسبة لي."

الطب الصيني التقليدي لا يساهم فقط في علاج الأمراض ومساعدة المرضى في أفريقيا، وإنما أيضا في نشر الثقافة الصينية. يحظى الطب الصيني التقليدي وثقافته بترحيب متزايد من الأفارقة. قال مسؤول صيدلية تونغرنتانغ بكين في جنوب أفريقيا، إن 70% من زبائن الصيدلية أفارقة. الطب الصيني التقليدي والأدوية الصينية التقليدية حصلت على قبول جماهير الشعب في جنوب أفريقيا، كما نالت تأكيدا من الهيئات الصحية فيها.

قال عميد كلية الهندسة الصحية في جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرغ: "العدد الكبير لمستخدمي الطب الصيني التقليدي في الصين يدل على أهميته. نحن أبناء جنوب أفريقيا مولعون بالطب الصيني التقليدي أيضا، ويستخدم عدد كبير من أبنائنا الأدوية الصينية التقليدية. والطب التقليدي لجنوب أفريقيا يستفيد من الطب الصيني التقليدي كثيرا."

من أجل نشر ثقافة الطب الصيني التقليدي في الخارج، تم توقيع مذكرة تعاون بين صيدلية تونغرنتانغ وجامعة جوهانسبرغ سعيا إلى إعداد وتدريب المتخصصين في الوخز بالإبر في جنوب أفريقيا. وقد حصلت هذه الخطة على موافقة الهيئة التعليمية بجنوب أفريقيا، ومن المتوقع أن تقبل الطلاب ابتداءا من عام 2019.

في جوهانسبرغ، بيت معلق في باحته فوانيس حمراء، فيظن غالبية الناس أن صاحبه صيني، لكن في الحقيقة صاحبته هي أرنيت ابنة جنوب أفريقيا التي تتقن وتحب الوخز بالإبر الصينية وممارسة تايجي تشيوان (ملاكمة الظل).

قالت أرنيت: "في جنوب أفريقيا، من الضروري تحديد موعد مع الطبيب لتشخيص المرض بالطب الصيني التقليدي. أستقبل عادة من 15 إلى 20 مريضا كل يوم، معظمهم من بريتوريا التي تبعد عن جوهانسبرغ من 30 إلى 40 دقيقة بالسيارة، ومن المناطق المحيطة بها. وأحيانا يأتي المرضى من مناطق أبعد، مثل نيلسبروت التي تستغرق الرحلة منها إلى جوهانسبرغ عدة ساعات بالسيارة. وقد ذاعت شهرتي على ألسنة المرضى، وليس عن طريق الإعلانات." أضافت: "أعمل سبعة أيام في الأسبوع، وغالبا ما يغادر آخر مريض مكتبي في وقت متأخر من الليل."

أثناء الحديث مع أرنيت، وصل أول مريض لها بعد الظهر. المريض، واسمه سالا، أصبح بعد أكثر من عام من العلاج بالوخز بالإبر، صديقا حميما لأرنيت.

قالت أرنيت، التي دخل الطب الصيني التقليدي حياتها قبل عشرين عاما: "أنا أستمتع حقا بالطب الصيني التقليدي، وأعتقد أنه يجب أن يكون أكثر انتشارا في جميع أنحاء العالم."

أصيبت أرنيت، وهي في عامها العشرين، بشلل في الجانب الأيسر. قالت: "أخبرني طبيبي أنه عاجز عن علاجي، فبدأت أبحث عن طرق أخرى للعلاج. كنت قد قرأت تقريرا عن الوخز بالإبر الصينية، واعتقدت أنه قد يساعدني". وجدت أرنيت أخيرا خبيرة في الوخز بالإبر في ديربان، وقد تمكنت من علاجها. ومنذ ذلك الحين بدأت تتعلم الطب الصيني التقليدي. قالت أرنيت: "بالإضافة إلى توفير دخل ثابت، فإن الطب الصيني التقليدي يثري بشكل كبير حياتي الروحية."

طريق الأمل

في وسط مدينة بريتوريا، العاصمة الإدارية لجنوب أفريقيا، يمكن أن ترى عن بعد لوحة كبيرة مكتوبة باللغة الإنجليزية، أنها "الأدوية الصينية التقليدية".

قال تشونغ بينغ، الممثل الرئيسي لفروع تونغرنتانغ بكين في أفريقيا، إن الطب الصيني التقليدي يتمتع بإمكانيات قوية للتطور في أفريقيا. وذلك لأن أفريقيا تستخدم عادة الأعشاب الطبية، ومن ثم فإن الثقة في الطب الصيني التقليدي تفوق كثيرا ما في البلدان الغربية.

جنوب أفريقيا، باعتبارها محرك الاقتصاد الأفريقي، لديها البنية التحتية الأكثر تقدما، والأنظمة القانونية والأنظمة المالية الشاملة. وقد اعترفت حكومة جنوب أفريقيا بالفعل في عام 2000 بالوضع القانوني للطب الصيني التقليدي، حيث أعطت ضمانا قويا لتطوره هناك، بل وفي جميع أنحاء القارة الأفريقية.

بالإضافة إلى دورات الوخز بالإبر الصينية التي نظمتها شركة تونغرنتانغ بالتعاون مع جامعة جوهانسبرغ، تخطط تونغرنتانغ لبناء مصنع في جنوب أفريقيا لتطوير زراعة الأعشاب الطبية وإنشاء مستشفى. قال تشونغ بينغ: "نأمل أن تصبح تونغرتانغ رسول الثقافة الصينية وأن تساهم في التعاون بين الصين وجنوب أفريقيا في مجال الصحة العامة."

 تتميز الأدوية الصينية التقليدية على الأدوية الغربية في السعر. قال تشونغ بينغ: "في جنوب إفريقيا، لا يتمتع غالبية أصحاب الدخول المنخفصة بالتأمين الصحي، ويفضلون الأدوية الصينية التقليدية التي تباع في الصيدليات بثمن أرخص."

في صيدلية تونغرنتانغ بكين في بريتوريا، سعر جلسة التدليك 200 راند وتكلفة العلاج بالوخز بالإبر 400 راند (الدولار الأمريكي يساوي 047ر14 راند). وقد أصبح هذان العلاجان مشمولين بالفعل في التأمين التجاري للأثرياء.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك في جنوب افريقيا فجوة كبيرة في عدد ممارسي الطب التقليدي الصيني. هناك أقل من 200 متخصص في الطب الصيني التقليدي في هذا المجال حصلوا على الرخصة الدائمة، وأقل من نصفهم من أصل صيني.

قال تشونغ بنغ: "تفكر شركة تونغرنتانغ بكين في بناء مصنع في جنوب أفريقيا لتطوير الأعشاب الطبية وتصنيع منتجات يمكن أن تلبي احتياجات البلدان الأفريقية وتزيد من خفض أسعار الأدوية، الأمر سييتح أيضا تصدير هذه المنتجات إلى بلدان أخرى، بما في ذلك الصين، ويطور سلسلة تونغرنتانغ الصناعية."

--

ما لي، صحفي بمجلة ((الصين اليوم)).

هو فنغ، صحفي بمحطة التلفزيون الصينية المركزية (CCTV)

تشنغ تشينغ تينغ، صحفي بجريدة ((21 شيجي جينغجي باوداو)) (الأنباء الاقتصادية في القرن 21)

(المصدر: الصين اليوم)