دمشق 20 يوليو 2018 (شينخوا) في وسط العاصمة السورية دمشق، وفي حديقة تشرين التي تنبعث منها روائح الاطباق والاكلات الشهية التي صنعها وأعدها طباخون هواة ومحترفين ، لتجذب معها مئات من السوريين إلى ركن في تلك الحديقة الكبيرة ، أطلق عليه "شارع الأكل" وسط أجواء من الفرح والمتعة.

"شارع الأكل" هي تجربة تعد الأولى من نوعها في سوريا بعد أن وضعت الحرب أوزارها في العاصمة دمشق وريفها، ضمن مهرجان "الشام بتجمعنا" الذي شمل عدة نشاطات على مدار أكثر من شهر، استقطب خلالها السوريين، وكان متنافسا لهم بعد سنوات من الحرب والحرمان من التنزه والعيش والتجول بأمان في جنبات العاصمة دمشق.

ومع كل مساء يتوافد المئات من السوريين إلى حديقة تشرين ، بقصد زيارة "شارع الأكل" الذي يحظى باهتمام كبير لدى السوريين، خاصة وان أهالي دمشق يشتهرون بصنع بعض الأكلات التراثية ويحبون الطعام اللذيذ.

وقبل ان تصل إلى "شارع الأكل" بإمكان أي شخص ان يشم روائح الطعام اللذيذ، وان يبادر بالزيارة للاستماع بمنظر الوجبات الشهية، ورائحة الطعام التي تنتشر في المكان، ليصبح اشبه ما يكون بمهرجان لتذوق الطعام.

واللافت في الامر هو ان معظم زوار هذا الشارع هم من الشبان المراهقين، الذين يأتون مع بعضهم البعض لقضاء بضع ساعات، ويتذوقون بعض الأطعمة ، ويلتقطون بعض الصور التذكارية.

وقال سامر (23 عاما) الذي جاء مع مجموعة من رفاقه الشباب والشابات، وجلسوا على طاولة مستديرة ، في أحد الخيم في شارع الاكل، لوكالة (شينخوا) بدمشق اليوم (الجمعة) " شيء جميل ان تجد معظم المطاعم الدمشقية موجودة في مكان واحد"، لافتا إلى أن "ظاهرة رائعة وتستحوذ على اهتمام معظم السوريين".

من جانبها، رأى سلاف (21 عاما) أن تجربة شارع الأكل تجربة جيدة، وأتمنى ان تتكرر كل عام لتصبح تقليد سنوي.

وقالت سلاف التي جلست تنتظر وجبة من اللحم المشوي على الحطب مع صديقات لها، إن السوريين يحبون الحياة، والطعام اللذيذ ، وهنا في شارع الاكل ، سنجد كل ما نشتهي وباسعار تناسبنا.

العديد من الشبان والشابات اعربوا عن سعادتهم بهذه التجربة ، وامضوا وقتا جميلا في وهم يتذوقون أصنافا عديدة من الأطعمة ، وسط حالة من الفرحة والسعادة بعودة الامن والأمان لربوع دمشق التي كانت ـ حسب زعمهم ـ المدينة التي تنام .

ومن جانبه، عبر أبو اياد (33 عاما) الذي جاء مع عائلته لرؤية هذا الشارع الذي سمع عنه الكثير.

وقال أبو اياد لوكالة (شينخوا) بدمشق إن "ما شاهدته اليوم في شارع الاكل يدل على ان سوريا بدأت تتعافى"، مؤكدا أن المطبخ الشرقي وخاصة الدمشقي يحظى بسمعة طيبة واكله اللذيذ.

وأضاف أبو اياد "اليوم تناولت مع عائلتي بعض الاكلات الدمشقية المعروفة، التي لها نكهة خاصة"، لافتا إلى أن هذه الأكلات باتت نادرة، وهذا الفعالية اعادت رونقها الخاص.

وبدورها، قالت تاليا اسعد (18 عاما) "إنه أثناء الحرب كنا نجلس في منازلنا، ولا نستطيع الخروج لاي مكان بسبب قذائف الهاون العشوائية والتفجيرات، ولكن مع عودة الأمان والسلام لربوع دمشق، بات الامر متاحا، وبإمكاننا الذهاب والاستمتاع بالوقت مع الأصدقاء والاهل".

وأضافت تاليا إن "شارع الاكل هو مكان جميل لزيارة مجموعة من الأصدقاء والتمتع بالوقت".

ويقول المنظمون لهذه التجربة إن الفكرة وراء إقامة شارع الاكل هو لجلب جميع مطاعم التي تقدم الوجبات في شوارع دمشق إلى مكان واحد لخلق جو بهيج ولارسال رسالة بأن العاصمة أصبحت آمنة.

وقال زيد العجلاني، من الجهة المنظمة للحدث لوكالة (شينخوا) بدمشق، "هذه التجربة الأولى من نوعها في سوريا، ولكن هناك دول عربية سبقتنا في إقامة مثل هكذا نشاطات " .

وأضاف إن " شارع الاكل سوف يقدم مساعدة للناس للتعرف على المطاعم خارج أحيائهم، التي فضلت البقاء في أثناء الحرب".

وتابع "أردنا من خلال هذه التجربة أن نقرب المسافة بين الشوارع وان يتمكن الناس من التعرف على ماركات ومطاعم جديدة في شوارع مختلفة في دمشق".

وعلى بعد أمتار قليلة من شارع الاكل أقيم ضمن مهرجان "الشام بتجمعنا" تجمعا يمثل حارات ومقاهي دمشق القديمة بطراز معماري تراثي أيضا شكل عنصر جذب للسوريين، وكان بمثابة استراحة لمعظم السوريين الذين يزورون هذا المهرجان ويستمتعون بسهرات جميلة، بعد سنوات من الحرمان والمكوث في المنازل، بسبب الحرب.

يشار إلى أنه في 21 مايو الماضي، أعلن الجيش السوري دمشق آمنة وخالية من المسلحين، بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مناطق جنوب دمشق وغيرها من الجماعات المسلحة في الريف الشرقي من العاصمة.

والان تستعيد دمشق تألقها، وبات سكان العاصمة يقضون ساعات طويلة من الليل، ويجلسون في المقاهي والمنتزهات، كما كانوا يفعلون قبل نشوب الأزمة في العام 2011.