الصفحة الأولى | حجم الخط    أ أ أ

يجب على الصين أن تملك العزم والإصرار والثقة بالنفس في الحرب التجارية

arabic.china.org.cn / 14:30:43 2018-06-20

بقلم رئيس تحرير شبكة الصين وانغ شياو هوي

20 يونيو 2018 / شبكة الصين / يتزامن افتتاح كأس العالم لكرة القدم مع اندلاع حرب تجارية، حيث بدأت المواجهتان اللتان يختلف شكلاهما قبيل حلول عيد دوانوو التقليدي الصيني (مهرجان قوارب التنين). وقد شهدت العلاقات التجارية الصينية الأمريكية انعطافات وتقلبات منذ أن بدأت واشنطن التحقيق أحادي الجانب في أغسطس الماضي. وفي 14 يونيو عام 2018 أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على سلع صينية بقيمة 50 مليار دولار، وفي اليوم التالي ردت الصين على التدابير الأمريكية بنفس الطريقة. وفي 18 يونيو عام 2018، أصدر البيت الأبيض بيانا جديدا يهدد فيه بتحديد منتجات صينية بقيمة 200 مليار دولار لفرض رسوم إضافية عليها. وفي اليوم التالي قالت وزارة التجارة الصينية إنه إذا فقدت الولايات المتحدة رشدها وأعلنت قائمة أخرى من المنتجات الصينية لفرض رسوم إضافية عليها، فإن الصين لن يكون أمامها خيار سوى اتخاذ إجراءات شاملة تشمل تدابير كمية ونوعية للرد بحزم على ذلك. وهكذا تصاعدت حدة الاحتكاكات التجارية وقد تنفجر الحرب التجارية في أي لحظة.


الحرب التجارية ستقع عاجلا أم آجلا

 منذ تصاعد الاحتكاكات التجارية بين الصين والولايات المتحدة تكرر وسائل الإعلام يوميا عبارات مثل "لن يخرج أحد فائزا في أي حرب تجارية" و"تدابير الحرب التجارية تضر بكلا الجانبين". فهل يجهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته هذه الحقيقة الواضحة؟ يفهمون ذلك حتما، فواشنطن تدرك تماما الأضرار التي ستلحق بها في الحرب التجارية ولكنها تهتم أكثر بالأضرار التي ستلحق بالصين. ولهذا السبب نراها مصرة على قرارها.

تارة تتحدث إدارة ترامب عن المصالحة من خلال المفاوضات. وتارة أخرى تتحدث عن المواجهة وتتراجع عن قراراتها في أية لحظة، وكل تكتيكات واشنطن واستراتيجيتها تلك لم تتغير أبدا والهدف هو عرقلة تنمية الصين بجميع الوسائل بما فيها الحرب التجارية. ويجب على الصين إدراك ذلك بكل وضوح.

إذا ألقينا نظرة فاحصة على الماضي البعيد فإننا نلاحظ أن هذه المواجهة الناتجة عن الاختلاف في النظام الاجتماعي لها سوابق تاريخية كثيرة، ابتداء من مبدأ ترومان ومرورا بـ"1999 نصر بلا حرب" لنيكسون وفكرة "مواجهة الصين بواسطة الإنترنت" لكلينتون، وصولا إلى إجراءت إدارة ترامب ضد الصين. موقفهم من الصين واحد وواضح، والاختلاف فقط يتمثل في أن أفعال ترامب تنطلق من كونه رجل أعمال لا يتبع الأساليب التقليدية.


بين المفاوضات والحروب

 تعد الاحتكاكات التجارية بين الصين والولايات المتحدة مسألة هيكلية طويلة الأمد ولن يتم حلها خلال سنوات معدودة. في 15 يونيو شرح ترامب في تغريدة له أسباب فرضه تعريفات جمركية على سلع صينية بقيمة 50 مليار دولار ويمكن تلخيصها في جملة واحدة هي أن التجارة ليست متوازنة وتخسر فيها الولايات المتحدة بينما تستفيد منها الصين.

يبدو أن التجارة بين الصين والولايات المتحدة ليست متوازنة بالفعل ولكنها ليست بالضرورة أن تكون غير عادلة.

وأسباب ذلك معروفة منها مسألة انخفاض مستوى الانفتاح في بعض القطاعات الصينية وكذلك مسألة طبيعة الشركات الصينية المملوكة للدولة. ولكن الأسباب الجذرية تتمثل في الاختلاف بين هيكل الاقتصاد الصيني وهيكل الاقتصاد الأمريكي، ومكانة الدولار كعملة عالمية وانخفاص الادخار وارتفاع الاستهلاك للمواطنين الأمريكيين، والقيود الأمريكية على تصدير المنتجات العالية التكنولوجيا إلى الصين وغيرها من المسائل النظامية والهيكلية.

نأخذ مكانة الدولار كمثال. في أوائل سبعينات القرن الماضي، سيطرت الولايات المتحدة على الطاقة في أنحاء العالم من خلال فك الارتباط بين الدولار والذهب وتأسيس وضعية الدولار البترولي. كما جعلت العالم يدفع ثمن استهلاكها من خلال إصدار أوراقها النقدية. ويمكن القول إن الولايات المتحدة استفادت كثيرا من ذلك. ومن أجل حماية مكانة الدولار كعملة عالمية، لا بد من تصدير الدولارات إلى أنحاء العالم الأمر الذي أدى حتما إلى العجز التجاري. الولايات المتحدة تعرف هذه الحقيقة ولكنها تتجنب الحديث عنها.

عدم التوازن في التجارة الصينية الأمريكية مسألة هيكلية لا يمكن حلها خلال وقت قصير. وستكون الاحتكاكات التجارية بين البلدين حالة دائمة في المستقبل، كيف يمكن حل ذلك؟ سنشهد حتما مفاوضات ومواجهات متشابكة ومتداخلة. المواجهات والحروب من أجل تحقيق نتائج أفضل للمفاوضات والمفاوضات من أجل تقليل المواجهة وتجنبها.


مشاكل التنمية

 لن تحقق دولة عملاقة صعودها بدون عقبات وتحديات.

على الرغم من أن الصين حققت نموا اقتصاديا سريعا جدا خلال العقدين الأولين من بدء تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح إلا أن الفجوة مع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة مازالت كبيرة جدا من حيث حجم الاقتصاد الكلي ونوعية الاقتصاد. في 11 ديسمبر عام 2001 انضمت الصين رسميا إلى منظمة التجارة العالمية واغتنمت الفرصة التاريخية للعولمة لمواصلة توسيع الانفتاح والاندماج بالمجتمع الدولي، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ومنذ المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، شهدت الصين تطورا شاملا في المجالات الاقتصادية والعسكرية والثقافية والعلمية والتكنولوجية. وارتفعت نسبة حجم اقتصادها من حجم الاقتصاد العالمي من 11% إلى 15%، كما طرحت الحكومة الصينية أهداف تحويل النمو السريع إلى النمو العالي الجودة. إن هذه الإنجازات تم تحقيقها عبر الجهود الشاقة التي بذلها الشعب الصيني تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني. ولكن من وجهة نظر بعض الدول المهيمنة والتي تؤمن بفكرة الحرب الباردة، أصبحت إنجازات الصين أساسا يدعم نظرية "التهديد الصيني" وسببا لاحتواء تنمية الصين.

بعد الحرب العالمية الثانية وطدت الولايات المتحدة مكانتها القيادية في العالم . ومع تفكك الاتحاد السوفييتي السابق، اتجهت الولايات المتحدة لأن تكون القطب الوحيد، حيث أصبحت قادرة على تحقيق أهدافها عبر وسائلها السياسية والعسكرية والاقتصادية والأيديولوجية، الأمر الذي خلق وعيا أنانيا قويا لدى الولايات المتحدة صار من الصعب عليها معه القبول بالفوز المشترك مع الدول الأخرى. وعلى هذه الخلفية قد تكون الحرب التجارية الأمريكية ضد الصين جزءا من سلسلة إجراءاتها. وفي حالة عدم السيطرة عليها بشكل مناسب، لا يمكن استبعاد احتمال توسع المواجهة إلى مجالات أخرى.

ستظل الصين متمسكة بمفهوم التنمية السلمية ولا تريد أي احتكاك أو صراع لا لزوم له مع أي دولة. وسعت منذ شهور لإيجاد حل من خلال المفاوضات والتشاور ولكن الولايات المتحدة مصرة على المواجهة الأمر الذي اضطرت الصين معه إلى اتخاذ إجراءت مضادة.


الثقة بالنفس والعزم والإصرار

 قال ماو تسي تونغ في رسالة وجهها إلى ليو يا تسي "توجد تناقضات في كل شيء بالعالم، يجب التعامل معها بنظرة بعيدة وأفق واسع." كما قال دنغ شياو بينغ "إن التنمية ذات أهمية قصوى" وأشار شي جين بينغ إلى أن "المفتاح هو أن نضبط أمورنا". علينا أن نلاحظ أن الولايات المتحدة لم تستثن شركاءها مثل الاتحاد الأوروبي وكندا من الحرب التجارية فكيف يمكن أن تتوقع تصالحها مع الصين؟ ستواجه الصين حتما تحديات وعقبات خلال مسيرتها التنموية، ولكننا لن نتوقف عند ذلك أو نجعله حجر عثرة في طريقنا. ولا يمكن أن نحقق هدف النهضة العظيمة للأمة الصينية إلا من خلال تعزيز الثقة بالنفس وعقد العزم الثابت.

أولا: علينا تعميق الإصلاح وتوسيع الانفتاح وتحسين الهيكل الاقتصادي وبيئة الاستثمار والتجارة وتعزيز التعاون التجاري مع الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية والآسيان وأفريقيا لتوسيع دائرة أصدقاء الصين وتخفيف تداعيات الحرب التجارية.

ثانيا: يجب علينا مواصلة بناء "الحزام والطريق" وتكثيف التعاون الاقتصادي والثقافي مع الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق" لتوسيع مجالات تنمية الصين.

ثالثا: يجب علينا التحلي بالعقل الرصين والتواضع وأن ندرك بشكل كامل مشاكلنا وتأخرنا في مجال الابتكار والتكنولوجيا الجوهرية والصناعات التحويلية المتقدمة وأن نكثف جهودنا في البحث العلمي والتعليم ونسلك طريق تقوية البلاد من خلال تطوير العلم والتكنولوجيا .

رابعا: الحفاظ على التركيز والعزم الاستراتيجي لحماية المصالح الوطنية الجوهرية مع مراعاة الوضع العام للعلاقات الصينية الأمريكية لتجنب تصاعد الحرب التجارية وتوسعها إلى مجالات أخرى.

يصادف العام الجاري الذكرى الأربعين للإصلاح والانفتاح في الصين. وفي مواجهة التحديات، تمتلك الصين ثقة كاملة وهي تقف عند نقطة بداية جديدة.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号