الصفحة الأولى | حجم الخط    أ أ أ

تقرير سنوي: في عام 2017...أنظار الشرق الأوسط اتجهت شرقا والتاريخ أثبت صواب الصين

arabic.china.org.cn / 10:50:29 2017-12-26

بقلم ثريا لوه

بكين 25 ديسمبر 2017 (شينخوا) طوال عام 2017، عاشت منطقة الشرق الأوسط، تلك الرقعة الهامة من العالم ذات الموقع الجغرافي المتميز والحضارات العريقة، عاشت اضطرابات ونزاعات. وفي خضم ذلك، لم تألُ جهدا في البحث عن اتجاه جديد لتنعم بالاستقرار والازدهار . وعندما وجهت أنظارها نحو الشرق، وجدت دولة مستقرة ومنفتحة تحقق نموا سريعا وتعتمد سياسات مختلفة تماما عن الغرب، دولة برهن التاريخ على صواب مسارها وعلى أنها رمانة ميزان لاستقرار العالم ودافعة لنموه وأمنه وشريكة في إدارته؛ إنها: الصين.

وسرعان ما وقعت أنظارها على الصين، لتجد أن الصين لا تتأثر بالآخرين، ولا تفرض تأثيرها على الآخرين، بل تسير في طريقها الخاص بشكل مستقيم وتحقق معجزات واحدة تلو الأخرى في هذه البقعة من الكرة الأرضية. فما أسرار نجاحها في تحقيق نمو سريع متواصل؟ وما خططها المستقبلية وتأثيرها على العالم؟ وهل هناك شيء يمكن أخذه من الصين ونقله إلى المنطقة لاستلهام هذه النجاحات؟


-- سياسة الصين الخارجية المستقلة...نموذج للعلاقات الدولية الجديدة

طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ في أوائل عام 2016 في خطاب ألقاه بمقر جامعة الدول العربية في العاصمة المصرية القاهرة، مبادئ سياسة الصين الخارجية تجاه منطقة الشرق الأوسط ، والمتمثلة في أن الصين لن تسعى إلى تنصيب وكلاء بل إلى دفع السلام والحوار، ولن تسعى إلى بناء مجال نفوذ بل إلى دفع الجميع للمشاركة في دائرة أصدقاء الحزام والطريق، ولن تسعى لملء فراغ بل إلى نسج شبكة من الشراكة التعاونية متبادلة المنفعة.

وحددت هذه النقاط ملامح سياسة الصين تجاه الشرق الأوسط. إن مبادئ الصين الخارجية تجاه منطقة الشرق الأوسط تعد تجسيدا لمبدأ الصين الدائم المتمثل في "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين". وقد أعلنت الصين منذ خمسينات القرن الماضي "المبادئ الخمسة للتعايش السلمي" ومازالت هذه المبادئ تتفق مع ظروف المنطقة في وقتنا الحاضر وتقدم نموذجا يمكن أن تحذو القوى العظمى حذوه في التعامل مع شؤون الشرق الأوسط. كما تعد المبادئ، التي تتمسك بها الصين دوما مثل التمسك بالحل السياسي للقضايا الساخنة وتفعيل دور الأمم المتحدة وغيرها ، مفاتيح لحل الاضطرابات والنزاعات التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن.

فطرحت الصين في مناسبات عديدة رؤيتها ومقترحاتها لحل الأزمات والقضايا الراهنة في منطقة الشرق الأوسط. وفي ظل أن القضية الفلسطينية ما تزال القضية المحورية في الشرق الأوسط ،طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ الرؤية الصينية الجديدة، خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس للصين في يوليو الماضي، وأتت هذه الرؤية الشاملة في إطار الجهود الجديدة التي تبذلها الصين لحل القضية الفلسطينية في ظل الأوضاع الدولية المعقدة.

وخلال المحادثات مع شي، أشار عباس إلى أن مبادرة الصين ذات النقاط الأربع وخطاب الرئيس الصيني في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، خير دليل على التزام بكين بدعم تطلعات الشعب الفلسطيني للحرية والاستقلال، واهتمامها بصنع السلام في منطقة الشرق الأوسط .

لم تكتف الصين بإصدار التصريحات فقط، بل احتضنت بكين ندوة ضمت مؤيدين للسلام من الفلسطينيين والإسرائيليين، يومي 21 و22 ديسمبر الجاري، بهدف توفير منصة تواصل لمؤيدي السلام من الجانبين، وطرح أفكار جديدة لدفع عملية السلام .

وخلال الندوة، أثنى الوفد الفلسطيني برئاسة نبيل شعث، على موقف الصين الدائم والمقترحات التي طرحها الجانب الصيني حول السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واصفا إياها بـ "العملية".


-- مبادرة الحزام والطريق... تدفع المشاركة والترابط

اقتصاديا، لم تسر الصين، بصفتها دولة كبيرة ذات مسؤوليات، على نفس الدرب القديم الذي سلكه الغرب، بل تقترح التنمية المنسقة والنمو المترابط لتنسج شبكة شراكة تعاونية متبادلة المنفعة على أساس المطالب الحقيقية للنمو الاقتصادي لدول المنطقة، وتدفع عملية التصنيع والتنمية في المنطقة بنموها الاقتصادي الذاتي.

فشكلت الصين وضعا جديدا للتعاون الصيني-العربي يتمثل في معادلة " 1+2+3" التي تتخذ من مجال الطاقة محورا رئيسيا، ومن مجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار، جناحين، ومن المجالات الثلاثة ذات التقنية المتقدمة والحديثة وهي الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة، نقاط اختراق، ولاقت ترحيبا من دول المنطقة.

وتجدر الإشارة إلى أن مبادرة الحزام والطريق التى طرحها الرئيس شي في عام 2013، في شقيها البري والبحري، هي خطة بعيدة المدى، بالغة الأهمية للصين والدول العربية أيضا.

وتلتقى المبادرة الصينية بالرؤى التنموية التي طرحت في السنوات الأخيرة في العديد من الدول العربية، بما فيها رؤية 2030 السعودية، ورؤية 2035 الكويتية، ورؤية الإمارات لإحياء طريق الحرير، ومشروع تطوير منطقة الدقم الاقتصادية في سلطنة عمان، ومشروع تنمية محور قناة السويس في مصر، وغيرها . فرحبت الدول العربية وأبدت تجاوبا شديدا للإسهام في المبادرة.

ووقعت حتى الآن 8 دول في الشرق الأوسط ، اتفاقيات التعاون للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وأقامت الصين مع 21 دولة عربية، آلية لجنة الاتصال التجاري والاقتصادي في إطار المبادرة. كما أقامت الصين مع السعودية، اللجنة العليا على مستوى نائب رئيس الوزراء، وأقامت مع مصر والجزائر آلية للتعاون في القدرة الإنتاجية.

على سبيل المثال، وقعت الصين والسعودية خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للصين في مارس العام الجاري، 14 مذكرة تفاهم وإعلان نوايا تضم 35 مشروعا بقيمة 65 مليار دولار أمريكي، بفضل ترابط مبادرة الحزام والطريق بالرؤية السعودية لعام 2030.

كما حققت المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة الصينية ــ الخليجية في عام 2017 تقدما مشجعا وستصبح محركا جديدا لدفع التجارة والاستثمار بين الصين والدول العربية، وأطلقت الصين أيضا عملية بناء منطقة التجارة الحرة مع فلسطين.

بالإضافة إلى ذلك، وخلال هذا العام، اتخذت المزيد من الدول العربية إجراءات إعفاء التأشيرة للمواطنين الصينيين، ومنها الإمارات وتونس وغيرها ، بعد اتخاذ المغرب إجراءات مماثلة في عام 2016، ومن حينها تتحقق عائدات كبيرة بفضل السياح الصينيين.


-- الأفكار والمفاهيم...منبع نجاح الصين

قال الرئيس شي في كلمته خلال مؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب عالمية، إن شعوب العالم تعيش تحت نفس السماء الزرقاء وتملك نفس الموطن، فهي تنتمي لأسرة واحدة.

وتنبع فكرة "بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية"، من حِكم الصين القديمة المتوارثة. فعبر تاريخ الصين الذي يرجع لآلاف السنين، تؤكد الحكم الصينية القديمة دائما على أن "العالم أسرة واحدة". فوجهة النظر الكلاسيكية للصينيين نحو العالم مختلفة عما لدى الغرب، وهي "كون متكامل يجمع بين المصير والعالم والأمة".

وقام الرئيس شي بتحديث وتطوير للحكم الصينية القديمة، حيث تلتزم الصين في الداخل بخدمة الشعب وتتمسك بالأفكار الخمسة وهي الابتكار والتنسيق والتنمية الخضراء والانفتاح والتقاسم، لتحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية. أما على الصعيد الدولي، فتلتزم الصين بتحقيق الهدف المتمثل في "بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية" وتسعى لتحقيق عالم ينعم بسلام دائم وأمن سائد وازدهار مشترك وانفتاح واندماج ونظافة وجمال، لتقدم بذلك إسهامات أكبر للبشرية.

وهذه الأفكار والمفاهيم النابعة من عمق الحضارة الصينية العريقة، أخذت تجذب أنظار الدول العربية أيضا. فقد عقد الحزب الشيوعي الصيني في هذا العام مؤتمره الوطني الـ19، وأصبح المؤتمر محل نقاش ساخن لدى الساسة والمفكرين والباحثين والصحفيين في الدول العربية. فمن ناحية، أشادوا بالمنجزات الاقتصادية التي حققتها الصين خلال السنوات الماضية، ومن ناحية أخرى أعربوا عن اتفاقهم مع وجهات نظر الصين في التنمية والحوكمة، ورغبتهم في تعلم تجارب الصين والاستفادة منها.

إن قدرة الجواد الأصيل تعرف من خلال المسافة التي يقطعها، وإخلاص القلب يعرف مع مرور الأيام . الصين تسعى دائما إلى إزالة أي سوء فهم قد يحدث بين دول المنطقة والعمل على تقليل الخلافات بينها، وحل النزاعات والتناقضات بينها، وتساعدها بقدر استطاعتها ، في تنمية الاقتصاد والنهوض بقوة البلاد . فالصين دافعة للسلام والتنمية بالمنطقة وداعمة دائمة لاستقرارها وشريكا تعاونيا لها؛ قلبها دوما مع قلوب شعوب المنطقة. وعلى مرّ الأزمان ، ارتبطت بعلاقات صداقة وطيدة بالمنطقة ونالت شعبية فيها. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号