مقالة خاصة: في مجال مكافحة الإرهاب ... مصر تكثف الجهود وتصبح قوة دولية هامة

بكين 22 أكتوبر 2017 (شينخوا) يهتز العالم كل مرة على وقع أحداث إرهابية تسفر عن مقتل وإصابة الكثيرين في عدة بلدان من بقاع الأرض كان آخرها الحادث الذي وقع بين قوات الأمن المصرية ومسلحين إرهابيين بمنطقة الواحات في محافظة الجيزة وأدى إلى استشهاد 16 من رجال الشرطة وإصابة 13 آخرين إضافة إلى مقتل وإصابة 15 إرهابيا.

وقد قوبل حادث الواحات الإرهابي بإدانات شعبية وعربية وعالمية واسعة، وقال الخبراء الصينيون إن الصين تؤكد دوماً معارضتها للإرهاب بجميع أشكاله وتأييدها بحزم لجهود مصر في مكافحة الإرهاب والحفاظ على أمنها واستقرارها. وذكروا أن حادث الواحات يشير إلى أن خطر الإرهاب لا يزال قائماً ويتطلب من المجتمع الدولي تكثيف الجهود للقضاء عليه، مشيدين بالإجراءات الفاعلة التي تتخذها الحكومة المصرية لمكافحة هذه الآفة ولافتين في الوقت ذاته إلى أن مصر أصبحت قوة دولية هامة في هذا المجال.

-- الاستقرار ... مفتاح التنمية

وأشار الخبراء الصينيون إلى أن الهجمات الإرهابية التي تقع في مصر تأتي في الواقع وسط تغيرات كبيرة يشهدها الوضع الدولي في مكافحة الإرهاب بعدما أخذ المجتمع الدولي يعزز بقوة من محاربته لتنظيم (داعش ) منذ عام 2016 حيث استعادت القوات العراقية سيطرتها على الموصل في مايو من العام الجاري كما استعادت سوريا مؤخرا سيطرتها على الرقة المعقل الرئيسي للتنظيم. فلم يبق لداعش ملاذ رئيسي في العالم ولكنه صار ينتشر بمنظماته الفرعية وبالعناصر الموالية له في أرجاء العالم ليقوم بأعمال إرهابية في بلدان مختلفة مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا ومصر وغيرها من الدول.

ويرى سون ده قانغ الباحث بمعهد الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الدولية بشانغهاي أن منطقة الشرق الأوسط بوجه عام تعيش هذه السنوات فترة إعادة توازن وبناء جيوسياسي، وإن استقرار مصر وأمنها وتنميتها، كونها دولة ذات ثقل في الشرق الأوسط، أمر في غاية الأهمية والمحورية بالنسبة لجميع بلدان المنطقة.

وفي هذا الصدد، ذكر لي شاو شيان الخبير الصيني المخضرم في شؤون الشرق الأوسط أن الهجمات الإرهابية التي وقعت في مصر ومن بينها تلك التي شهدتها سيناء من قبل لم تحدث على نطاق واسع ولم يكن لها تأثير على الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد، قائلا إن الصعوبات والتحديات التي تواجهها مصر ومن بينها تحقيق الانتعاش الاقتصادي والقضاء على الإرهاب وغيرهما تتطلب مواصلة العمل بثبات على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي بدأته مصر منذ فترة وشهد تحرير سعر صرف الجنيه وإطلاق مشروعات قومية كبرى من بينها مشروع تنمية محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة.

وأشار إلى أن الإصلاحات التي تعمل عليها الحكومة المصرية حالياً من شأنها معالجة أزمات تراكمية وتوفير بيئة جاذبة للاستثمارات وتنشيط قطاع السياحة وتطوير الصناعات كافة وخلق المزيد من فرص العمل.

واتفق لي وسون في أهمية الاستقرار بالنسبة لتحقيق النهضة والتطور، قائلين إنه منذ تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد، استعادت مصر أمنها واستقرارها وشرعت في دفع عجلة التنمية وتنفيذ الخطة الطموحة التي طرحها السيسي "رؤية مصر 2030" وفي الاستفادة من الإمكانات والفرص الكامنة في شتي المجالات وفي دفع التعاون على صعيد العلاقات الخارجية مع مختلف الدول والاضطلاع بدور محوري في الشؤون الإقليمية والدولية، حيث دعيا إلى ضرورة مواصلة المضى على هذا الدرب وبذل جهود مضاعفة لتحقيق التنمية، كون التنمية هي السبيل "المفتاح" الأساسي لمعالجة جميع المشكلات.

-- مكافحة الإرهاب ... على محورين

"إن مصر، التي تخوض حرباً ضروساً لاستئصال الإرهاب من أرضها، ملتزمة بمواجهته وتعقبه والقضاء عليه بشكل نهائي وحاسم حيثما وجد"، هكذا أكد الرئيس السيسي في كلمته أمام الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي.

ومن جانبه، لفت لي شاو شيان إلى أن مصر تتعامل مع مسألة مكافحة الإرهاب على محورين: أولهما اتخاذ إجراءات حازمة لمكافحته ومن بينها تكثيف الجهود لملاحقة العناصر الإرهابية والقضاء عليها، وتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف برئاسة السيسي حيث يختص هذا المجلس بصياغة إستراتيجية وطنية شاملة لمواجهة جميع أشكال الإرهاب والتطرف واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذها.

هذا علاوة على تعزيز مصر لتعاونها مع مختلف دول العالم في مجال مكافحة الإرهاب ومن بينها الصين، إذ تعد الصين ومنطقة الشرق الاوسط مشاركين مهمين في التعاون الدولي في هذا الصدد. كما استهلت مصر رئاستها لمجلس الأمن خلال شهر أغسطس الماضي باعتماد القرار رقم 2370 حول منع حصول الإرهابيين على السلاح والذي صدر بإجماع الآراء بمبادرة مصرية، حسبما قال لي شاو شيان.

أما سون ده قانغ فأشار إلى أن المحور الثاني الذي تعمل عليه مصر حاليا هو اتخاذ إجراءات لاجتثاث التربة التي ينمو فيها الإرهاب، وتتمثل في الجهود المبذولة من أجل تجديد الخطاب الديني ومكافحة التهديد المستمر من تنامي الفكر المتطرف. وكان الرئيس السيسي قد أشار في مناسبات عدة إلى ما يقوم به الأزهر الشريف من دور هام في نشر الأفكار والتعاليم الدينية الصحيحة لمواجهة الأفكار الدينية المتطرفة وتجفيف المنابع الفكرية للإرهاب والتطرف، مؤكدا على الدور المحور الذي يقوم به الأزهر الشريف باعتباره منارة للفكر الإسلامي المعتدل.

واتفق الخبراء الصينيون في أن عمل مصر على هذين المحورين فضلا عن سعى الحكومة المصرية في المرحلة الراهنة إلى النهوض باقتصادها من خلال إطلاق العنان لإمكاناتها الاقتصادية الداخلية وتعزيز التعاون التجاري والاستثماري مع البلدان الأخرى سيسهم في الارتقاء بالمستويات المعيشية ودفع تطوير المجالات كافة ولا سيما المجالين التعليمي والثقافي، وهو ما سيساعد بدوره في استئصال الإرهاب من جذوره.