الصفحة الأولى | حجم الخط    أ أ أ

مقالة خاصة: الصومال...بلد محوري بالنسبة لإستراتيجية تركيا تجاه إفريقيا

arabic.china.org.cn / 11:55:10 2017-10-22

أنقرة 21 أكتوبر 2017 (شينخوا) إن تركيا هي أول بلد يستجيب للتفجيرات الأشد فتكاً التي شهدتها الصومال في الأسبوع الماضي وذلك عبر نقلها جرحى جواً إلى مستشفيات تركية وتقديمها مساعدات طبية فورية، وهو ما عكس الدور المحوري لهذه الدولة التي مزقتها الحرب بالنسبة لإستراتيجية أنقرة تجاه البلدان الإفريقية.

فبعد ساعات من التفجيرات الضخمة التي هزت العاصمة الصومالية مقديشو يوم 14 أكتوبر وأسفرت عن مقتل أكثر من 350 شخصاً وجرح مئات آخرين، هبطت طائرة إسعاف جوي تركية في المطار ونقلت 35 مصاباً إلى أنقرة لتلقى العلاج مجاناً.

وتوجه وزير الصحة التركي صالح دميركان وجراحون إلى الصومال لتنسيق جهود الإغاثة وقدموا 10 أطنان من الإمدادات الطبية.

وكان جسر إسطنبول الشهير، الذي يربط بين البر الرئيسي لآسيا وأوروبا، بمثابة ضوء ألوان علم الصومال في أعقاب التفجيرات فيما أعرب الشعب الصومالي عن شكره للدعم التركي برسائل قلبية بعث بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي .

وقال وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن عمر عثمان إن "تركيا هي دائما أول من يمد لنا يد المساعدة. فهي شقيقتنا الحقيقية".

إن سرعة استجابة تركيا للهجوم الإرهابي فازت بقلوب وعقول الشعب الصومالي وتظهر الدور الهام الذي تلعبه هذه الدولة في طموحات تركيا بالقارة الإفريقية.

فعندما تولى حزب العدالة والتنمية التركي الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا في عام 2002 كان يهدف إلى فتح هذا البلد ذو التوجه الغربي تقليدياً وكذا العضو بالناتو فتحه على إفريقيا بعدما أحبطه الفشل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وإبراز صورة تركيا كزعيم للعالم الإسلامي .

وتعد الصومال، الواقعة على طريق تجاري هام ومنطقة القرن الإفريقي الإستراتيجي، بمثابة السبيل لطموحات تركيا إلى الارتقاء بعلاقاتها الاقتصادية مع البلدان الإفريقية والاستثمار في تبني دور تسوية الصراعات في هذا الجزء من العالم.

كما أن للتقارب خلفية تاريخية: فالصومال ربطتها علاقات وثيقة بالإمبراطورية العثمانية التي استخدمت جيشها لحماية المجتمع الإسلامي .

وإن تركيا، على نحو مغاير للجهات الفاعلة الدولية الأخرى، لم يكن لها في الماضي تاريخ استعماري، وقد لعبت أيضا في وقت من الأوقات دوراً قيادياً في التوسط في الحوار بين الصومال ومنطقة صوماليلاند ذات الحكم الذاتي.

وقد فتحت تركيا مؤخرا أول قاعدة عسكرية لها خارج البلاد في إفريقيا، وهي منشأة تدريب كبيرة في الصومال تهدف إلى تدريب الجنود الأفارقة على مكافحة الإرهاب الذي تنشره حركات مثل حركة "الشباب"، وهي فرع من تنظيم القاعدة.

ويوجد في القاعدة 200 جندي تركيا سينضم إليهم حوالي 10 آلاف من أفراد الجيش الصومالي وبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميسوم).

تجدر الإشارة إلى أن تركيا قدمت مساعدات إنسانية تقدر قيمتها بمليار دولار أمريكي في أعقاب المجاعة التي حدثت في الصومال عام 2011 وتسببت في وفاة250 ألف شخص. وعلاوة على ذلك، تستضيف تركيا قرابة 15 ألف طالب صومالي في الجامعات التركية. 

وذكر رئيس الوزراء التركي بينال يلدريم في خطاب أن "تركيا ستظل موجودة على الأرض (في الصومال) مع قيام مؤسساتها بتقديم المعونة والمساعدة".

وأشار أردوغان إلى أن تركيا كانت "الدولة الوحيدة التي قامت بدورها الإنساني فيما يتعلق بالمذبحة التي وقعت في الصومال"، مصراً على أن موقف بلاده "الصديق" تجاه البلدان التي تواجه تحديات اقتصادية.

ويعتقد الخبراء أن سياسة "الانفتاح" التي تنتهجها تركيا تجاه إفريقيا يمكن تفسيرها برغبتها في أن تصبح قوة ناعمة، تساعد في بناء السلام وفي برامج التنمية على نحو يبرهن أنها يمكن أن تكون قدوة تحتذي بها البلدان الأخرى.

وقبل قرابة 20 عاماً، كان لدى تركيا 10 سفارات في إفريقيا، والآن لديها قرابة 40 بعثة دبلوماسية تركية. وبلغ حجم التجارة مع منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بالقارة إلى حوالي 17 مليار دولار في عام 2016.

وقال الباحث خليل إبراهيم أليغوز من جامعة ابن خلدون في إسطنبول في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) "من خلال إستراتيجيتها المتكاملة، تعلم تركيا الصومال كيفية الوقوف على قدميها وضمان تحقيق تنمية مستدامة".

ويصر هذا الخبير المتخصص في الدراسات الإفريقية على أن النموذج الصومالي يعد "قصة نجاح" في الدبلوماسية الإنسانية التي تنتهجها تركيا للفوز بمكانة من القوة الناعمة في هذا الجزء من العالم، المنسي في الغالب من قبل الجمهور الغربي.

وأوضح أليغوز أن عامل الدين، حيث يتألف غالبية سكان تركيا والصومال من المسلمين، لا يعد شرطاً أساسياً في المصلحة التركية لأن تركيا تساعد أيضا بلدانا إفريقيا غير إسلامية مثل أوغندا.

"وبالنسبة لتركيا، يعد إيجاد شركاء تجاريين جدد أمراً ضرورياً، وهذا ما يدفعها نحو أسواق جديدة في هذه القارة الشاسعة"، على حد قول أليغوز.

غير أنه يعتقد بأن هذا التوجه نحو أسواق ومناطق جديدة يقود تركيا بعيداً عن شركائها التقليديين.

ولا تتفق بيريل ديدي أوغلو أستاذة العلاقات الدولية بجامعة غالاتاساراي في إسطنبول مع هذا الاعتقاد ، حيث كتبت في عمود بصحيفة ((الصباح)) تقول إن "النقاش حول (تبعية تركيا) لا معنى له في عالم اليوم؛ فنحن لا نعيش في ظل ظروف الحرب الباردة حيث كان يتعين على الجميع أن يختاروا جانباً ويلتزموا به".

كما أصرت على أن المساعدات العسكرية التي تقدمها أنقرة في الصومال وفي القرن الإفريقي بوجه عام تتم "بتنسيق تام مع الولايات المتحدة والناتو".

وأضافت ديدي أوغلو قائلة "ما تحاول تركيا القيام به في الصومال الآن هو أن تنجز، كحليف لأمريكا، ما لم تتمكن الولايات المتحدة من إدارته حتى الآن. وستساعد تركيا الصومال على بناء جيش وطني فعال قادر على مكافحة إرهابي حركة الشباب".

ووفقا لإستراتيجية التوسع العالمية التي تنتهجها تركيا، حققت الخطوط الجوية الوطنية التركية دفعة كبيرة في وجهاتها بأفريقيا.

فقد حلقت طائرات الخطوط الجوية التركية إلى 14 مدينة في إفريقيا في عام 2011، وبحلول نهاية 2017 ستقوم الشركة بتشغيل 52 مسارا من إسطنبول إلى إفريقيا لتربط تركيا بشدة بهذه القارة. 


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
تحميل تطبيق شبكة الصين

 
انقلها الى... :
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号