يو جيان هوا.. حامي السعدان الذهبي

إعداد: لو رو تساي

 

19 فبراير 2017 /شبكة الصين/ يو جيان هوا، حارس الغابات في المحمية الطبيعية لجبل بايما (الحصان الأبيض) الثلجي في ولاية ديتشينغ بمقاطعة يوننان، عمره أربع وستون عاما، أمضى منها عشرين عاما في حماية السعدان الذهبي النادر. السيد يو قال: "طالما لدي القدرة على العمل، سوف أثابر على حماية السعدان الذهبي حتى نهاية حياتي."

السعدان الذهبي الذي يعيش في مقاطعة يوننان ومنطقة التبت الذاتية الحكم، ارتبطت تسميته بخبراء فرنسيين. في عام 1871، كان المبشر الفرنسي الأب أرمان دافيد (Pere Armand David) أول من كتب، اعتمادا على الأقاويل، عن هذا الحيوان الغامض ذي الأنف الأفطس، الذي لم يكن قد تم التحقق منه أو تسميته. وفي عام 1890، قنص الفرنسيان أر بي سوليه (R.P.Soulie) والمونسونيور بيت (Monseigneur Biet) سبعة سعادين ذهبية، تم لاحقا تخزين عيناتها في متحف باريس. وفي عام 1897، وعلى أساس العينات الموجودة، قدم عالم الحيوان الفرنسي ألفونس ميلن إدواردس (Alphonse Milne Edwards) لأول مرة الوصف العلمي لهذا الحيوان وأعطى له الاسم العلمي "Rhinopithecus bieti".

يو جيان هوا، الذي لا يعرف تفاصيل تسمية سعدان يوننان الذهبي، أحب هذا الحيوان ويتولى حمايته منذ عشرين عاما. يسكن يو جيان هوا في قرية قوتشينغ بالحديقة الوطنية للسعدان الذهبي في شانغريلا، حيث يتجمع أبناء قومية سوسو. يعيش في هذه القرية أكثر من عشرين عائلة، لكل منها تقريبا فرد يعمل في حراسة الغابات.

في الوقت الحالي، يعمل في الحديقة الوطنية للسعدان الذهبي أكثر من عشرين حارسا للغابات، وقد ارتفع عدد السعادين الذهبية من ثلاثمائة وثمانين قبل عشرين سنة، إلى أكثر من خمسمائة حاليا. السيد يو جيان هوا يعتبر هذه القرود حياته.

قناص صار حارسا

السعدان الذهبي هو من أعلى رتب الحيوانات الثديية، يعيش في أعلى أماكن ارتفاعا عن سطح البحر، وهو مدرج في قائمة الحيوانات المحمية على المستوى الوطني بالدرجة الأولى. يعيش في المنطقة الداخلية للحديقة، أكثر من خمسين قردا ذهبيا تنتمي لتسع عائلات من القرود. وحسب السمات المختلفة لهذه السعادين الذهبية، يطلق عليها حراس الغابات أسماء مختلفة، فمنها "طويل القامة"، و"أحمر الوجه"، و"اليد المكسورة"، وغير ذلك.

في الساعة الخامسة صباح كل يوم، يحمل يو جيان هوا على كتفه المأكولات التي تحبها السعادين الذهبية ويخرج للبحث عنها. بهذه المأكولات التي قد يزيد وزنها على خمسة عشر كيلوغراما، يسير يو جيان هوا في الدروب الجبلية المتعرجة، مرتديا ملبس تمويه وحذاء مطاطيا، من دون أي معدات. قال: "أتجول في الجبال بحثا عن القرود، وبسبب طول المسافة قد يبلى حذائي كل أسبوع." وأضاف مازحا أن زوجته تتشاجر معه دائما بسبب كثرة إنفاقه على شراء الأحذية.

المدهش أن هذا الحارس الممتاز، كان من أشهر القناصين في القرية، وكان يعتمد في كسب رزقه على القنص والزراعة. قال: "لم أقتل السعدان أبدا. وقد أمضيت نصف حياتي في القنص والنصف الآخر في الحماية." قبل عشرين سنة، علم يو جيان هوا أن الدولة تخطط لإنشاء فرقة حماية للسعادين الذهبية، فتقدم بطلب للانضمام إليها. كان أجره في ذلك الوقت ستة يوانات (كان الدولار الأمريكي يساوي حوالي ثمان يوانات ونصف يوان) كل يوم. العواطف المتراكمة بين يو جيان هوا و السعادين الذهبية، جعلته يقلع عن التدخين لتوفير الأموال لشراء الأحذية. وبهذا الأجر البسيط، ثابر يو جيان هوا على هذا العمل المقدس لسنوات طويلة.

شارك المزيد من أبناء القرية في فرقة حماية السعادين الذهبية، برغم الأجر المتواضع، فارتفع عدد أفراد الفرقة من خمسة إلى أكثر من عشرين فردا برئاسة يو جيان هوا. ما يقلق السيد يو هو أن الأجر، الذي وصل إلى ألف ومائتي يوان شهريا حاليا، مازال أقل من أن يجذب الشباب للعمل بفرقة الحماية. قال يو جيان هوا: "هذا الأجر ضعيف جدا بالمقارنة مع الرواتب في المصانع بالمدن الكبيرة، الأمر الذي يضيف صعوبة للفرقة في جذب أفراد جدد."

أريد سعادة السعدان

قال يو جيان هوا، إن الفضل في رفع أجر أفراد فرقة الحماية يرجع إلى الإدارة التجارية للحديقة، التي تعاونت إدراتها مع شركة سياحية لتنظيم زيارات لها، مما جذب إليها مزيدا من السياح. وقال: " السعادين الذهبية التي يراها السياح في المنطقة الداخلية بالحديقة، هي القرود التي يطعمها. وفي المنطقة الخارجية للحديقة، هناك أكثر من أربعمائة قرد، " يذهب يو جيان هوا إلى المنطقة الخارجية مرتين أو ثلاث مرات كل شهر ليطمئن عليها.

السعادين الذهبية في المنطقة الداخلية تألف حراس الغابة، الذين يتبعون خطوط سيرها لألقاء الأطعمة لها، ولا يرجع أحد منهم إلى بيته قبل أن يتأكد أن السعادين قد نامت. قال يو جيان هوا إنه يشعر حاليا بشيء من التناقض. قال: "فمع زيادة عدد زوار الحديقة تبدو القرود أقل سعادة من السابق، في حين يشعر الزوار بخيبة أمل إذا لم يروا القرود. أما أنا شخصيا، فأود أن تكون القرود سعيدة."

يعتقد يو جيان هوا أن تعاون إدارة الحديقة مع الشركة السياحية يحقق مصالح للحديقة، إذا يأتي السياح من أنحاء البلاد إلى هذه القرية الصغيرة، فيمكن لأبناء القرية بيع الكستناء والجوز، والبابايا لهم، مما يوفر دخلا إضافيا لأبناء القرية.

تعود أبناء القرية على التعايش مع السعادين الذهبية. قال يو جيان هوا: "مع أن عملنا شاق، لا أشعر بالطمأنينة إذا مر يوم من دون أن أرى السعدان الذهبي." في موسم الانشغال بالزراعة وفي عيد الربيع التقليدي الصيني، يذهب حراس الغابة بالتناوب لإطعام القرود. قال يو جيان هوا: "أظن أن السعادين الذهبية تعرفنا وتحبنا، فهي لا تخرب المحاصيل في حقول القرية أبدا."

السيد يو سعيد بأن وعي أبناء القرية بحماية الحيوانات يزداد تدريجيا. مع أن بعضهم مازال يصطاد الحيوانات، فإن هذه السلوكيات قلت كثيرا. في السابق، كان يو جيان هوا، لحماية الحيوان، يفكك سبعة أو ثمانية أفخاخ صيد كل يوم ، أما الآن، فلا يجد إلا أربعين أو خمسين فخ صيد طول السنة.

الجيل الجديد للحماية

مع أن عدد الشباب الذين يختارون العمل في حراسة الغابات حاليا قليل، يمارس ابن يو جيان هوا هذا العمل تقليدا لأبيه. يعمل الابن، واسمه يو تشونغ هوا، في منطقة أخرى في المحمية الطبيعية لجبل بايما الثلجي. في عام 2013، أعلن علماء صينيون وفرنسيون أن المحمية الطبيعية لجبل بايما الثلجي يعيش فيها أكثر من ألف وثمانمائة سعدان ذهبي، تمثل أكثر من 60% من إجمالي عدد السعدان الذهبي في العالم.

قال يو تشنغ هوا إنه لم يحب هذا العمل في البداية، وكان يعمل في مدينة ليجيانغ مع شباب القرية بعد تخرجه في المدرسة الثانوية، حيث عمل براتب شهري أكثر من ألفي يوان. وذات يوم شعر الابن بالرغبة في العودة إلى قريته لحماية السعادين الذهبية.

بالإضافة إلى إطعام القرود وحمايتها، قام يو تشونغ هوا بدراسات معنية حولها وكتب تقاريرا حولها. وقال: "مثابرة أبي على هذا العمل الشاق مدهشة، ولا بد أن أدرس على يديه."

في عام 2011، حصل يو جيان هوا على جائزة "أعظم عشرة أفراد لحماية البيئة" بمقاطعة يوننان، لتضاف إلى الجوائز الكثيرة على مختلف الدرجات التي حصل عليها يو جيان هوا في الماضي. قال يو جيان هوا: "هذه الجوائز تجسد اعتراف الناس بعملي طوال عشرين عاما، وهذا يكفي بالنسبة لي."