التحكيم الدولي في قضية بحر الصين الجنوبي arabic.china.org.cn / 15:12:41 2016-07-11
بقلم: عادل صبري 11 يوليو 2016/ شبكة الصين/ تصاعدت أجواء التوتر في منطقة بحر الصين الجنوبي في الآونة الأخيرة، مع توقعات باستصدار الفلبين قرارا من محكمة التحكيم الدولية، التابعة للأمم المتحدة، بحقها في فرض سيادتها على عدد من الجزر في المنطقة الواقعة تحت السيادة الصينيية. القرار المتوقع صدوره، لم يكن السبب الوحيد في توتر الأجواء في المنطقة التي تضم رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) المكونة من عشر دول تطل على بحر الصين الجنوبي، والتي اتفقت في عام 2002 على "مدونة سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي" التي تقضي بحل النزاعات التي تقع بين دول" آسيان" عبر الطرق الدبلوماسية، والمفاوضات الثنائية، بين الدول. فمنذ ولت الولايات المتحدة الأمريكية وجهتها الاستراتيجية، شطر دول المحيط الهادئ، ونقلت اهتماماتها الجيواستراتجية إلى هذه المنطقة اعتبارا من عام 2010، وللخمسين عاما المقبلة، أشعلت فتيل التوتر، حيث تنظر إلى بحر الصين الجنوبي على أنه "أرض اختبار رئيسية للمنافسة الصينية- الأمريكية". تتنازع الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي، على مجموعة تضم ثمانيَ جزر صخرية غير مأهولة تمثل مساحة أكبرها إلى أربعة كيلو مترات مربعة. بدأ النزاع على جزر بحر الصين الجنوبي يأخذ منحى حادًا مع إصدار الأمم المتحدة عام 1972 دراسة نظرية، ترجّح وجود كميات كبيرة من النفط والغاز والمعادن في تلك المنطقة. تطورت الأحداث خلال القمة السادسة عشرة لرابطة آسيان في العاصمة الفيتنامية هانوي في أبريل2010، عندما ألقت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، هيلاري كلينتون، كلمة قالت فيها إن "استمرار التوتر في بحر الصين الجنوبي يقوّض المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وطالبت بضرورة إيجاد آلية دولية لحل النزاع". ووافقت على ذلك اثنتا عشرة دولة . وتشير تحليلات إلى أن الموقف الأمريكي دفع الصين إلى "اطلاق سلسلة تحذيرات حول قدرة قواتها العسكرية على حماية السيادة الوطنية واتبعتها بسلسلة مناورات عسكرية في مناطق مختلفة ومترافقة، مع سلسلة تصريحات ساخنة، بأن الصين "لن تساوم على أي شبر من ترابها الوطني"، وأن "عهد إذلال الشعب الصيني قد ولّى إلى غير رجعة، في إشارة واضحة إلى فترة الاحتلال الياباني للصين. من جهتها، صعدت الفلبيين الأزمة عندما وصلت مجموعة من المشرعين الفلبينيين في يوليو 2011 جوا إلى جزيرة "تشونغ يه داو" الواقعة في البحر، ورفعت العلم الفلبيني على أرض الجزيرة، في ادعاء بسيادة بلدهم على المنطقة. واعتبرت الصين حينها هذه الإجراءات انتهاكا لسيادتها وسلامة أراضيها بشكل خطير، مؤكدة أن بحر الصين الجنوبي والمياه المحيطة به "جزء لا يتجزأ من أراضي الصين كما يثبت التاريخ". ويبرهن الخبراء على أن الصين أول دولة اكتشفت الجزر المتنازع عليها، وهي التي أطلقت عليها أسماءها ومارست الحكم والإدارة فيها، وكافة أشكال السيادة، وأنه حتى سبعينات القرن العشرين لم تعترض أي دولة في المنطقة على سيادة الصين على تلك الجزر، وأن حدود الفلبين تم تعيينها بعد الحرب الأمريكية- الأسبانية وفقا لثلاث معاهدات وأن الفلبين كانت تعترف قبل سبعينات القرن الماضي بسيادة الصين على بحر الصين الجنوبي، بذهابها إلى محكمة التحكيم الدولية خالفت تعهداتها المنصوص عليها في "مدونة سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي"، والتي تنص على أن تكون المفاوضات ثنائية ووفقا لمدونة السلوك المشار إليها. ويؤكد الخبراء، أن الفلبين تحتل بالفعل ثماني جزر تقول الصين إنها تابعة لها، ومع ذلك يتجاهل المجتمع الدولي هذا "الاحتلال" وأن الصين تتمسك بأربعة لاءات فيما يتعلق بنظر القضية من قبل محكمة التحكيم الدولية، وهي: لا للاعتراف بالحكم، لا للمشاركة فيه، ولا قبول بنتيجته، ولا تنفيذ له. وترى الصين أن هناك سوابق لهذا الرفض لولاية محكمة التحكيم الدولية. وتحث بكين الدول التي تتدخل في قضية بحر الصين الجنوبي على لعب دور بناء بدلا من الجدل الذي لا طائل من ورائه، وتحرص على التعاون مع دول آسيان لتسوية الفضية وفقا لمدونة سلوك الأطراف. في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي- الصيني، الذي عقد مؤخرا في العاصمة القطرية الدوحة، أعلن الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي "دعم الدول العربية لسيادة الصين ووحدة أراضيها". وجاء في البيان الختامي للاجتماع: "الصين هي الصديق الأمين لجميع شعوب العالم الثالث، وهذا موضوع لن نجده في مكان آخر بكل وضوح وصراحة".. ." وأضاف البيان: "الجامعة العربية تدعم سياسة الصين التي تحترم الاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية قانون البحار التي تدعمها الدول العربية". وأعربت دول عديدة، من بينها روسيا والهند وبروناي وكمبوديا ولاوس وفيجي وأوغندا والسودان وجامبيا والجزائر وجزر القمر ولبنان وقطر والسعودية واليمن مؤخرا، عن دعم موقف الصين في التعامل مع نزاعات بحر الصين الجنوبي بين الأطراف المعنية بشكل مباشر من خلال مفاوضات سلمية. وأصدرت الحكومة الكينية في منتصف يونيو 2016 بيانا يؤيد موقف الصين بشأن استثناء نزاعات ترسيم الحدود البحرية من إجراءات تسوية النزاعات من خلال طرف ثالث وفقا لمعاهدة الأمم المتحدة حول قانون البحار، واقترحت "حل نزاعات بحر الصين الجنوبي بشكل سلمي من خلال المفاوضات، وفقا للاتفاقيات الثنائية وإعلان قواعد سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي والاتفاقية التي وقعتها الصين ودول آسيان عام 2002. توافق الدعم الدولي والعربي بخاصة مع إصدار الجمعية الصينية للقانون الدولي في العاشر من يونيو 2016، وثيقة تحت عنوان "قرار محكمة التحكيم الدولية حول قضية بحر الصين الجنوبي التي رفعتها الفلبين ينقصه الفاعلية القانونية". وأعلنت الجمعية في بيان لها عن دعمها لموقف الحكومة الصينية بعدم قبول وعدم المشاركة في قضية التحكيم الدولي المطروحة من قبل الفلبين بشأن قضية بحر الصين الجنوبي. وأشارت الجمعية إلى المغالطات القانونية التي تضمنها قرار المحكمة حول هذه القضية، موضحة أن قرار محكمة التحكيم الدولية حول قضية بحر الصين الجنوبي تنقصه الفاعلية القانونية. وأظهرت الوثيقة أن قرار محكمة التحكيم الصادر في 29 أكتوبر 2015 على قضية التحكيم في بحر الصين الجنوبي التي رفعتها الفلبين والمتمثل في "حقوق الإدارة وقابلية التحكيم العقلاني" تضمن عددا من الأخطاء القانونية، بدءا من تحديد الحقيقة وصولا إلى القانون التطبيقي، يمكن حصرها في ست مغالطات رئيسية: 1- طلب التحكيم بشأن بحر الصين الجنوبى الذى أقدمت عليه الفلبين لا يتفق مع نصوص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار؛ 2- قضية السيادة على الأرض خارج اختصاص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار؛ 3- التغاضى عن إعلان الصين عن استبعاد التحكيم الإجبارى بشأن ترسيم الحدود البحرية والإدارة وتنفيذ القانون؛ 4- إنكار الاتفاق حول تسوية النزاعات بين الصين والفلبين بالمفاوضات الثنائية المباشرة ، وذلك موثّق فى الملفات الثنائية؛ 5- طلب التحكيم بشأن بحر الصين الجنوبي الذي أقدمت عليه الفلبين بشكل أحادي لا يتفق مع نصوص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تنص بوضوح على احترام حق الدول الموقعة عليها في اختيار سبل حل النزاعات؛ 6- ما أقدمت عليه الفلبين يخالف آليات حل النزاعات التي تنص عليها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ويضر بسلامة وسلطة الاتفاقية. وأكدت الوثيقة على أن حكم حقوق الإدارة الذي أصدرته المحكمة يفتقد إلى الحقائق والسند القانوني، ويخالف قواعد التحقيق، وأنه يمثل حكما مسيسا، لا يمتلك لأي فاعلية قانونية. وأشارت الوثيقة التي نشرتها جريدة ((الشعب اليومية)) الصينة، إلى أن قرار محكمة التحكيم القاضي بإدراج دعوى الفلبين في نطاق القضاء يعد قرارا خاطئا تماما. ومهما يكن حكم محكمة التحكيم في المرحلة القادمة للقضية الفنية، فإنه لن يمتلك أي صلاحية قانونية. وتعتبر هذه الرؤية القانونية هي خلاصة الموقف الصيني، لأنها تعكس مبادئ ميثاق الشرف الذي تبنته الصين ودول آسيان، ومنها الفلبين وفيتنام، عام 2002، فهو المحدد لآلية حل النزاعات في المنطقة، ويحمي مصالح الجميع، بما ينزع فتيل أزمة ساخنة، تهدد أكبر تجمع سكاني واقتصادي على الكرة الأرضية، ينظر إليه العالم بأنه سيكون منارة التغيير والتطور في القرن الحالي.
المصدر: الصين اليوم
|
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |