الدورتان: الحزب الشيوعي الصيني رمز قوة الصين arabic.china.org.cn / 11:26:28 2016-04-08
بقلم الحسين البقالي
8 إبريل 2016 /شبكة الصين/ مع دخول شهر مارس من كل عام تتجه أنظار ملايين الصينيين، بل وعدد كبير من قادة العالم ومواطنيه أيضا، إلى مقر المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في بكين، والذي يستضيف أهم اجتماع لقادة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث يحددون فيه ملامح مستقبل التنين الصيني في مختلف المجالات محليا وإقليميا ودوليا، ويطلق عليه "اجتماع الدورتين". الجديد في هذا العام هو أن "اجتماع الدورتين" ناقش "المفاهيم الخمسة" التي أصبحت أساسا هاما لتخطيط الخطة الخمسية الثالثة عشرة للصين، بعد أن طرحها الاجتماع الخامس الكامل للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني الذي عقد في أكتوبر 2015. في هذه المقالة، أريد أن أكتب عن هذا الحزب في الصين، وكيف استطاع دائما أن يكون محبوبا لدى الصينيين؟ وما هي التحديات التي تواجهه وأهم حلولها، وكيف ينظر الحزب الشيوعي الصيني إلى العالم، وكيف يطور علاقاته مع الخارج؟. يعتبر الحزب الشيوعي الصيني أعلى هرم السلطة في الصين وإليه ينتسب ملايين الصينيين، وهو العمود الفقري للكيان السياسي في الصين. ومن يريد أن يعرف الصين لابد أن يتعرف على الحزب الشيوعي، ومن يريد أن يوطد علاقاته مع الصين لابد أن يعزز علاقاته مع هذا الحزب الذي تأسس لأول مرة في يوليو عام 1921. منذ تلك المرحلة، ظل هذا الحزب في مواجهة الإقطاعية والرأسمالية والإمبريالية. وبعد ثمانية وعشرين عاما من النضال وفي عام 1949 تولى الحزب السلطة، فأحبه الصينييون، وحدد الدستور بوضوح مكانته في الحياة الصينية. إنجازات الحزب الشيوعي الصيني، هي تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وتكريس النظام الاشتراكي الصيني، والإصلاح والانفتاح والتحديث .
خصائص النظام الاشتراكي الصيني النظام الاشتراكي الصيني أنشأ أربعة أنظمة متطورة وهي: نظام مجالس نواب الشعب، نظام التعاون المتعدد الأحزاب والتشاور السياسي، نظام الحكم الذاتي الإقليمي القومي، ونظام الإدارة الذاتية للجماهير في الوحدات القاعدية. المجلس الوطني لنواب الشعب هو أعلى سلطة في الصين ويبلغ عدد مندوبيه حوالي ثلاثة آلاف، ويتخذ القرارات الكبرى للصين. وهناك ثمانية أحزاب سياسية تشارك في الحكم ويتم أخذ آرائها وآراء الشخصيات غير الحزبية ( المجتمع المدني)، وعلى أساس ذلك يتخذ القرار. وقد ساهم ذلك في المحافظة على الاستقرار والأمن في الصين وتقدمها وازدهارها، فالاشتراكية الصينية والحزب الشيوعي الصيني هما القادران على تلبية أهم احتياجات ومطالب نحو مليار وأربعمائة مليون نسمة.
الإصلاح السياسي للحزب الشيوعي في الدورتين عرف هذا الحزب إصلاحات عميقة، ولكن الإصلاحات التي تركت صدى في القرارات السياسية هي إصلاحات الانفتاح عام 1978. يقول يانغ قوانغ، الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية: "إن الصين شهدت إصلاحات سياسية عديدة منذ القدم، وفي كل مرة كان الإصلاح يبدأ بتغيير نظام إدارة المسؤولين الحكوميين أولا، والإصلاح السياسي الحالي يجري بنفس النمط. وفي عام 1980، طالب الزعيم الراحل دنغ شياو بينغ بأهمية إصلاح النظام الإداري لقادة الحزب والدولة"، وذلك من أجل التغلب على النزعة البيروقراطية ومكافحة السلطة الأبوية، ولا مركزية السلطة، وتطبيق القيادة الجماعية وتنمية روح الديمقراطية داخل الحزب. وفعلا في منتصف ثمانينات القرن الماضي، ظهرت مصطلحات سياسية جديدة مثل: الحوار، الشفافية، والعلانية ... وقد شكل انتخاب اللجنة الإدارية لسكان القرية من لجنة ممثلي القرية الثورة الحقيقية في الإصلاح وفتحا لتطبيق الديمقراطية، وكذلك الدعوة لاستعمال الشفافية هذا العام. ونشرت اللجنة المركزية للحزب في التاسع من فبراير/شباط 2015 وثيقة تقترح تعزيز ما وصفته بالديمقراطية التشاورية، بهدف توسيع مشاركة الشعب في السياسة، ورغبة في تحديث وتجديد أساليب الحكم وتطوير النظام السياسي. فالدولة الصينية لابد لها من تطبيق القانون على نحو شامل، وعلى أساس استغلال قدرات الحزب الناجحة في عملية سيادة القانون في جميع الميادين على أساس الرؤية الاشتراكية والمحاسبة والمساواة على أساس القانون، باعتبارهما المحكين الحقيقيين لبقاء وازدهار الصين، فضلا عن تعميق الإصلاحات والانفتاح على الخارج. وتسعى القيادة الصينية اليوم إلى تحقيق "مجتمع الرفاه" عام 2020 من خلال الإصلاح المعمق على نحو يشمل بنية ودواليب المؤسسات التشريعية والحزب الشيوعي، مع الاحتفاظ بالخصائص التي تميز الاشتراكية الصينية. وأتوقع أن تؤثر هذه التغيرات إيجابا على الصين وعلى علاقاتها بالعالم الخارجي لاسيما الدول الكبرى، ودول الجوار، ودول العالم الثالث، وبناء طرق حرير جديدة في البر والبحر، مما سيساهم في ازدهار الأمة الصينية في جميع المجالات المختلفة. وفي هذا الصدد، قالت فو يينغ، المتحدثة باسم الدورة السنوية الرابعة للمجلس الوطني الثاني عشر لنواب الشعب الصيني: "إن رقابة أعلى جهاز تشريعي صيني لإنفاذ القانون وعمل الحكومة ليست مجرد أمر شكلي." وأضافت خلال مؤتمر صحفي: "أن المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني قد عزّز وحدّث في رقابته، كما أنه سيواصل بذل أقصى الجهود لتحقيق تغييرات إيجابية، لافتة إلى قيام المجلس بتشكيل سلسلة رقابية فعالة تجمع بين فحص إنفاذ القانون وبين المتطلبات الخاصة." وأشارت إلى أن المشرعين يقومون برقابة تنفيذ القانون على ستة قوانين تتضمن قانون التعليم المهني في السنة الماضية، كما أنه دفع قدما التدابير التي من شأنها ان تؤدي التحسين العملي بعد نقاشات مع الأجهزة الحكومية، وقالت: "إن الرقابة لن تتوقف حتى نرى نتائج جيدة." وأكد الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، الرئيس الصيني شي جين بينغ في الرابع من مارس2016 خلال زيارة لبعض أعضاء المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني المشاركين في الدورة السنوية للمؤتمر أنّ تطبيق نظام الاقتصاد الأساسي الذي يتخذ الاقتصاد العام كقوام له مع تطوير الاقتصادات المتعددة الملكية يعد سياسة يطبقها الحزب الشيوعي الصيني بحزم، حيث يجب تطوير الاقتصاد العام بلا تردد، مع التشجيع على تطوير الاقتصاد غير العام ودعمه وخلق بيئة ملائمة له.
الحزب الشيوعي الصيني والعلاقات الخارجية طرحت القيادات الجديدة للحزب أفكارا وخطوات في هاتين الدورتين على أساس استمرار واستقرار السياسة الخارجية، وهناك دائما ستة محاور يعمل الحزب عليها: إقامة علاقات دولية جديدة، إنشاء شبكة شراكة عالمية، توثيق العلاقات مع دول كبرى، الألفة والتناغم مع دول الجوار، بناء حزام اقتصادي متمثل في طريق الحرير البري وطريق البحري، وتكريس الرؤية الصحيحة تجاه المصالح والأخلاق. إن الرسالة التي تؤديها هذه الأفكار هي أن الصين تريد أسلوبا تنمويا سلميا، وتأمل من جميع الدول الأخرى أن تسلك الطريق نفسه، فحلم الصين مرتبط بأحلام شعوب العالم، عكس الدول العظمى الأخرى التي تنظر إلى مصالحها فقط، وهذا ساهم في كسب الصين ثقة دول العالم. إن حسن معالجة الأمور مرهون بالحزب الشيوعي قبل حكم الدولة، وبتحسين أساليب العلاقات الخارجية وتوثيق العلاقة بين الحزب والجماهير والعالم الخارجي، خاصة دول آسيا وأفريقيا بما فيها العالم الإسلامي والعربي. كما أن الصين ساهمت بأشكال مختلفة في تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية، الخ من مساهمات الصين في قضايا عالمية مختلفة. ولكن البعض مازال يرى أن الصين عليها تحمل المزيد من المسؤوليات كدولة "متقدمة". التحدي هو أن تستطيع الصين إقناع العالم بأنها مازالت دولة نامية وأن ما يناط بها من مسؤوليات ينبغي أن يكون في حدود استطاعتها، وهذا مأعلنت عنه أعلى الهيئات التشريعية الصينية في التاسع من مارس 2016، بأنها ستعزز التبادلات مع برلمانات الدول الأخرى في العام الجاري. وبشأن التبادلات الدينية للمسلمين الصينيين، صارت التبادلات الدينية الخارجية للمسلمين الصينيين أكثر نشاطا على نحو متزايد، حيث نظمت الجمعية الإسلامية الصينية معارض وعروضا فنية عديدة في سنغافورة وإندونيسيا وتركيا والسعودية وبلدان أخرى فى السنوات الأخيرة، كما تنشر مجلة "المسلمون الصينيون" باللغات الإنجليزية والتركية والعربية للتعريف بوضع المسلمين الصينيين للعالم بصورة شاملة . كما أن تاريخ العلاقات بين الصين ودول العالم الثالث تاريخ مشرف لم يكن فيه استعباد أو احتلال أراض. ومن جميع دول العالم، تقدمت الصين وساعدت في مكافحة مرض الإيبولا بعد أن بدأ الجميع بمغادرة أفريقيا بسبب هذا المرض اللعين، فقامت الصين بإرسال مجموعات طبية وهذا عمل مشرف. كما ان أكبر قوات لحفظ الأمن في أفريقيا هي قوات صينية. تهانيننا لهذه العلاقات المتميزة بأنها تخص الدول العربية أيضا ونتمنى للعلاقات الصينية- المغربية والعربية مزيدا من التقدم ونتطلع للكثير من الإيجابيات في هذه العلاقات. ونشكر مجلة ((الصين اليوم)) على جهودها في دعم العلاقات الصينية- العربية. وهي وسيلة هامة في تعزيز التواصل والتفاهم والتعاون الجديد بين الصين والدول العربية.(المصدر: الصين اليوم)
-------------------------------- الحسين البقالي، أستاذ باحث وفاعل جمعوي من المغرب
|
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |