مقالة خاصة: بناء "الجسر الرقمي": التعاون الإلكتروني بين الصين ومصر ...نمط تعاون معاصر ومستقبلي

بقلم جميلة لين

بكين 22 يناير 2016 (شينخوا) قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطابه الافتتاحي للدورة الثانية من مؤتمر الإنترنت الذي عقد في 16 ديسمبر الماضي إن الإنترنت يقصر المسافات بين مختلف الحضارات ويجعل العالم "قرية صغيرة".

وطرح شي خلال المؤتمر، الذي جرى في محافظة تشجيانغ جنوبي الصين وجذب رؤساء شركات عالمية عملاقة مثل علي بابا ولينكدين ولينوفو وعلماء في مجالات العلم الرقمي، طرح خمس نقاط محورية تتمثل في تسريع بناء البنية التحتية للشبكة الإلكترونية، والارتقاء بمستوى التعاون، وتعزيز التبادل الثقافي عبر الشبكات الإلكترونية، ودفع الابتكار الاقتصادي على الإنترنت، وضمان بيئة آمنة وسليمة على الإنترنت، وبناء نظام إلكتروني عالمي لتأمين العدالة والمساواة.

وأكدت كلمة الرئيس شي مدى أهمية الفضاء الإلكتروني وبناء جسر رقمي بين دول العالم في العصر الحديث، ما يدفع تحقيق نمو قوي ويوفر آفاقا مشرقا للعلاقات الدولية وبالتحديد مع الدول النامية والناشئة وفي مقدمتها مصر ذات الحضارة العريقة.

-- طريق الحرير على الإنترنت

ومع تجاوز عدد مستخدمي الإنترنت في الصين 700 مليون شخص، شهدت التجارة الإلكترونية تقدما بارزا في عام 2015 حيث بلغت قيمة الصفقات الإلكترونية هذا العام 18.2 تريليون يوان (2.76 تريليون دولار)، وفقا لبيان صدر مؤخرا عن وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية. وما أدهش العالم أنه في يوم 11 نوفمبر الذي يطلق عليه "عيد العزاب" في الصين وبات مهرجان للتسوق الإلكتروني، وصل حجم المبيعات على الإنترنت إلى 120 مليار يوان (18.2 مليار دولار) خلال يوم واحد فقط.

أما التجارة الإلكترونية عبر الحدود في الصين، فقد حققت إنجازا مدهشا في عام 2015 أيضا، حيث بلغ حجم الصفقات الإلكترونية عبر الحدود 140 مليون يوان (21.2 مليون دولار)، ما سجل زيادة ملحوظة مقارنة بالقيمة الإجمالية للسنوات الأربع السابقة والبالغ قدرها 70 مليون يوان فحسب.

وأبرزت الإحصاءات المتعلقة بالتبادلات التجارية الإلكترونية نمط النمو الاقتصادي الجديد في الصين ودول العالم، الذي شهد أيضا قيام مدن واقعة على طول طريق الحرير ومن بينها منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم لقومية ويغور المسلمة ومنطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة ومحافظات شانشي وغيرها من المحافظات بغرب الصين، بطرح فكرة بناء "طريق الحرير على الإنترنت " لدفع التبادلات التجارية والاقتصادية عبر الشبكات الإلكترونية.

وأكد مدير مكتب المعلومات الإلكتروني لو واي في منتدى "طريق الحرير على الإنترنت" الذي عقد في 12 سبتمبر عام 2015، أن طريق الحرير الإلكتروني سيكون إضافة حيوية ومتكاملة لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري في دفع التعاون الاقتصادي على طول الطريق. وقال إن الصين تأمل في إطلاق التعاون الشامل مع الدول العربية وتحسين التواصل والتبادل على الإنترنت لبناء طريق الحرير الإلكتروني الذي سيعود بالفوائد إلى الشعب الصيني والشعوب العربية.

وخلال زيارته إلى مصر يومي 4 و 5 يناير الجاري، قال تشانغ مينغ نائب وزير الخارجية الصيني إن مبادرة "الحزام والطريق" التي طرحتها الصين تشترك في نقاط مماثلة مع برامج النمو المصرية المتمثلة في تنمية قناة السويس وبناء العاصمة الإدارية الجديدة، مؤكدا أنه لابد للجانبين من تعزيز القاعدة الإستراتيجي للنمو.

-- جسر رقمي لتعميق التعاون الثقافي

وقالت تشن دونغ يون المستشار الثقافي بالسفارة الصينية لدى القاهرة إن طريق التبادلات الثقافية التقليدية التي تمثل في إرسال وفود من الممثلين والفنانين إلى خارج الصين، واجه تحديات كبيرة مثل التكلفة العالية والإجراءات المعقدة، ما عرقل عجلة التبادلات الثقافية بين الصين والدول العربية التي يسودها "ولع بالثقافة الصينية" في السنوات الأخيرة.

وفي هذا الصدد، نجح المركز الثقافي الصيني بالقاهرة وغيره من هيئات التعاون الثقافي الصينية في بناء عدة منصات لدفع التبادلات المباشرة على الإنترنت، وعلى رأسها الشبكة الرئيسية للمركز الثقافي الصيني باللغة العربية على الفيسبوك التي انطلقت عام 2013 وتنشر يوميا معلومات متعلقة بأنشطة التبادلات الثقافية الحكومية والشعبية بين الصين ومصر، ما يشكل جسرا إلكترونيا فعاليا وواسعا. وأفادت تشن بأن عدد المتابعين للشبكة بلغ 15298 شخصا حتى ديسمبر عام 2015، وهو رقم يتفوق على مواقع الكثير من الدول الغربية.

وبالإضافة إلى ذلك، قالت تشن إن المركز الثقافي الصيني بالقاهرة يستخدم شبكات الفيديوهات والأخبار المحلية المصرية لنشر لقطات للترويج للثقافة الصينية وفيديوهات قصيرة حول أي نشاط للتبادلات الثقافية لاقى إقبالا حارا. وزاد عدد المشتركين في منصة الثقافة الصينية على ويتشات (برنامج للتواصل الاجتماعي يستخدم في الهواتف الذكية) بمعدل 13.5% شهريا. ووصل عدد المشتركين في حساب السفارة الصينية لدى القاهرة على ويتشات إلى 5577 شخصا.

ومن أجل إحياء الذكرى الـ60 لإقامة العلاقة الدبلوماسية بين الصين ومصر، قامت السفارة الصينية لدى القاهرة بتصوير فيلم عن العلاقات الصينية- المصرية وتم عرضه أمام ممثلين صينيين ومصريين في السفارة في 6 يناير من العام الجاري. وسيتم عرض هذا الفيلم، وهو أول فيلم من نوعه باللغة العربية يلقى الضوء على الصداقة الصينية- المصرية، في قنوات التليفزيون المصري خلال شهر يناير وفي نفس الوقت على منصات الفيديو على الإنترنت.

-- ضمان بيئة آمنة وصحية في الفضاء الإلكتروني

وعلى خلفية تصاعد التهديدات الإرهابية في أنحاء العالم، تزايدت المخاوف من انتشار الأفكار المتطرفة والمفهوم الديني المشوه الذي يلحق الضرر بأي بلد وشعبها.

وأكد الرئيس شي في خطاب ألقاه في جامعة الدول العربية يوم الخميس أنه من أجل مكافحة الإرهاب، سيتم تعزيز التعاون الصيني- العربي في مجال أمن الإنترنت لقطع قنوات النشر للتسجيلات الصوتية والمرئية لأعمال العنف الإرهابية على شبكة الإنترنت، والمشاركة في وضع معاهدة دولية لمكافحة الإرهاب في الفضاء الإلكتروني .

من جانبه، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى لقائه مع لوه تشو قانغ وزير الثقافة والمبعوث الخاص للرئيس الصيني في 2015 إن "الأفكار المتطرفة تعصبت عيون بعض الناس في مصر وحتى العالم"، فأجاب لوه قائلا "نأمل في أن تتمكن سلسلة أنشطة التبادلات الثقافية التي ستجرى في إطار عام الثقافة الصيني- المصري 2016، تتمكن من رفع الغشاوة عن عيون الناس".

وحسب إحصاءات مصرية رسمية، وصل عدد مستخدمي الإنترنت في مصر إلى 28.3 مليون، وعدد مستخدمي الهاتف المحمول الذكي 24.2 مليون، ما يغطي تقريبا جميع الطبقات الاجتماعية في مصر. أما الصين، التي تعد أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم وتجاوز عدد مستخدمي الإنترنت فيها 700 مليون، فقد دخلت الزمن الرقمي المزدهر غير المسبوق.

وأكدت تشن أن كيفية استخدام الشبكة الإلكترونية لدفع التبادلات الثقافية من أجل منع انتشار فيروس الأفكار المتطرفة أصبح قضية مهمة تشغل العالم بأسره. وفي العصر الحديث الذي تنتشر فيه المعلومات عبر الفضاء الإلكتروني بسرعة كبيرة وغذت فيه تكنولوجيا المعلومات وأنماط الدعاية الجديدة الأفكار الخطيرة بسهولة وسرعة غير متوقعة، يلزم على الدول تسليط الضوء على بناء نظام متكامل لمكافحة الأفكار الإرهابية والمتطرفة وذلك يسهم في دفع التعاون الفعال بين الدول المعنية ومن بينها الصين ومصر.

وقالت تشن إنها تسعى من جهتها إلى رفع قدرة الإعلام الصيني على المنصة الدولية وتنويع المعلومات المتعلقة بالتبادلات الثقافية على الإنترنت ورفع جودة الفيديوهات والأخبار ذات الصلة بالأنشطة الثقافية الصينية والمصرية من أجل زيادة الفهم المتبادل وضمان السلام العالمي ودفع نمو الحضارة الإنسانية.