بقلم تشانغ هوا

23 سبتمبر 2015 /شبكة الصين/ يحمل الإمام الصيني المسلم يانغ جيه هاتفه الآيفون، ويتصفح دائما مواقع الدردشة عبر برنامج ويشات wechat الصيني. قال يانغ جيه:"عندي أكثر من سبعمائة صديق على ويشات، وأنشأت عدة صفحات للدردشة الجماعية، وبهذه الطريقة أرد على أسئلة المسلمين في أي مكان وفي أي وقت، وأستطيع أن أعلن صوت الدولة وسياساتها لإثراء الشعب."

يانغ جيه هو إمام مسجد قرية سانقونغ في بلدة يوانهوتسون التابعة لمحافظة هوتوبي في ولاية تسانجي الذاتية الحكم لقومية هوي في منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم. يانغ جيه هو أول من ركب دراجة نارية في القرية، وأول من تعامل في الأسهم، وأول من قاد سيارة، وأول من استخدم شبكة الإنترنت وبرنامج ويشات.

الإمام البالغ من العمر ثمانية واربعين عاما، يقود سيارته الخصوصية للقيام بأعمال. قال: "قد غيرت سيارتي ثلاث مرات، وهي جزء هام في حياتي."

في عام 1998، عندما بدأ يانغ جيه استخدام الهاتف النقال، كان الهاتف النقال نادرا في ذلك الوقت. قال: "الهاتف النقال جهاز لتسهيل الاتصالات بين الناس، وهو مثل الأذن للإنسان، وبدون هذه الأذن، يكون الشخص معزولا عن الآخرين. في أيام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لم تكن هناك سيارات أو هواتف نقالة، ولم يكن ممكن تبليغ دعوة الإسلام إلا بالإبل والدواب. لو رفض المسلمون التكنولوجيا الحديثة وقلدوا أسلوب الحياة في الزمن القديم، فلن يكون هذا الأمر تخلفا فحسب، وإنما أيضا مخالفة للوصايا النبوية."

في عام 2006، بدأ يانغ جيه التعامل في الأسهم. هل يمكن للمسلمين شراء وبيع الأسهم؟ قال يانغ جيه: "يبيح الإسلام البيع ويحرم الربا. شراء وبيع الأسهم لا يختلف عن المشاركة في التجارة، إذا يتشارك الذين يشترون الأسهم في تحمل المخاطر، وهذا مباح في الإسلام." يقول يانغ جيه إن الإسلام يشجع على الأعمال التجارية المشروعة العادلة. وقد جاء في القرآن الكريم "وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ. وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ."

ربح يانغ جيه أكثر من أربعين ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 3ر6 يوانات) من خلال شراء وبيع الأسهم، فاشترى سيارة. قال: "تعلمت كثيرا في مجال الاقتصاد، كما عشت حياة جيدة عن طريق شراء وبيع الأسهم."

يحاول يانغ جيه شرح الإسلام من منظور حديث وموقف منفتح، كما يسعى إلى مساعدة المسلمين في فهم ومعالجة العلاقة بين الواجبات الدينية والأعمال الاجتماعية.

قال يانغ جيه: "أعتقد أن الإمام لا يحمل مسؤولية توريث الثقافة التقليدية فحسب، وإنما أيضا ينبغي عليه أن يكون ناشرا للثقافة الحديثة، وأود أن أكون إماما حديثا لأشجع المؤمنين على التمتع بالحياة الحديثة."

 

تحول فكري

في عام 2011، قام يانغ جيه بمشروع للتوعية بالوقاية من الأمراض النسائية والمحافظة على الصحة التناسلية. وبفضل جهوده، أنشأت إدارة المسجد محطة دعاية في غرفة بالمسجد. أثار هذا المشروع جدلا كبيرا بين أهل القرية، لأن بعضهم ظنوا أن هذه التوعية من التصرفات الخادشة للحياء العام، بل اقترحوا تغيير إمام المسجد.

تمسك يانغ جيه بمشروعه، وقال: "كيف يمكن أن تكون التوعية بالمعلومات الصحيحة تصرفا خادشا للحياء العام؟" يرى يانغ جيه أن التقليد لا يعني التحفظ، وأن الأفكار المتقدمة هي بلورة لحكمة الإنسان. يحترم الإسلام العلم ويعارض الجهل والتقديس الأعمى والعنف. ولا تناقض بين الإسلام والثقافة الحديثة.

قال يانغ جيه: "كانت نساء القرية يفتقرن إلى المعلومات الصحيحة للوقاية من الأمراض النسائية، وإذا أُصبن بالأمراض، يفضلن عدم الذهاب إلى المستشفى. يجب على المسلمات القيام بالفحص الصحي للجهاز التناسلي للوقاية من الأمراض." وبفضل جهوده على مدى أربعة أعوام، أشارت الإحصاءات من لجنة تنظيم الأسرة لمحافظة هوتوبي إلى أن نسبة النساء المسلمات اللواتي يعرفن المعلومات اللازمة ارتفعت من 35% في عام 2011 إلى 95%، وانخفضت نسبة الإصابة بالأمراض النسائية من 80% إلى 20%، كما ارتفعت نسبة زيارة النساء المصابات بالأمراض للأطباء من 30% إلى 95%.

 

قائد لإثراء القرية

يضع يانغ جيه على مكتبه كتاب ((تنمية السياحة الزراعية)). يبدو الكتاب باليا بسبب كثرة قرائته. يفكر يانغ جيه دائما في وسيلة لإثراء أهل القرية. بالإضافة إلى أعماله الدينية اليومية في المسجد، يقوم يانغ جيه بنشر العلوم والمعلومات المفيدة حول السوق والتجارة، من أجل توسيع أفق وقنوات زيادة الدخل. تعني كلمة "هوتوبي" في اللغة المنغولية "بلدة السعادة"، وهي محافظة تبعد حوالي ستين كيلومترا عن حاضرة منطقة شينجيانغ، أورومتشي، وهي محافظة جميلة ذات مناظر طبيعية فريدة. فكر الإمام يانغ جيه في تشجيع أهل القرية لبناء المطاعم والفنادق الصغيرة التي تجذب أهل المدن. قال: "تتميز قريتنا بالمناظر الطبيعية المميزة، ويصعب على أهل الحضر أن يجدوا هذه المناظر في مدنهم. الأكثر من ذلك، أنني لاحظت أن التنافس في مجال السياحة الزراعية أصبح شديدا بين القرى المجاورة، ولا بد أن نبرز خصائصنا. لا يمكننا أن نجد فرصة لنا في السوق إلا بأن نكون مختلفين عن شركائنا. وبعد الدراسة للأحوال الواقعية لقريتنا، أرى أن تحويل أسلوب الإدارة أمر هام، إذ لا يمكننا أن ننتظر في البيوت ليأتينا السياح، بل علينا أن نذهب إلى المناطق السياحية للترويج لأطعمتنا اللذيذة. كما أقترح على كل أسرة في القرية ترويج الوجبات الخاصة لقومية هوي، وقد يجذب ذلك مزيدا من السياح."

بمساعدة يانغ جيه، افتتحت في القرية ستة مطاعم لجذب السياحة الزراعية منذ عام 2014، الأمر الذي رفع دخل أهل القرية بنسبة 20%. وفي هذا العام، سوف يفتتح 13 مطعما جديدا.

جار يانغ جيه كان أول من افتتح مطعما في القرية، فوصل دخله السنوي إلى أكثر من مائتي ألف يوان، وهو أفضل مطعم في القرية. قال يانغ جيه: "أعتقد أن المسلمين يستحقون الحياة الرغيدة، وعندي أنواع من المعلومات لإثراء أهل القرية، وعرضت هذه المعلومات من خلال برنامج ويشات، فإذا كان لدى أهل القرية أي استفسار، يمكنهم الحصول على هذه المعلومات مني."

يستمع يانغ جيه كل يوم للإذاعة ويشاهد التلفزيون لمعرفة آخر الأخبار. قال: "لا أود أن تفوتني أي معلومات مفيدة، ويمكنني أن أوسع أفقي وأنوع أفكاري من خلال أنواع من البرامج. مثلا، أستطيع تعلم العلوم القانونية من خلال البرامج القانونية، ثم أعمم هذه المعلومات بين أهل القرية من خلال خطبة الوعظ. وإذا وقعت مشاجرات بين أهل القرية، أو كانت لديهم أي أسئلة لها علاقة بالقانون، يمكنني أن أساعدهم بكل ما أمتلك من المعلومات القانونية."

يعيش في محافظة هوتوبي أبناء خمس وعشرين قومية، بما فيها قومية هان وهوي والويغور والقازاق، كما يوجد بها أتباع أربعة أديان؛ الإسلام والبوذية والمسيحية والكاثوليكية، حيث تحتضن هذه المحافظة أربعة وخمسين موقعا دينيا، يعمل فيها سبعة وستون فردا.

قال يانغ جيه: "في قريتنا يعيش أبناء القوميات المختلفة في تناغم، ويسود الاحترام والضمان لحرية العبادة والقيام بالأعمال الدينية."

يشغل يانغ جيه حاليا منصب نائب أمين لجنة المؤتمر الاستشاري السياسي لمحافظة هوتوبي. وقال: "لا يمكن أن نعيش حياة سعيدة مثل الزهور المتفتحة إلا بتحقيق تضامن القوميات واستقرار المجتمع." (المصدر: الصين اليوم)