تحقيق: العرض العسكري الصيني يثير الاعجاب والاطمئنان في العراق

بغداد 3 سبتمبر 2015 (شينخوا) على شاشة التلفزيون الرسمي الصيني، تابع العراقي علي الجباري، العرض العسكري الذي نظمته بكين لاحياء الذكرى ال70 لانتصار حرب المقاومة الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، بمزيج من مشاعر الاطمئنان والاعجاب بقوة عسكرية كبيرة ومتطورة لاخوف منها على بلده الذي يخوض حربا ضد تنظيم الدولة الاسلامية منذ اكثر من عام.

وصباح اليوم (الخميس) حلّقت مروحيتان تحملان العلم الوطني الصيني وعلم جيش التحرير الشعبي الصيني فوق ميدان تيان آن من بوسط بكين، لتعلنا انطلاق العرض العسكري المهيب امام اكثر من 40 الف مشاهد، منهم مسؤولون ومدنيون صينيون وضيوف اجانب جلسوا على المدرجات بجانب منصة تيان ان من على طول شارع تشانغآن، التي صعدها الرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة صينيون آخرون قبيل الاستعراض العسكري.

وتعد هذه المرة الأولى التي يقوم فيها الرئيس شي باستعراض القوات المسلحة كأعلى قائد للصين.

ومع بدء العرض وبالبزات الرسمية لجيش التحرير الشعبي الصيني بألوانها الخضراء والبيضاء والزرقاء، مر اكبر تشكيل لحرس الشرف في الجيش في تاريخ الصين امام ميدان تيان آن من.

وضم التشكيل 207 جنود توزعوا على تسعة صفوف من الجنود وثلاثة صفوف من المجندات, في كل صف 17 جنديا او مجندة من القوات البرية والبحرية والجوية.

وفي المجمل شارك في العرض نحو 12 الف جندي صيني، بجانب اكثر من 100 من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية الذين استقلّوا سيارات مكشوفة مرتدين ازياء مزينة بالميداليات الوطنية.

كما شارك لاول مرة في عرض عسكري في الصين قرابة الف جندي اجنبي من 17 دولة جميعها عانت من الحرب، ومن بينها مصر وروسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق.

وقال الجباري لوكالة انباء ((شينخوا)) "شاهدت عبر شاشة تلفزيون ((CCTV العربية)) مقاطع من الاستعراض العسكري الصيني، وقد شعرت بالزهو والاعجاب كثيرا بتطور الجيش الصيني وبحركات جنوده المنسقة".

وتابع "انتابني شعور بان هذا الجيش القوي سوف يساهم في حفظ الامن والاستقرار في كل العالم لانه سيجعل القوى الاخرى تفكر الف مرة قبل ان تتخذ اي عمل ضد الصين".

واردف "لم اشعر بان هذه القوة العسكرية الكبيرة والمتطورة بما فيها من الصواريخ العابرة للقارات، تشكل تهديدا او خطرا علي او على بلدي (..) لان الصين محبة للسلام ولديها تاريخ عريق ولا تريد تحقيق مكاسب سياسية على حساب الاخرين بل تعمل من اجل السلام والتنمية في العالم".

وخلال الاحتفال تم عرض العديد من التجهيزات والاسلحة الجديدة التي تراوحت بين الصواريخ البالستية العابرة القارات حتى قاذفات القنابل متوسطة المدى.

ومن بين هذه الاسلحة والمعدات احدث طراز من المقاتلات (جي-15) المحمولة على متن حاملة الطائرات، وقاذفات القنابل متوسطة المدى من طراز (اتش-6 كي) والصواريخ البالستية الاستراتيجية العابرة القارات من طراز (دونغفنغ-5 بي) والصواريخ البالستية المضادة للسفن من طراز (دونغفنغ- 21 دي) التي وصفتها وسائل الإعلام بـ " القاتل الطائر".

وظهر 84 في المائة من اصل 500 من المعدات العسكرية التي عرضت خلال العرض العسكري لاول مرة امام العامة، حيث لم يسبق للعالم ان رآها من قبل.

وقال لي قوان بين القائد الرفيع المستوى في جيش التحرير الشعبي الصيني إن العديد من الاسلحة المعروضة تعتبر من اسلحة الدرجة الاولى في العالم.

وتمتلك الصين اكبر جيش في العالم وقوامه 2.3 مليون فرد.

وقد تعهدت بكين بأنها ستقلل من تعداد قواتها العسكرية بـ300 الف فرد بحلول نهاية عام 2017، في خطوة لبناء قوات مسلحة اقل عددا ولكن اقوى، حسب ما اعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع يانغ يوي جون، بعد ساعات من تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بهذا الخفض خلال العرض العسكري.

واطمأن العرض العسكري الصيني، العراقي ناظم الجبوري، وهو خبير في الشؤون الاسيوية، قال ل(شينخوا) إن العرض "لا يشكل تهديدا لاية دولة بقدر ما يمثل اعتزاز الصين بتاريخها ومقاومتها التي استمرت لاكثر من عقد حتى تمكنت من طرد الغزاة اليابانيين".

وتابع الجبوري "ان الصين اصبحت قوة عسكرية كبيرة ومهمة في العالم، وليس في قارة اسيا وحدها، ولكن ما يميزها انه لا توجد لديها اطماع توسعية او استعمارية (..) بل بالعكس تصب قوتها في صالح الدول الضعيفة".

واعتبر ان صمود الشعب الصيني كان ملهما لشعوب العالم المضطهدة، قائلا إن "صمود الشعب الصيني العريق ومواصلته تحدي القوات اليابانية الغازية وبأساليب كثيرة ولفترة طويلة حتى تحقيق الانتصار، اعطى الدوافع لشعوب العالم المضطهدة وشجعها للثورة ضد الظلم والعبودية وضد الغزاة حتى تتحرر ارادتها وتصبح سيدة نفسها وتطرد المحتلين".

ولم يكن في استضافة الصين لقوات من دول صديقة للمشاركة في الاستعراض العسكري الا دليلا على روح التعاون والتواصل والعمل الجماعي التي تحافظ عليها الصين مع اصدقائها، حسب الجبوري.

لكن صباح الشيخ، وهو محلل سياسي عراقي وخبير في الشؤون الدولية، اثار العرض العسكري الصيني اهتمامه بشكل كبير، يرى في العرض مدلولا اخر.

وقال الشيخ ل(شينخوا) إن مدلول العرض العسكري الصيني "هو مواصلة الصين لتطورها وبناء قدرتها العسكرية بالاعتماد على نفسها من اجل تعزيز السلام وحفظ الامن والاستقرار، ولكي تظهر قدرتها الحقيقية في الدفاع عن نفسها والسلام في العالم".

وتابع "لقد اظهر الاستعراض القدرة الصينية الحقيقية في الحفاظ على السلام في العالم من خلال صنع معدات عسكرية متطورة جدا ادت الى اعلان الرئيس الصيني تخفيض عدد جنود الجيش بمقدار 300 الف جندي".

وشكل تخفيض قوام الجيش الصيني، لدى الشيخ، "دليلا واضحا على القدرة الكبيرة والمتطورة للقوات الصينية وتطويرها لمستلزمات القوة وفق احدث وسائل الحرب الالكترونية الحديثة بالاعتماد على قدراتها الذاتية، ومؤشرا على ان الجيش الصيني يعتمد احدث الاساليب المعلوماتية التي تستخدمها الجيوش المتطورة والكبيرة في العالم".

ويعد هذا الخفض الرابع الذى تقوم به الصين على جيشها منذ الثمانينات.

وفي عام 1985 خفضت الصين جيشها بواقع اكثر من مليون فرد، وهو التخفيض الاكبر من نوعه.

واكد الرئيس الصيني في خطاب القاه اليوم بمناسبة الذكرى الـ70 لانتصار حرب الشعب الصيني ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية، ان الصين لن تسعى ابداً للهيمنة والتوسع.

وقال الرئيس شي: "إن الأمة الصينية ظلت أمة مسالمة منذ القدم، ولن تسعى الصين أبداً إلى الهيمنة والتوسع مهما بلغت من القوة، كما أنها لن تفرض شقاءها ومصيبتها التي عانت منها على الأمم الأخرى."

واكد ان احياء هذه الذكرى يهدف إلى "تكريس ذاكرة التاريخ وتخليد الشهداء والحرص على السلام وفتح المستقبل".

وفي هذا الاحتفال، الذي اقيم بعد نحو سبعة عقود من العرض العسكري الاول لجمهورية الصين الشعبية، حيث كانت معظم الاسلحة المعروضة قديمة الطراز، "وازن الاستعراض العسكري اليوم بين الماضي والحاضر والمستقبل عبر مشاركة قدامى المحاربين بجانب الشباب الذي تدرب على احدث الاسلحة"، حسب الشيخ.

وشهدت بكين آخر عرض عسكري في عام 2009 لاحياء الذكرى الستين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

ويعد استعراض اليوم هو الاول الذي تقيمه الصين باعتبارها ثاني اكبر الاقتصادات في العالم لاحياء ذكرى انتصارها في الحرب العالمية الثانية.

وفي حوالي الساعة 11:40 صباح اليوم وبإطلاق 70 ألف حمامة بيضاء و70 ألف بالون إلى سماء ميدان تيان آن من بوسط بكين، تم اختتام العرض العسكري الصيني رفيع المستوى.

ولوح الرئيس الصيني وغيره من القادة الصينيين والاجانب لحوالي 40 ألف متفرج، عندما صدحت الاغنية الوطنية "قصيدة للوطن الام".