标题图片
الصفحة الأولى | حجم الخط    أ أ أ

بديع الزمان الهمذاني...مخترع فن المقامات في القرن العاشر الميلادي 2 (خاص)

arabic.china.org.cn / 09:52:50 2014-11-18

بقلم شيرين تشيان*

الجزء الثاني: مَنْ هو مخترع هذا النمط الأدبي؟

18 نوفمبر 2014 / شبكة الصين / كانت هناك أراء مختلفة ومتضاربة حول اختراع المقامات، ومن هو المخترع وما هي الخلفية التاريخية والثقافية لاختراع هذا النمط الأدبي الذي يستهدف النقد الاجتماعي في القرن الرابع الهجري؟ ومع أن بعض الأدباء يظنون أن بديع الزمان الهمذاني هو مقلد ابن دريد (837-933م) ومقاماته في الحقيقة مبنية على "أحاديث ابن دريد"، فإن معظم الباحثين في الشرق والغرب يعتقدون أن الهمذاني هو مخترع المقامات كما أكد محمد بن القاسم الحريري (1054-1122م)، مقلده العظيم، في مقدمة مقاماته أن المقامات"أبدعها بديع الزمان وعلامة همذان".

إن حياة الهمذاني كانت قصيرة-- لم يتجاوز أربعين سنة عندما توفي في هراة-- ولم تكن حياته مستقرة أيضا، فكان يسافر دائما في العالم الاسلامي كما ينتقل أبو الفتح الاسكندري، بطله المكد، من مكان الى آخر في المقامات. ولهذا السبب، نلصق في هذه المقالة صورة البطل الجوال من مخطوطة المقامات الحريرية ونركز على رحلات الهمذاني العديدة وأثارها المحتملة على اختراع المقامات.

1.نشأته في همذان

ولد أبو الفضل أحمد بن حسين الملقب بـ"بديع الزمان" في همذان، المدينة القديمة الواقعة في شمال غرب ايران اليوم. ولم يصل الينا سوى ثلاث من مؤلفاته وهي المقامات وديوان الشعر والرسائل. وتعد رسائله وسيرته الموجودة في "يتيمة الدهر" لأبي منصور الثعالبي النيسابوري (961-1038م) وسيرته في "معجم الأدباء" لياقوت الحموي (1178-1225م) ثلاثة أهم مصادر لمعلوماتنا عن حياة الهمذاني. فنجده يقول في احدى رسائله:

"واسمي أحمد * وهمذان المولد * وتغلب المورد * ومضر المحتد *"

الهمذاني كان يعتز بجذوره العربية. ولكننا لا نستطيع أن نهمل الثقافة الفارسية التي لعبت دورا مهما في تربية الهمذاني واختراعه للمقامات. مدينة همذان كانت حاضرة لبنو بويه (934-1062م) الذين استطاعوا الاستيلاء على فارس والعراق واهتموا بنشر الأنشطة العلمية والأدبية. أصبحت همذان مركزا ثقافيا (مثل ري وشيراز) عقب دخول الدولة العباسية الى مرحلة اللامركزية منذ أواسط القرن التاسع الميلادي. واستطاع السلاطين البويهيون في الحواضر جذب كثير من العلماء والأدباء والشعراء الذين كانوا يطلبون من الحكام الحماية والمساعدة المالية، وفي المقابل، يكرسون أعمالهم للبويهيين ويمدحون كرامة البويهيين في أشعارهم.

وبحسب "يتيمة الدهر"، درس الهمذاني في مولده على يد أبي الحسين بن فارس اللغوي (920-1004م) "وأخذ عنه جميع ما عنده". وأخبرنا الثعالبي أيضا بذاكرة الهمذاني القوية واتقانه اللغة الفارسية ومحاسن نثره ونظمه:

"هو من لم يدرك قرينه في ظرف النثر وملحه وغرره ودرر النظم ونكته...كان ينشد القصيدة التي لم يسمعها قط وهي أكثر من خمسين بيتا فيحفظها ويؤديها من أولها الى آخرها...كان يترجم ما يقترح عليه من الأبيات الفارسية المشتملة على المعاني الغريبة، بالأبيات العربية فيجمع فيها بين الابداع والاسرع إلى عجائب كثيرة لا تحصى..."

2. مجلس الصاحب بن عباد (938-995م) في ري

الجدير من الذكر أن النثر العربي في القرن الرابع الهجري قد أخذ أسلوبا متوازنا ومسجوعا كما نرى في الجملة المقتبسة من رسائل الهمذاني. وعدنا في نهاية مقالتنا "ما هي المقامات؟" بأننا سنتحدث عن سجع المقامات.سافر الهمذاني الى ري في عام 990م و"ورد حضرة الصاحب أبي القاسم". والصاحب بن عباد هو وزير مشهور للبويهيين وكان معروفا بحبه للعلم والأدب وخاصة بحماسته في استخدام السجع في كلامه وكتابته. وكان مجلسه في ري يجذب علماء وأدباء كثيرين من بينهم معلم الهمذاني الأول ابن فارس والأديب أبو بكر الخوارزمي (934-993م) والكاتب أبو حيان التوحيدي (توفى في 1023م) والناقد القاضي الجرجاني (توفى في 1001م) والفيلسوف مسكويه (توفى في 1030م) والجوال أبو دلف الخزرجي. بقى الهمذاني في ري وقتا قصيرا ولمح الثعالبي أنه "تزود من ثمارها وحسن آثارها". وقد يكون بقاء الهمذاني في مجلس الصاحب عاملا رئيسيا لوجود السجع في المقامات وجعل موضوعها عن مغامرات المكد الجوال.

3. نيسابور وأسفاره الأخرى

فارق الهمذاني مجلس الصاحب بن عباد وسافر شرقا الى جرجان. وفي عام 992م، قدم نيسابور ولم تكن رحلته بسلامة وأمان لاننا نعرف من رسالته الى صاحبه في جرجان:

"وأنا داخل نيسابور ولا حلية إلا الجلدة ولا بردة إلا القشرة."

ونلاحظ أن الاسكندري كان يشكو الى عيسى بن هشام في "المقامة الجرجانية" بشكل مشابه:

"وَقَلَعَتْنِي حَوَادِثُ الزَّمَنِ قلْعَ الصَّمْغَةِ، فَأُصْبِحُ وأُمْسِي أَنْقَى مِنَ الرَّاحَةِ وأَعْرَى مِنْ صَفْحَةِ الْوَليدِ"

وعلى أية حال، قضى الهمذاني حوالي سنة في نيسابور حيث بدأ املاء "أربعمائة مقامة نحلها أبا الفتح الاسكندري في الكدية". بالاضافة الى ذلك، فاز بمناظرة بينه وبين أبي بكر الخوارزمي و"طار ذكر الهمذاني في الآفاق وارتفع مقداره عند الملوك والرؤساء". في عام 993م، غادر نيسابور وراح يقوم بأسفار كثيرة في "بلاد خراسان وسجستان وغزنة". وكان من أهم أنصاره في هذه الفترة السلطان محمود (توفى في 1030م) في غزنة، والأمير خلف بن أحمد (توفى في1009م) في سجستان. فنجد في ديوان الهمذاني مديحا يقارن فيه محمودا مع فريدون، البطل الأسطوري الفارسي. كما هناك ست مقامات يمدح مكارم خلف (المقامات الناجمية والخلفية والنيسابورية والملوكية والسارية والتميمية).

لم يعد بديع الزمان الى مولده همذان منذ مغادرتها. وذكر ياقوت في "معجم الأدباء" قوله:

"لم أكن خراساني الطينة، فإني خراساني المدينة."

وأخيرا عزم على الاستقرار في مدينة هراة غرب أفغانستان اليوم. وقضى بضعة عشر عاما هناك. وتزوج امرأة كريمة و"عاش عيشة راضية" بمساعدة أسرتها حتى وفاته عام 1008م. صحيح أنه قد أصبح خالدا كمخترع للمقامات، النمط الأدبي الذي يشهد على بلاغته وبراعته العظيمة .وكان معاصره الثعالبي يقول عنه بكل احترام:

"ما مات من لم يمت ذكره، ولقد خلد من بقى على الأيام نظمه ونثره."

 

_______________

* حاصلة على درجة الدكتوراه في الدراسات العربية والإسلامية من جامعة بنسلفانيا.

 



   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر

 
انقلها الى... :
تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号