شي جين بينغ ومستقبل الصين

* تشانغ وي وي

أكتوبر 2014 / شبكة الصين / شهدت الصين على مدى السنوات الـ30 الماضية نموا سريعا وسط تغيرات كبيرة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، ويتوقع لها أن تصبح أكبر اقتصاد في العالم خلال السنوات العشر القادمة أو أقل من ذلك. ويوفر كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" معلومات قيمة لمعرفة المزيد عن الرئيس شي ومستقبل الصين.

وتكشف فصول الكتاب للقراء عن بعض السمات الخاصة للرئيس الصيني شي جين بينغ، منها رؤيته الواسعة وتصميمه الكبير وروحه الريادية ومعرفته العميقة، كما تتناول أرائه المستنيرة حول السياسة والاقتصاد والمجتمع والشؤون العسكرية والدبلوماسية وأيضا المجالات الثقافية والحياة.

وأظهرت أحاديث وكلمات الرئيس الصيني التي تضمنها الكتاب خبرة كبيرة في إدارة شؤون البلاد، بفضل تدرجه في صفوف الحزب من المستوى القاعدي حتى أصبح أعلى قائد للصين حزبا ودولة، وما تضمنته تلك الفترة من إصقال لخبراته في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وغيرها.

وكان شي جين بينغ قد تولى منصب أمين لجنة الحزب لمقاطعتي فوجيان وتشجيانغ وبلدية شانغهاي، التي تتميز جميعها بكثافتها السكانية العالية حيث تعادل الواحدة منها التعداد السكاني لقرابة ثلاث إلى أربع دول أوروبية مجتمعة، وقد نجح شي في تحقيق إنجازات كبيرة خلال فترة رئاسته لها.

وأشار كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" الذي ضم 79 من الكلمات والأحاديث والخطب والتعليمات والرسائل التي أدلى بها الرئيس الصيني خلال الفترة ما بين 15 نوفمبر 2012 و13 يونيو 2014، إلى قدرة شي على التحليل ونفاذ البصيرة والحكمة والتنظيم السليم، وتأكيده وتمسكه منذ بداية توليه منصبه بمفهوم الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وأهميتها في تحقيق تنمية الصين وجعلها قوة مزدهرة، نظرا لارتباط تلك المفاهيم بمسيرة جمهورية الصين الشعبية على مدى أكثر من 60 عاما، وكونها جزء لا يتجزأ من تطور الأمة الصينية على مدى أكثر من 170 عاما من التاريخ الحديث وقرابة خمسة آلاف عام للحضارة الصينية.

مستقبل الصين

وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، كانت هناك توقعات مختلفة، بين متفائلة وتشاؤمية حول مستقبل الصين، لكن الصين نجحت في إثبات عدم صحة تقديرات جميع المتشائمين وأكدت على صحة توقعات المتفائلين، حيث أظهرت عكس تنبؤات كل من أساء الحكم على الاتجاه العام للتنمية في الصين.

وسيجد قراء الكتاب الإجابة على سؤال "ما هو الاتجاه العام للتنمية في الصين؟"، من خلال كلمات شي حول المصالح طويلة الأمد للشعب الصيني، وتعميق الإصلاحات، وتحقيق حلم الصين للنهضة العظيمة للأمة الصينية، وتجديد شباب الأمة، وجلب السعادة للشعب الصيني، ودفع تحديث نظام الحكم وقدراته، وضمان النجاح التام للاشتراكية ذات الخصائص الصينية.

وتعتبر من أهم سمات الرئيس الصيني شي جين بينغ معرفته التامة بكل ما يفكر به أبناء الشعب ومتطلباتهم وتركيزه على النقاط الرئيسية لتحقيق تقدم شامل.

ويشرح الكتاب خطة العمل المتكاملة التي يشرف عليها الرئيس شي لتحقيق الإصلاح، حيث تضمنت أكثر من 330 إجراء إصلاحيا تغطي 15 قطاعا منها الاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع والتقدم الإيكولوجي وبناء الحزب. وهو ما يوفر مادة جيدة للقراء لفهم مسار الإصلاح في الصين والتعرف على كيفية اتخاذ الحزب الشيوعي للقرارات.

كما يوضح الكتاب رؤية الرئيس الصيني للعلاقة بين الإصلاح والتنمية والاستقرار، وبين إصلاح الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلاقة الحكومة المركزية بالقواعد، والربط بين الشؤون الداخلية والعلاقات الدبلوماسية. وجميعها مواضيع تساعد القارئ على فهم الاتجاه العام لمسار التنمية في الصين ومضامينه.

رؤية شي حول الصين والعالم

استطاع الرئيس الصيني أن يرى العالم من منظور الصين، والصين في نظر العالم، وتحقق ذلك من خلال زياراته الخارجية لأكثر من 100 دولة، حيث أكسبته رؤية دولية واسعة وفهما دقيقا للتوجه الدولي في الصين، وهو ما دفعه للتأكيد على أهمية إسهامات الصين الدولية ودور بلدان العالم في بناء "مجتمع ذو مصير مشترك".

وعرض كتاب "شي جين بينغ حول الحكم والإدارة" رؤية الرئيس الصيني لأوضاع العلاقات بين الصين ودول العالم. فعلى سبيل المثال، أثار شي عددا من الأفكار بشأن السياسة الخارجية تستند إلى الثقافة الصينية التقليدية، منها دعوته لأحياء الدبلوماسية التي تتميز بالصداقة والإخلاص والتعاون على قدم المساواة، وإصراره على أتباع الصين لنهج سليم أكثر توازنا في علاقاتها الخارجية. وأستخدم شي عبارات مثل "الفوز المشترك"، و"بناء نموذج جديد للعلاقات بين الدول الكبرى"، "حزام طريق الحرير الاقتصادي"، و"طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين".

ويرى الرئيس الصيني شي جين بينغ ضرورة "بناء نموذج جديد للعلاقات بين الدول الكبرى" بين الصين والولايات المتحدة، كما ينبغي على الجانبين العمل بشكل أفضل لإحراز تقدم مستمر. أكد شي على أهمية العلاقات الصينية ـ الأوربية، ودعا إلى بناء جسر للسلام والاستقرار، وجسر للتنمية والازدهار، وجسر للإصلاح والتقدم، وجسر للازدهار الثقافي المشترك للربط بين الجانبين. وضرورة العمل المشترك بين جميع دول العالم لبناء نموذج جديد للعلاقات الدولية يتسم بالتعاون والمنفعة المتبادلة بغض النظر عن الحجم أو القوة أو الثروة.

باختصار، فإن هذا الكتاب يوفر مقدمة شاملة ودقيقة لوجهة نظر الرئيس الصيني شي جين بينغ حول الفلسفة والإدارة والحكم والإصلاح والتاريخ والعلاقات مع دول العالم والأفكار الأساسية عن وحول نظام الحكم في الصين. وتجعل أفكار شي ببعدها التاريخي ورؤيتها العالمية، من كتاب "شي جين بيغ حول الإدارة والحكم" مادة شيقة وجذابة لكل من هو مهتم بالصين.

_______________

*رئيس مركز بحوث تنمية الصين التابع لجامعة فودان، ورئيس معهد الدراسات الصينية التابع لأكاديمية شانغهاي للعلوم الاجتماعية.