الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
تحقيق إخباري: قرار المحكمة الدستورية المصرية بالسماح للعسكريين بالمشاركة في العملية الانتخابية يثير جدلا واسعا
بقلم/ عماد الأزرق
القاهرة 27 مايو 2013 (شينخوا) اثار قرار المحكمة الدستورية العليا في مصر بالسماح للعسكريين ورجال الشرطة بالتصويت في الانتخابات حالة من الجدل الواسع بين الخبراء والمحللين والسياسيين بين مؤيد ومعارض للقرار.
وتراوحت الآراء بين اعتبار القرار حكم تاريخي وانتصار للحقوق والحريات، وبين اتهام المحكمة بالتخبط والمطالبة بحلها واعادة تشكيلها من جديد، فيما ذهب فريق ثالث إلى اعتبار القرار أمرا عاديا في الدول الديموقراطية ويمكن تطبيقه ولكن بضوابط محددة.
وأكدت المحكمة الدستورية في قرار أصدرته السبت الماضي أن حرمان ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة من المشاركة في الانتخابات طوال مدة خدمتهم، كما نص عليه قانون مباشرة الحقوق السياسية "مخالف للدستور".
جاء ذلك خلال نظر المحكمة الدستورية قانوني مباشرة الحقوق السياسية وانتخاب مجلس النواب، المحالين اليها من مجلس الشورى، والذي قضت المحكمة ببطلان تسع مواد في القانون الأول وأربع مواد في القانون الثاني.
ورأت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابقة، أن المحكمة الدستورية هي محكمة ضمانات، ومهمتها الأولى هي حماية الحقوق والحريات في المجتمع، وحكمها الصادر هو حكم تاريخي اذ لايقبل أن يمنع فئة من المواطنين من الادلاء باصواتهم في الانتخابات على اساس اللون أو الجنس أو الدين أو العمل أو غير ذلك.
وقالت الجبالي، لوكالة أنباء (شينخوا)، إن المحكمة الدستورية بقرارها بضرورة السماح للعسكريين والشرطة بالمشاركة بالتصويت في الانتخابات، فانها تكون قد انتصرت للحقوق والحريات، ووضعت لها الضمانات، مشيرة إلى أن منع العسكريين من التصويت بالانتخابات يأتي من زاوية الحظر من الحق، والمحكمة انتصرت لأصل الحق.
وأضافت إن هذا لا يعني تحويل الوحدات العسكرية إلى ميادين للاعتراك السياسي أو ساحة للانتخابات والمنافسة السياسية، فالمحكمة أوضحت وأعطت الحق لاصحابه، أما آلية التنفيذ وطريقته فهذا يقع على السلطة التنفيذية، فهناك ترتيبات وأوضاع تنفيذية يجب أن تراعى على الأرض، بما يمكنهم من أداء حقهم الانتخابي دون تحويلها لساحة للصراع السياسي أو الانتخابي.
وأشارت الجبالي إلى أن هذا هو ما يحدث ايضا مع القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين لهم حق التصويت بالانتخابات، وتابعت "لم نسمع ولم نرى أن ساحات المحاكم تحولت لمعترك سياسي أو ساحة للدعاية الانتخابية".
وأوضحت أن الحكم ازال ظلما كبيرا وقع على هذه الفئات عبر سنوات طويلة، ونحن مطالبين بالنظر للعالم الديموقراطي كله والذي يتيح لهم المشاركة الانتخابية، وعلينا الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في ذلك.
ولفتت إلى أنه لم يمنع أي دستور مصري أي فئة أو طرف بما في ذلك الجيش والشرطة من ممارسة حقهم الانتخابي، وانما كان يأتي المنع والحظر في القوانين المنظمة للانتخابات، والمحكمة الدستورية بعد أن تم منحها حق المراقبة السابقة على هذه القوانين، فقد ارتأت أن تتصدى لهذا الخطأ الدستوري، خاصة وأنه امام المحكمة طعون سابقة بهذا الخصوص فوجدت أن تعالج الخطأ من بدايته تلافيا لعدم دستورية القوانين.
وأعطى الدستور الجديد الصادر في عام 2012 للمحكمة الدستورية حق "الرقابة السابقة" على بعض القوانين من بينها مباشرة الحقوق السياسية وانتخابات مجلسي النواب والشورى.
ونصت المادة 177 من الدستور على أن يعرض رئيس الجمهورية أو مجلس النواب مشروعات القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل اصدارها، لتقرير مدى مطابقتها للدستور.
وأكد الدكتور عبدالله المغازي استاذ القانون الدستوري، عضو جبهة الانقاذ (المعارضة)، المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد، أن ممارسة العسكريين والشرطة لحق التصويت الانتخابي ليس بدعة جديدة، وتابع "نحن لا نعيد اختراع العجلة، وكل الدول الديموقراطية تمارس هذا الحق".
وقال المغازي، ل(شينخوا)، إن ممارسة العسكريين والشرطة لحقهم الانتخابي يحتاج إلى العديد من الضوابط من بينها، منع العسكريين ورجال الشرطة من اعلان تأييدهم بشكل علني لأي مرشح أو حزب، وأن توضع لذلك عقوبات رادعة.
وشدد على ضرورة أن توضع عقوبات مغلظة للقيادات والرتب الأعلى في حال اجبار الضباط أو الجنود على التصويت لمرشح او حزب بعينه، وكذلك منع كل وسائل الدعاية الانتخابية داخل الوحدات العسكرية والشرطية.
وأضاف "ليس لدي مخاوف من ممارسة العسكريين والشرطة لحقهم الانتخابي ولكن بضوابط كما هو موجود في كل الدول، فإذا لم تمارس تلك العملية بضوابط محددة فمن الأفضل ألا تتم".
أما الدكتور محمد شحاتة استاذ القانون بجامعة الاسكندرية، عضو اللجنة القانونية بحزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، فقد أكد على أن السماح للعسكريين بالادلاء باصواتهم في الانتخابات كان موجودا في مصر قبل عام 1975، وهو موجود في معظم الدول الديموقراطية.
وقال شحاتة ل(شينخوا) إن هذا الأمر مطروح للنقاش المجتمعي، فإن وجد أنه يصب في صالح الممارسة الديموقراطية فلا مانع منه، وان وجد أن هذا سيكون على حساب ضرورات الأمن القومي فلابد من اعادة النظر اليه مرة ثانية.
وأضاف إن مشاركة العسكريين في التصويت يمكن أن يثري الحياة السياسية وليس من المقبول حرمانهم من حقهم السياسي، واستطرد قائلا "لكنهم في الوقت نفسه يضطلعون بواجب مقدس في الدفاع عن مصر وحماية الشرعية، ولابد وأن ينظر للموضوع من كافة جوانبه".
وحول موقف حزب الحرية والعدالة من القرار، قال شحاتة "هذا الموضوع مازال قيد الدراسة بحزب الحرية والعدالة في اطار النقاش المجتمعي له، ولم نصل فيه بعد إلى رؤية محددة، ومازلنا نقلب الموضوع من مختلف الجوانب".
في المقابل، وصف عمرو عبدالهادي المتحدث باسم جبهة "الضمير" (الموالية)، عضو الجمعية التأسيسية للدستور، المحكمة الدستورية بأنها في حالة "تخبط شديد"، وتابع قائلا "هي لا تحارب الرئيس محمد مرسي ولا الاخوان المسلمين ولا الجيش ولا الشرطة، وانما تحارب الشعب المصري كله، بادخالها الجيش في المعترك السياسي".
وقال عبدالهادي، ل(شينخوا)، إنه "لم يعد مستغربا بعد اليوم أن نجد الدعايات الانتخابية تملأ الوحدات والثكنات العسكرية، والمرشحين يجوبون الوحدات العسكرية للترويج لهم، ولن نستغرب اذا ما وجدنا الخلاف السياسي بين الوحدات العسكرية قد ادى إلى اقتتال فيما بينها".
وأضاف قائلا "المحكمة الدستورية بقراراتها هذه تعطي الضوء الأخضر لضرورة حلها وبترها من الجسد المصري، وهذه لن تكون بدعة في مصر وانما لها سوابق في ديموقراطيات كثيرة في فرنسا وألمانيا وتركيا ودول أخرى"، لافتا الى أنه لابد من حل المحكمة الدستورية واعادة تشكيلها من جديد.
وأعرب عن اعتقاده بأن الجيش سيكون له رأي في ذلك الأمر نظرا لخطورته على الأمن القومي، ولزجه في السياسة على الرغم من أن اعداد الجيش والشرطة والتي تتراوح ما بين مليون إلى مليون ونصف لن تكون مؤثرة بشكل كبير وسط 30 مليون يشاركون فعليا بالانتخابات، محذرا من ان الهدف فقط من هذا القرار هو الزج بالجيش في المعترك الانتخابي لتمزيقه سياسيا ودفعه للاقتتال الداخلي.
وتتعرض المحكمة الدستورية لانتقادات عنيفة من جانب الاسلاميين وحلفاؤهم، وسبق وأن تعرضت في ديسمبر الماضي لحصار من جانب اسلاميين لمنعها من اصدار قرار بخصوص مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور.
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |