الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
تحليل إخباري: اتفاق وقف اطلاق النار بين فصائل غزة وإسرائيل في اختبار صعب
بقلم أمينة جيانغ
بكين 22 نوفمبر 2012 (شينخوا) في لحظة حرجة تمر بها منطقة الشرق الأوسط، استقبل العالم نبأ التوصل إلى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحركة حماس بترحيب واسع وسط دعوات دولية للأطراف المعنية بضرورة "العمل بجد" و"إخلاص" بغية تحقيق السلم والأمن الإقليميين.
فقد أعلن وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون في القاهرة مساء يوم الأربعاء أن اتفاق وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ رسميا في الساعة التاسعة من مساء الأربعاء بالتوقيت المحلي (19:00 بتوقيت غرينتش).
ومنذ إعلان الهدنة، بدأت الأوضاع تمضي نحو التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلى ، لكن المحللين لم يبدون قدرا كبيرا من التفاؤل إزاء هذه الهدنة التي تحققت بعد جهود حثيثة من القاهرة وزيارة كوكبة من المسؤولين الغربيين للقدس للتشجيع على المضي قدما في تحقيق الهدنة. ويرون أن هناك ثمة أوجه شبه كبيرة بين اتفاق الأربعاء واتفاق آخر تم التوصل إليه بعد عملية "الرصاص المصبوب" الإسرائيلية على غزة عام 2008، وإن الأخير لم يستطع تغيير الوضع المتأزم القائم على العنف بين الجانبين، ولم يخفف من حدة الحصار الذي يرزح تحت وطأته قطاع غزة. فهل لمشاعر عدم التفاؤل هذه أن تتبدد مع مرور الأيام؟
-- دوافع إسرائيلية لقبول الهدنة
ويقول لي تشاو شيان نائب رئيس المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة أن نتانياهو وافق على الهدنة بعدما رأى انه حقق لإسرائيل أقصى قدر من الأرباح على صعيدي السياسة الداخلية والخارجية.
وأوضح لي تشاو شيان ان اسرائيل اختارت هذا الوقت بالتحديد للتهدئة انطلاقا من استعدادها للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في يناير المقبل، مضيفا إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حقق في الواقع أهدافه الرئيسية من هذه العملية العسكرية، أولا: تصفية قائد عسكري بارز لحركة حماس، وثانيا: توجيه ضربة مدمرة لمراكز القوة ومنصات إطلاق الصواريخ التابعة لحماس، ليضمن تأييد عدد أكبر من الإسرائيليين له في الانتخابات المقبلة، وهو ما أتضح جليا من خلال ارتفاع نسبة تأييده مقابل وزير الدفاع أيهود باراك في استطلاعات الرأى الأخيرة.
ولفت لي تشاو شيان إلى ان نتانياهو بدا بموافقته على وقف اطلاق النار كما لو كان يعمل على حفظ ماء وجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعدما أعلن الأخير عن تأييده لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأفاد هيلارى كلينتون إلى المنطقة لدفع جهود الوساطة، بل ولم يكتف نتانياهو بالموافقة على الهدنة بل اجرى اتصالات بأوباما واثني على جهوده في التهدئة، وخاصة وان أوباما بدأ ولايته الجديدة بالسعى لرأب الصدع في العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية.
وتتحدث تقارير عدة عن أن تزايد قوة حماس واطلاقها صواريخ وصلت إلى تل أبيب والقدس وبئر السبع ربما حفز إسرائيل على الموافقة على الهدنة.
ويرى آخرون ان العامل المهم للغاية الذي قاد إلى التوصل إلى الهدنة هو الرأي العام الإسرائيلي الذي أيد غالبيته عدم التصعيد العسكري وعدم التورط في عملية اجتياح برى للقطاع ، إذ أن شن حرب واسعة من شأنه إلحاق خسائر فادحة في أرواح الجنود، وهو ما لا تقبله الجماهير في إسرائيل.
وتحت ضغوط دبلوماسية وانتقادات من الرأى العام الدولي لإسرائيل بعد مقتل 1400 مدني فلسطيني في عملية "الرصاص المصبوب"، يبدو واضحا أن إسرائيل لا تريد تكرار ما حدث، ولا سيما وانها تطلق على نفسها دولة ديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان.
-- دوافع فلسطينية لقبول الهدنة
ويعرب المحللون عن اعتقادهم بأن رغم ان الاتفاق لم يلب رغبة حماس في إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، إلا أنها تعتقد أنها خرجت منتصرة من هذه الجولة من الاشتباكات العسكرية، ويعتقدون إن حماس أرادت ان تظهر انها باتت تتمتع بقوة هجومية أكبر وتمتلك أسلحة أحدث من ذي قبل، ما يشكل تهديدا على إسرائيل.
وفى حقيقة الامر، برز خلال المواجهات الأخيرة امتلاك المسلحين الفلسطينيين لصواريخ بعيدة المدى من طراز (فجر 5) وصواريخ مضادة للدروع وصواريخ مطورة محليا مثل صواريخ أم 75 وغراد وكورنيت.
فى هذا الصدد، قال لي تشاو شيان، إنه في ضوء العلاقات الوثيقة بين جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس ومكانة مصر وثقلها في المنطقة، لعبت الوساطة المصرية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل دورا محوريا في موافقة الفلسطينيين على الهدنة، لافتا إلى أن الجهود الدولية لوقف القتال كانت كثيفة ولكن الأضواء تسلطت بشدة على دور مصر ومطالبة واشنطن لها باستخدام نفوذها على حماس لتهدئة الوضع بين الجانبين.
ويشير خبراء في سياسات الشرق الأوسط إلى أن مقتل قائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس وعدد كبير من المدنيين الفلسطينيين في العملية الإسرائيلية وتدمير قدر ضخم من البنية التحتية في قطاع غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية هناك يوما بعد يوم، ساهم في دفع حماس إلى التفكير في تفادى سقوط في براثن حرب مع إسرائيل، خاصة وان نتانياهو هدد يوم الثلاثاء بأنه فى حال فشل وقف اطلاق النار سيتخذ "اجراءات أكثر قوة وصرامة".
وأكد أكرم حسام، الخبير السياسي بمركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية في العاصمة المصرية القاهرة، "إن اتفاق الهدنة يمثل انتصارا سياسيا للفصائل في غزة".
-- مطالبات دولية بضرورة الإلتزام
وبعدما اختفى دوي الانفجارات وهدير الطائرات في قطاع غزة، احتلت وسائل الإعلام المقرؤة والإلكترونية مطالبات بضرورة الإلتزام بالهدنة وآمال في ان تكون "أكثر ديمومة".
فقد رحب مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، داعيا الأطراف المعنية إلى "العمل بجد" من أجل إحلال "سلام دائم وثابت" في منطقة الشرق الأوسط.
ومع أن الهدنة دخلت حيز التنفيذ، إلا ان لي تشاو شيان الخبير في قضايا الشرق الأوسط قال إن هناك دلائل على إنعدام الثقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، فرغم أن الجانبين شرعا في بحث الهدنة يوم الاثنين، إلا انهما لم يوقعا عليها سوى الأربعاء يدفعهما في ذلك وصول وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى المنطقة، إذ ما زالت حماس تتمسك بضرورة توقف الاغتيالات الإسرائيلية لقادتها فيما تتمسك إسرائيل بحتمية توقف حماس عن اطلاق الصواريخ على أراضيها.
وأكد جميع قادة العالم على ضرورة الالتزام بوقف اطلاق النار، لأنه في كل مرة يتم فيها التوصل إلى هدنة، لا تدوم الا لوقت قصير، ثم ينخرط الطرفان مجددا في جولة جديدة من المواجهات والاشتباكات.
وقال لي تشاو شيان إن الهدنة خطوة إيجابية كبيرة، ولكن طالما لم يحصل الفلسطينيون على حقهم في إقامة دولة واستمر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، لن يتوقف الصراع بين الجانبين. ومن ثم، يتحتم على المجتمع الدولي مواصلة جهوده لتحقيق السلام الدائم بين الفلسطينيين وإسرائيل.
ورغم كل المخاوف من انهيار الهدنة الهشة، إلا ان سعيد اللاوندي ، الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أشار إلى أن التغيرات الإقليمية الحالية ستجعل إسرائيل تفكر مرارا قبل أي هجوم في المستقبل، متوقعا أن تستمر الهدنة "لوقت طويل".
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |