الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
مقالة خاصة: هل تعطي أولمبياد لندن دفعة للاقتصاد الأوروبي للخروج من الأزمة؟
بقلم هيثم لي تشن
بكين 9 أغسطس 2012 (شينخوا) بينما تستضيف العاصمة البريطانية لندن في هذه الأيام فعاليات دورة الألعاب الأولمبية الـ30، يبدو أن بعض الناس نسوا أو تناسوا مؤقتا المشكلات الناجمة عن أزمة الديون الأوروبية. وفي الحقيقة، حتى الأولمبياد لم تسلم من تأثير أزمة الديون.
وهناك كثير من الآمال بأن تعطي أولمبياد لندن دفعة للاقتصاد الأوروبي في ظل أزمة الديون، ولكن هل يمكن فعلا للأولمبياد أن تسهم في إنقاذ الاقتصاد الأوروبي ؟
أزمة الديون الأوروبية لا تزال متأججة:
دخلت أزمة الديون الأوروبية في "حلقة مفرغة " في الآونة الأخيرة. فعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي أطلق سلسلة من المبادرات في نهاية يونيو الماضي للتعامل مع أزمة الديون، ما يزال تنفيذ هذه المبادرات أمرا صعبا ولا تزال أزمة الديون الأوروبية متأججة.
وقد بدأ تأثير الأزمة يظهر على بعض الدول بالفعل. فعلى سبيل المثال، ارتفعت فوائد السندات الأسبانية لأجل عشر سنوات فوق مستوى 6 بالمائة، ما يعني اتساع دائرة المخاطرة في الاقتصاد الأسباني.وتواجه دول من أصحاب التصنيف الائتماني الممتاز (أيه أيه أيه)، مثل ألمانيا وهولندا ولوكسمبورغ، خطر خفض تصنيفها. ولا يعرف أحد ما إذا كان بإمكان اليونان الحصول على حزمة إنقاذ مالي أخرى.
ووفقا لتقرير الآفاق الاقتصادية الصادر عن المفوضية الأوروبية، قد يدخل اقتصاد الاتحاد الأوروبي في حالة ركود فني هذا العام، ومن المتوقع أن يسجل اقتصاد الاتحاد الأوروبي نموا صفريا في العام الحالي، وربما ينكمش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 0.3 بالمائة.
وبالنسبة لبريطانيا، التي تستضيف الأولمبياد، أشارت تقارير إلى أن العجز في ميزانية الحكومة البريطانية بلغ 145.4 مليار جنيه إسترليني للعام المالي 2011 -2012، ما يعد أخطر عجز بالميزانية في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية، إذ يساوي هذا العجز 11بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا ويتجاوز بكثير الحد الأعلى المتفق عليه بين دول الاتحاد الأوروبي.
وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر عام 2012 أصعب عام بالنسبة لسوق الوظائف ببريطانيا في السنوات الـ20 الماضية، إذ من المتوقع أن يرتفع عدد العاطلين إلى 2.85 مليون نسمة، ليسجل معدل البطالة فوق 8.8 بالمائة.
أزمة الديون تلقي بظلالها على أولمبياد لندن:
لا شك في أن أزمة الديون الأوروبية تركت أثرا سلبيا على دورة الألعاب الأولمبية الحالية، حيث أجبرت كثيرا من الدول الأوروبية على خفض النفقات الأولمبية، إذ يرتدي الرياضيون الأسبان المغرمون بالموضة أزياء أولمبية مجانية التصميم، ويحصل الرياضيون البريطانيون الفائزون بالميداليات الذهبية على جوائز معنوية فقط، على سبيل المثال، عن طريق طبع صورة الرياضي على طوابع تذكارية دون أن يحصل على أية مكافأة مالية، ويكتفي كثير من الفرنسيين الذين يحبون السفر بمشاهدة فعاليات الأولمبياد عبر شاشات التليفزيون.
وكانت وزارة الثقافة والإعلام والرياضة البريطانية قد ذكرت في كتاب ((تأثير دورة الألعاب الأولمبية)) الذي صدر في ديسمبر 2005، أن بريطانيا تتوقع تحقيق أرباح صافية قدرها 1.9 مليار جنيه إسترليني من دورة الألعاب الأولمبية. ولكن مع حلول الأزمة المالية العالمية عام 2008، فضلا عن انتشار أزمة الديون في منطقة اليورو في العام الحالي، قال عمدة لندن بوريس جونسون مؤخرا إن ميزانية أولمبياد لندن ارتفعت إلى 9.3 مليار جنيه إسترليني، بزيادة 4 مرات عن الميزانية الأولية، مما يؤثر على العائدات المتوقعة.
ويرى كثير من البريطانيين أنه لم يكن من الصواب أصلا التقدم باستضافة الأولمبياد في ظل الأزمة الاقتصادية. حتى أن صحيفة ((فايننشال تايمز)) البريطانية قالت إن "الخطط التي وضعتها الحكومة البريطانية لزيادة الأرباح خلال الأولمبياد محكوم عليها بالفشل في جميع الأحوال. وأظهرت إحصاءات أن عدد الزائرين الأجانب بلغ خلال الدورة الحالية 100 ألف مقابل 300 ألف سائح أنفقوا أموالهم على المتاحف والمسارح ووسائل الترفيه الأخرى في لندن خلال نفس الفترة من العام الماضي، ما أسفر عن تراجع أرباح أبرز المعالم السياحية بنحو 35 في المائة".
الأولمبياد مجرد دفعة معنوية للاقتصاد الأوروبي:
يظن معظم الخبراء أن دور أولمبياد لندن في تخفيف أزمة الديون الأوروبية محدود للغاية، وربما تمثل الأولمبياد مجرد دفعة معنوية فقط للاقتصاد البريطاني.
وفي هذا السياق، قال ستيفن زيمانسكي، أستاذ الاقتصاد البريطاني، إن "أولمبياد لندن ستكون دورة ممتازة ورائعة، ولكن بعد حفل الختام سوف يعود كل شيء كما كان في الماضي".
وقال الدكتور هنري براون، مدير مشروع آسيا بالمعهد الملكي للشئون الدولية (تشاتام هاوس)، قال "إن الأوضاع قد تتحسن، ولكن لا أعتقد أن دورة الألعاب الاولمبية من شأنها أن تسهم كثيرا في حل أزمة الديون في أوروبا".
ويرى ليو مينغ لي، الباحث بالمعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة، أن "مشاعر الثقة والشجاعة والتفاؤل لدى الرياضيين المشاركين في الأولمبياد سوف تنتقل إلى الشعب الأوروبي "، معربا عن ثقته بأن دورة الألعاب الأولمبية ستلعب دورا في تقوية روح التضامن وتشجع بريطانيا والاتحاد الأوروبي على التقدم إلى الأمام بقوة في معالجة أزمة الديون الأوروبية.
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |