arabic.china.org.cn | 04. 07. 2019 |
4 يوليو 2019 / شبكة الصين / لا شك أن العالم واجه تفاقم مشكلة النفايات في السنوات الأخيرة إلى درجة مُفزِّعة ومخِيفة. وأصبحت قضايا معالجتها وتحقيق إعادة تدويرها واستغلالها مهمة عاجلة أمام البشر.
ونالت بلدية شانغهاي اهتماما كبيرا في العالم، بعد تطبيقها في الأول من يوليو الجاري لائحة بشأن معالجة النفايات المنزلية وإعادة تدويرها تُعد أكثر لائحة صرامة متعلقة بتصنيف النفايات في تاريخ الصين بسبب أنها نصت على خضوع أي فرد أو مؤسسة لعقوبة إذا لم يفرز القمامة ويضعها في الحاويات الخاصة بها. وأشار علماء ومحللون إلى أن عزم سلطات شانغهاي وجهودها في تفعيل لائحة فرز النفايات المنزلية لم تمسان حياة الشعب الصيني فحسب، بل تؤثران على العالم أجمعه إيجابيا أيضا، باعتبارها إحدى أكبر المدن الصينية من حيث عدد السكان.
تنفيذ اللائحة يغير أنماط الحياة لمواطني شانغهاي
في الساعة التاسعة مساء الأول من يوليو الجاري قدم أحد مواطني شانغهاي إلى نقطة جمع النفايات قرب منزله ورمى كيسا من الفواكه الفاسدة في حاوية خاصة بالنفايات الرطبة، ثم وضع كيسا آخر بحاوية أخرى للنفايات الجافة، حيث غمغم بصوت منخفض "هذا مزعج".
ويبدو أن كثيرا من مواطني المدينة ما زالوا في مرحلة التعود على فرز القمامة والنفايات في حياتهم اليومية إذ أن فهم أهميته أمر سهل، ولكن المواظبة على تنفيذه أمر عسير.
وفي الحقيقة أن السلطات المحلية قد أطلقت أنشطة وحملات توعية وترويج متعلقة بأهمية فرز القمامة والنفايات قبل تطبيق هذه اللائحة، إضافة إلى اتخاذ تدابير وإجراءات لتعليم المواطنين كيفية فرزها بشكل صحيح ووضعها في الحاويات الخاصة بها.
ولا شك أن تفعيل وتنفيذ اللائحة عمل عسير للغاية في واقع الحياة إذ أن أكثر من 9 ملايين طن من النفايات والقمامة تُنتج سنويا في هذه المدينة. ولذلك استخدمت السلطات المحلية أنواعا من الوسائل- من مواقع التواصل الاجتماعي إلى الصحف المحلية حتى الوطنية- لشرح ضرورة تنفيذ فرز القمامة وكيفية تحقيقه.
وأصبح فرز القمامة والنفايات موضوعا ساخنا في الصين، الأمر الذي لم يدفع الناس للتفكير فيه ومناقشته فحسب، بل حثهم على تغيير أنماط حياتهم.
"فرز القمامة والنفايات يمثل جزءا مهما من القوة الناعمة لأي دولة"
أوضح علماء ومحللون أن أكثر لائحة صرامة في فرز القمامة تجلب فرصة تجارية جديدة لقطاعات ذات صلة وعاملين فيها.
وأشار الدكتور دو هوان تشينغ، رئيس مركز بحوث الاقتصاد التدويري، إلى إن فرز القمامة والنفايات يتحلى بأهمية بالغة للقطاعات العاملة في إعادة تدويرها. وقال إنه مؤسف أن كثيرا من النفايات القابلة لإعادة التدوير حُرقت لعدم فرزها بشكل ملائم. ويتغير الأمر حاليا، فالمخلفات والقمامة المناسبة للتخزين والنقل يمكن إعادة تدويرها.
وتستطيع محطات معالجة النفايات في شانغهاي التعامل مع 19 ألفا و300 طن من القمامة و5 آلاف و50 طنا من قمامة المطبخ بحسب إحصائيات رسمية، ولكنها لا تجمع في الوقت الحاضر إلا 3 آلاف و300 طن يوميا من النفايات القابلة لإعادة تدويرها .
وسنحت لمصانع سلال المهملات وحاويات النفايات فرص تجارية جديدة، حيث شهدت طلبات وأسعار سلال المهملات ارتفاعا على مواقع التسوق بالصين. وبالإضافة إلى ذلك تعمل حاليا على تطوير طرز جديدة لتلبية طلبات جديدة للمستهلكين.
وأوضح الدكتور دو أن فرز القمامة لا يتعلق بفرص تجارية جديدة فحسب، بل يمثل جزءا مهما من القوة الناعمة لأي دولة، إذ إنه يتعلق بصحة الناس.
خبرة الصين في تفعيل فرز القمامة تؤثر على العالم إيجابيا
لا شك أن الصين ليست الوحيدة التي تواجه مشكلة معالجة النفايات المتراكمة، حيث أن سرعة إنتاج البشر للنفايات يُتوقع تجاوزها سرعة نمو عدد السكان في العالم بالضعفين خلال الفترة ما بين عامي 2018 و2050، بحسب موقع بلومبرغ.
وفي الوقت نفسه تواجه قطاعات عاملة في إعادة تدوير القمامة والنفايات تحوّل هياكلها والارتقاء بنوعيتها. وقالت بيانات أصدرها موقع بلومبرغ إن مصالح مالية تحفز تنمية هذه القطاعات في معظم الدول والمناطق بالعالم بدلا من اهتمام المجتمعات بحماية البيئة. وإلى حد كبير يعاد تدوير النفايات واستغلالها بجهود الزبالين المحترفين لجمع القمامة. ولكن عددهم تقلص مع ارتفاع مستوى معيشة الحياة في المجتمعات، وأصبحت لديهم خيارات أخرى في الوظيفة والعمل.
وقالت البيانات إن معظم الزيادة في كمية النفايات بأنحاء العالم ستنتجها الدول النامية في الفترة المقبلة، لذلك النجاح في إقامة نظام رسمي لإعادة تدوير النفايات في هذه الدول أم لا، له أهمية كبيرة في معالجة النفايات بأنحاء العالم وتقليل سلبياتها على البيئة إلى أقصى درجة. وأكد أن خبرة الصين في تفعيل فرز القمامة لها دور مفتاحي في هذا الصدد باعتبارها أكبر دولة نامية في العالم.
وفي الحقيقة أن الصين تنبأت بالصعوبات المحتملة التي ستواجهها القطاعات الخاصة بإعادة تدوير النفايات منذ عام 2000، حيث بدأت في تجريب ترويج أعمال فرز القمامة في بعض مدنها. وأعلن مجلس الدولة الصيني عام 2017 مخططا بشأن تفعيل مشروع "تصنيف وفرز القمامة" في المدن الرئيسية بالبلاد، وأُطلقت نقاط تجريبية في عديد منها. وأما اللائحة التي بدأت شانغهاي في تنفيذها خلال العام الجاري فتُعد أكثر منهج بشأن إعادة تدوير النفايات شمولا في تاريخ الصين.
ورغم ذلك تواجه أعمال إعادة تدوير النفايات عبئا ثقيلا وأمامها درب طويل، ولا تزال شانغهاي وغيرها من المدن الصينية تحتاج إلى بناء مزيد من المرافق الأساسية الضرورية لمعالجة النفايات حتى ولو أنها فُرزت بشكل مناسب، ويتطلب ذلك استثمارات بمليارات من الدولارات ووقتا طويلا يمتد لسنوات عديدة. ولكن، لا شك أن تجربة شانغهاي في تنفيذ اللائحة تدفع مواطنيها لمناقشة موضوع فرز القمامة والتفكير فيه بعمق، ويمثل ذلك تقدما كبيرا ويُعلم الدول النامية الأخرى درسا، ألا وهو بناء نظام حديث لإدارة النفايات يتطلب تشكيل الوعى الاجتماعي بأن إعادة تدوير النفايات والقمامة يمثل مسؤولية مفروضة على كل المواطنين. ولا شك أن المنهج الجديدة في هذا الصدد يمكن أن يمثل نموذجا.
وقال تشن لي ون، وهو ناشط ذو خبرة طويلة في حماية البيئة، إن الصين بدأت خطواتها في فرز القمامة متأخرة بالمقارنة مع الولايات المتحدة واليابان وغيرها، ولكن، إذا حققت نجاحا في المدينة التي يقطن فيها عدد ضخم من السكان، فلا شك أن ذلك يؤثر إيجابيا على العالم بشكل كبير.
انقلها الى... : |
China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |