6 مارس 2015 / شبكة الصين / يقع جبل آثوس المعروف بـ"الجبل المقدس" في شبه جزيرة كالسيديس شمال اليونان، وهي منطقة مخصصة "للعبادة" حيث تضم رهبان كنائس أرثوذكسية. ويرجع تاريخ الأديرة الأرثوذكسية الـ20 الموجودة هناك إلى القرن التاسع الميلادي وفترة الإمبراطورية البيزنطية، وتضم أكثر من 2000 راهب من اليونان وبلغاريا وصربيا وروسيا، يعيشون معزولين عن بقية العالم حياة تقشفية.

وبرغم كون جبل آثوس جزءا من الإتحاد الأوروبي إلا أنه يعد ولاية مستقلة ذاتيا، الأمر الذي يفرض قيودا "خاصة" على حرية تنقل الأشخاص أو البضائع عبر أراضيها بدون تصريح رسمي. ونتيجة لذلك توجد شوط وتقاليد تبدو غريبة على الناس خارجها، على سبيل المثال، فإن اليوم يبدأ هناك عند غروب الشمس تبعا للتوقيت البيزنطي، ويعد منع دخول النساء من أغرب الممارسات.

لمدة أكثر من 1000 عام، يمنع الرهبان النساء وإناث الأبقار والكلاب والماعز من دخول الولاية "المقدسة" ويسمح فقط لإناث الطيور والحشرات، كونه من الصعب نظريا مراقبة السماء والأرض نهارا وليلا. إلا أنه يتم استقبال الزوار الرجال من "الحجاج" من مختلف بقاع العالم، حيث يمكنهم زيارة الجبل المقدس وتناول الطعام مع الرهبان وحتى المبيت في أحد الأديرة. وتتمكن النساء من التمتع بمناظر الجبل المقدس من مسافة بعيدة، خلال جولات القوارب.

ويحاول الرهبان التقرب إلى الله من خلال التزامهم بالابتعاد عن النساء، وممارسة حياة العزوبية بشكل صارم (العيش مدى الحياة دون ممارسة الجنس)، كما يرتدون أردية سوداء طويلة للدلالة على "الموت" والانعزال عن العالم الخارجي. ويقضي رهبان الجبل المقدس يومهم بين الصلاة والتأمل في صمت، حيث يتوجهون للصلاة المنفردة بعد ساعات الخدمة الإلزامية في الأديرة (8 ساعات يوميا).

ويرى الرهبان أن منع النساء من دخول الجبل يجعل العبادة أسهل، حيث يعتقدون أنهن يمكنهن تغيير مجتمعهم الروحي جذريا.

وتعد "مريم العذراء" هي الوحيدة التي يتقبل الرهبان تأثيرها في حياتهم، حيث تناولت أسطورة قديمة العاصفة القوية التي دفعت سفينة كانت بها مريم بالقرب من جبل آثوس، وبعد وصولها إلى الشاطئ بدأت "والدة المسيح" تعليم الدين لسكان شبه الجزيرة، وبعد عدة سنوات، واصل الرهبان رسالة مريم في التبشير بالدين وكرسوا حياتهم لهذا الهدف. وقد يكون سبب عدم سماح الرهبان للنساء بدخول الجبل هو أن أحدا منهن لا يرتفع لقدر "سيدة الملائكة". وتعتبر صورة "العذراء" الوجه النسائي الوحيد في آثوس.

وكان الإمبراطور البيزنطي قسطنطين مونوماكس قد أصدر في عام 1046، مرسوما بمنع دخول النساء إلى المنطقة المقدسة. ومع ارتفاع الأصوات المنادية بالمساواة بين الجنسين واحتدام الخلاف حول هذا التقليد، وإصرار عدد من الراهبات والمؤمنات على حقهن لاهوتيا وسياسيا في المشاركة في موسم قطف فاكهة الجبل المقدس، أدان البرلمان الأوروبي عام 2003 في إحدى جلساته "المنع" ووصفه بالانتهاك للمساواة بين الجنسين وحرية المواطنين.

قالت انا كارامانو، العضوة في جماعة "حق النساء في زيارة آثوس" عبر حسابها على موقع فيسبوك، إن الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية ما زالت ترفض الاعتراف بحق المساواة بين الجنسين، وإن النساء يستحقن الاحترام والمساواة. إلا أن رهبان الجبل المقدس أكدوا على أن "المنع" قضية ترتبط بالعبادة والإيمان وليست هناك علاقة بين هذا القرار ومسألة المساواة.

وبرغم منع النساء الصارم، فقد أوى الجبل لاجئين بمن فيهم نساء أثناء الحروب وانتشار الأوبئة، كما زارت الأميرة الصربية مارا برانكوفيتش بعض أديرة آثوس بعد حصولها على أذن مسبق. وتعرضت مؤخرا الفيلسوفة الفرنسية ماريس تشويسي (خضعت لجراحة لاستئصال ثديين) للطرد من الجبل المقدس بعد محاولتها التنكر في هيئة رجل.