الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط أ أ أ |
الحلم الصيني يحتاج إلى دعم وتعاون الدول العربية (خاص)
26 سبتمبر 2013 / شبكة الصين / قمت بزيارة إلى الدول العربية قبل فترة قصيرة، وتحدثت مع الزعماء العرب والأصدقاء من الأوساط المختلفة عن "الحلم الصيني"، وهو حلم أجيال من الصينيين لتحقيق التنمية الوطنية ونهوض الأمة وسعادة الشعب. أكدت أننا لا نستطيع أن نحقق الحلم الصيني إلا عن طريق التمسك بسياسة الانفتاح والإصلاح وتوسيع التعاون مع الدول الأخرى في العالم. إن الحلم الصيني هو حلم السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك، ويحتاج إلى تأييد ودعم دول الشرق الأوسط، خاصة الدول العربية. وفي الوقت نفسه، فإن مسيرة تحقيق الحلم الصيني تتكامل مع جهود الدول العربية لتحقيق السلام والتنمية، فيمكن للطرفين أن يتقدما يداً بيد. وقد أعرب أحد الزعماء العرب عن ثقته بتحقيق الحلم الصيني، وقال إن رأيه مبني على ملاحظته لمدة طويلة وخبرة تعامله مع الزعماء الصينيين. وضع هذا الزعيم خطط تنمية وطنه على المدى المتوسط والطويل، وأعرب عن ثقته بأن تحقيق الحلم الصيني يدفع تنمية الدول العربية. لا شك أن رأي هذا الزعيم ليس صورة حقيقية للعلاقات الصينية- العربية فحسب، بل هو توقع مناسب لمستقبل التعاون بين الصين والدول العربية.
من أجل تحقيق الحلم الصيني، جرب الشعب الصيني المراحل التاريخية المختلفة: الكفاح من أجل استقلال الأمة الصينية، والدفاع عن سيادة الوطن، وتنمية الاقتصاد، واستكشاف طريق التنمية المناسب لأحوال الصين. وفي كل مرحلة، حظيت الصين بتعاطف وتأييد الدول العربية، التي نقول دائما إنها دول صديقة حميمة وشريكة للصين. للصين ومصر ودول الشرق الأوسط الأخرى تجارب تاريخية متشابهة، فقد حصلت على الاستقلال السياسي بعد الحرب العالمية الثانية، وتتمسك بسياسة خارجية سلمية مستقلة، وتحترم حق الشعوب في تقرير مصيرها، وتحافظ على السلام العالمي بشكل إيجابي، وتلعب دورا فريدا في النظام الاقتصادي العالمي والنظام السياسي العالمي. ولا شك أن العلاقة بين الصين ودول الشرق الأوسط هي واحدة من أهم العلاقات الخارجية للصين، وقد كانت، ومازالت، العلاقات الصينية- العربية -أساسا هاما بالنسبة للدبلوماسية الصينية.
في منتصف القرن الماضي، شهدت حركة التحرر الوطني مدا عاليا في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وساعد شعوب القارات الثلاث بعضهم بعضا لتحقيق حلم التحرر الوطني. وقفت الصين بجانب تلك الشعوب بعد تحقيق الاستقلال والتحرر، ودعمت نضالها العادل، الأمر الذي ساعدها في كسب صداقة الدول العربية أيضا. وأقامت الدول العربية العلاقة الدبلوماسية الرسمية مع الصين الواحدة تلو الأخرى، وأيدت الصين في استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة. وفي عملية الكفاح من أجل الاستقلال الوطني، أصبح التعاون الصيني- العربي قوة أساسية في معارضة الاستعمار ونزعة الهيمنة وسياسات القوة، مما دفع تقدم العالم.
بعد انتهاء الحرب الباردة في نهاية القرن الماضي، تغير النظام العالم تغيرا كبيرا، وبرزت التعددية القطبية، إلى جانب تطور عولمة الاقتصاد العميق. صارت كل دولة تهتم بقوتها الشاملة، وتشابك التنافس والتعاون، وبرزت قضايا التنمية. في هذه المرحلة، تتمتع الصين والدول العربية بمصالح متماثلة. ويعتبر كل من الشعبين الصيني والعربي السعي لتحقيق التنمية الاقتصادية وتقدم المجتمع ورخاء المواطنين من أهم أهدافهما، ويتخذان السعي لتحقيق السلام والتنمية أساسا لسياساتهما، ويدعمان بعضهما بعضا في عملية العولمة، فتتطور علاقة التعاون بين الطرفين بشكل سريع.
منذ بداية القرن الحادي والعشرين، يتغير الوضع الدولي بصورة متواصلة. وقد أتت أحداث الحادي عشر من سبتمبر وعولمة الاقتصاد بتحديات وفرص جديدة للصين والدول العربية. في ظل الوضع الدولي المعقد، يحول الطرفان التحديات إلى الفرص، وتم تعزيز التعاون في مجالات السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة والتبادلات الإنسانية. وقد أدى إنشاء منتدى التعاون الصيني- العربي في عام 2004، إلى رفع مستوى علاقة التعاون الصيني- العربي، فأصبح الاحترام المتبادل والتعامل على قدم المساواة والتعاون المتبادل المنفعة والتنمية المشتركة الخط الرئيسي للعلاقات الصينية- العربية.
منذ عامين، تشهد الدول العربية مطالب بالإصلاح. وفي المرحلة التاريخية الجديدة التي يبذل فيها الصينيون جهودهم لتحقيق الحلم الصيني، تسعى دول في الشرق الأوسط مثل مصر إلى إعادة تشكيل أنظمتها، يبرز مفهوم استراتيجي جديد في العلاقة الودية للتعاون الصيني العربي، فقد أصبح السلام والتنمية والتعاون والمنفعة المتبادلة أكبر حلم ومطلب للطرفين. رغم تغير الأوضاع السياسية في بعض الدول العربية، لا تتغير صداقة الشعب الصيني للشعب العربي. وفيما يتعلق بتغيرات شؤون وأوضاع منطقة الشرق الأوسط، تعبر الصين بوضوح عن موقفها على أساس مفاهيمها الدبلوماسية وصداقتها الودية للشعب العربي: أولا، أن الصين تتفهم وتحترم رغبة الشعب في الإصلاح. ثانيا، أن الصين تدعم حق كل دولة في اختيار طريق تنميتها بنفسها، وتدعو إلى تحقيق تطلعات الشعوب عبر السبل السلمية، وتعارض التدخل في الشؤون الداخلية. ثالثا، أن الصين تؤكد على أهمية حل القضايا الإقليمية بشكل شامل، وتواصل متابعة القضايا الإقليمية الساخنة، وتدفع معالجة القضايا الساخنة في منطقة الشرق الأوسط عن طريق السبل السياسية، وتخلق بيئة جيدة لدفع تطور الوضع الإقليمي وتحقيق سلام الشرق الأوسط. رابعا، أن الصين تقدم الدعم الاقتصادي والفني والإنساني إلى الدول التي تشهد تحولات، وتحافظ على التعامل مع هذه الدول في المجالات المختلفة وعلى مستويات متعددة، وتهتم بالتبادلات الإنسانية والدبلوماسية العامة.
برغم الأزمة المالية العالمية، حقق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية نتائج مثمرة في عام 2012، حيث بلغ حجم التبادل التجاري 3ر222 مليار دولار أمريكي (الدولار الأمريكي يساوي 2ر6 يوانات) بزيادة %5ر13 مقارنةُ مع ما كان في السنة السابقة. ووصل حجم المشروعات التي تقاولها الصين في الدول العربية إلى 35ر19 مليار دولار أمريكي، أي 6ر16% من المشروعات التي تقاولها الصين في الخارج. وبلغ حجم العقود الجديدة 94ر19 مليار دولار أمريكي، تشكل 7ر12% من إجمالي حجم العقود الجديدة للصين. إلى جانب ذلك، يتطور التعاون بين الطرفين بشكل متواصل في مجالات االمال والاستثمار وإنشاء المنشآت التحتية وغيرها. وفي نفس الوقت، نلاحظ أن إمكانيات التعاون الصيني- العربي ما زالت كبيرة. مثلا، يشكل حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية %75ر5 من إجمالي حجم التجارة الخارجية الصينية فقط، كما أن حجم الاستثمارات الصينية المباشرة في الدول العربية بلغ مليارا وثلاثمائة وتسعين مليون دولار أمريكي فقط في عام 2012، ولكنه زاد بنسبة 120% مقارنة مع السنة السابقة، ومع ذلك فإنه يمثل 8ر1% فقط من إجمالي حجم الاستثمارات الصينية المباشرة الخارجية في عام 2012. خلال السنوات الخمس القادمة، من المتوقع أن يصل حجم واردات الصين إلى عشرة تريلينات دولار أمريكي، وأن تصل الاستثمارات الصينية المباشرة إلى خمسمائة مليار دولار أمريكي. إن استكشاف إمكانيات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية له مغزى هام من حيث المنفعة المتبادلة وتسريع تحويل نمط التنمية وتوسيع فرص العمل. لا شك أن العالم العربي هو قوة حافزة لتحقيق الحلم الصيني.
يرتبط الحلم الصيني بالحلم العربي، ولهما أساس ثابت. في المرحلة الجديدة التي تعمل الصين على تحقيق الحلم الصيني وتبذل مصر وغيرها من دول الشرق الأوسط جهودها في تحقق التحول، ستفتح الصين والدول العربية صفحة جديدة لتحقيق نهوض الأمتين العظيمتين وتطوير العلاقات بينهما. على الصين والدول العربية تعزيز الثقة المتبادلة السياسية وتوطيد الأساس السياسي بصورة متواصلة، ودفع التعاون العملي، على أساس مبادئ المزايا التكاملية والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، وتوثيق التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والمنشآت التحتية والطاقات وغيرها، وتبادل خطط التنمية على المدى الطويل والمتوسط وخبرات إدارة الدولة، لتقديم القوة المحركة لتطور العلاقة الثنائية. إلى جانب ذلك، على الطرفين الاهتمام بتعزيز التبادلات الإنسانية لتعميق التفاهم بينهما. في المستقبل، على الصين ومصر وغيرها من دول الشرق الأوسط أن تغتنم الفرص وتعمق التعاون وتنسق في القضايا الاستراتيجية المتعلقة بحماية السلام ودفع التنمية لدفع العلاقات الثنائية الودية إلى مرحلة جديدة. يرتبط الحلم الصيني بحلم الشعب العربي والعالمي لتحقيق السلام والتنمية، فهو حلم لا يحقق السعادة للشعب الصيني فحسب، وإنما أيضا يأتي بالتقدم للعالم كله.
* وو سي كه: المبعوث الصيني الخاص لقضية الشرق الأوسط
انقلها الى... : |
تعليق |
مجموع التعليقات : 0 |