الصفحة الأولى | اطبع | أرسل لصديق | أضف إلى المفضلة | اتصل بنا | حجم الخط    أ أ أ

عيد الربيع احتفاء بإرث صيني عريق (خاص)

arabic.china.org.cn / 09:47:18 2012-01-29



بقلم: يحيي مصطفى *

29 يناير 2012 / شبكة الصين / غمرت العاصمة الصينية بكين خلال الأسبوع المنصرم أجواء عيد الربيع التقليدي البهيجة الذي أعلن ميلاد عام التنين وهو عام يطل كل 12 عاماً مرة وفقاً للتقويم القمري الصيني المكون من 12 عاماً تحمل أسماء 12 حيواناً يرمز كل واحد منها إلي مدلولات ومعانٍ تتعلق بالعديد من القصص والأساطير وفقاً للثقافية الصينية التقليدية وقد ظل الصينيون يحافظون على أرث الاحتفال بحلول الأعوام القمرية على مدى تاريخ حضارتهم الذي أمتد لأكثر من 5 آلاف عام ويعتبر عيد الربيع من حيث الأهمية لدى الصينيين معادلاً لعيد الميلاد (الكريسماس) في الغرب.

وسعدتُ مع غيري من الأجانب الذين يقيمون ويعملون في الصين بمشاركة الأصدقاء الصينيين أفراحهم بهذه المناسبة السعيدة التي تتجلى في كل تفاصيل ومحطات احتفائهم بها عراقة ثقافة أبناء هذه الأمة الصاعدة بقوة دون هيمنة باعتبارها دولة نامية رائدة ومحبة للسلام تَنشدُ التعايشَ السلمي وتسعي بين العالم مُبشرِةً ومُشجِعةً على تبادل المنافع والفوز المشترك ما أكسبها حب شعوب العديد من الدول النامية.



وكانت قد بدأت احتفالاتنا بحلول رأس السنة الجديدة مبكراً بحضور حفل عامر نظمته مؤسستنا الأم مجموعة النشر الدولي الصينية شاركت فيه قيادة المؤسسة وجميع العاملين في الوحدات التابعة لها ومن بينها شبكة الصين وأمضينا وقتاً ممتعاً تخللته فقرات فنية قدمت من بعض العاملين في جو أسري مفعم بالود والمحبة. وكان لي شرف حضور حفل ثانٍ نظمته شبكة الصين وكعادة الصينيين في مثل هذا اليوم شهد الحفل توزيع جوائز قيمة للفائزين وتكريم العاملين النموذجين في لَمسة تعكس اهتمام الإدارة والقيادة بالعاملين في الشبكة وجعلها مناسبةً لتقويم الأداء والتحفيز استعداداً للانطلاق بعزمٍ راسخٍ وهِمةٍ مُتقِدةٍ نحو العمل الدؤوب في العام الجديد.

وفي عشية عيد الربيع خفت الحركة في شوارع العاصمة والتزم الجميع ديارهم ليلتئم شمل الأسر على مائدة عشاء العيد وظل دوي الألعاب النارية يشق هدوء وسكون ليلة العيد بين حين وآخر في الحي الذي أقيم فيه وأشركتُ أسرتي بالعاصمة السودانية الخرطوم في أجواء العيد عبر اتصال هاتفي وعندما اقتربت عقارب الساعة من الثانية عشر منتصف الليل أضاءت الألعاب النارية سماء العاصمة بكين وهي اللحظة التي يحرص الجميع على الاستمتاع فيها بإشعال الألعاب النارية وخرجتُ حينها لمشاركة سكان الحي الذي أقيم به هذه اللحظات من أفراحهم. ويهدف إشعال الألعاب النارية خلال عيد الربيع إلي إبعاد الشياطين وطلب البركة وفقاً للمعتقدات الصينية القديمة ولكنه تحول في العصر الحديث إلي تعبير عن الفرحة والبهجة بحلول العام الجديد لدى سكان الحضر.



ولن يكتمل المشهد دون زيارة ميدان تيان آن من بوسط العاصمة الصينية لذا حرصتُ على زيارته في اليوم الأول من السنة الجديدة ويعتبر الميدان معلماً وطنياً مهماً حيث شهدت بوابة القصر الإمبراطوري المُطلة عليه إعلان الزعيم الراحل ماو تسي تونغ ميلاد الصين الجديدة في الأول من أكتوبر عام 1949 ويرتاده عادةً في مثل هذا اليوم الصينيون القادمون من المقاطعات والمدن والأرياف حول بكين وعدد من السياح الأجانب وقد أتاحت لي زيارةُ الميدان في مثل هذا اليوم رؤية تقدير الصينيين لرموزهم الوطنية وفخرهم واعتزازهم بها وسعادتهم البالغة بالنهضة التي شهدتها بلادهم بعد أكثر من ثلاثين عاماً من الإصلاح والانفتاح حيث يلمس الزائر ذلك بوضوح على وجوه الصينيين وحرصهم على تخليد ذكرى زيارتهم للموقع بالصور التذكارية.

وتشبه أجواء عيد الربيع بالصين نسبياً ما يسود البلاد العربية من بهجة وسرور بحلول عيدي الأضحى والفطر ورغم أنهما عيدان دينيان إلي أن مظاهر الاستعداد لهما وعيد الربيع لدى الأسر الصينية يجمع بينها الكثير خاصة فيما يتعلق بتنظيف وترتيب المنازل وإسعاد الأطفال في هذه المناسبة ومنحهم الهدايا وشراء الجديد لهم من الملابس واللعب وتبادل الزيارات والتهاني والهدايا بين الأهل والأصدقاء.

وكان لا بد لنا من جولة في عدد من مهرجانات المعابد بالعاصمة بكين التي تتوافد إليها الأسر الصينية على مدى أيام عطلة العيد حيث تعبق الأجواء هناك بنكهة العيد وتمتزج أساليب الاحتفال القديمة بالحديثة وتستمع الأسر خاصة الأطفال بالألعاب والمأكولات الطازجة وتزاوج هذه المهرجانات بين الترفية والتسوق.



وأظهرت البرامج التلفزيونية والإذاعية التي بثتها وسائل الإعلام الصينية خلال عطلة عيد الربيع اعتزاز الشعب الصيني بتراثه وتنوعه الثقافي والعرقي وقدرته على إدارة هذا التنوع وجعله مصدر قوة وتناغم اجتماعي يعكس التضامن والوحدة بين المجموعات العرقية المختلفة في البلاد. ويلحظ المراقب بوضوح أن عيد الربيع التقليدي تحتفل به جميع القوميات الصينية وليس حكراً على قومية الأغلبية "الهان" ولكن كل قومية تضفي بدورها على احتفالاتها به عناصر من موروثها وتقاليدها المحلية مما يشير إلي الانصهار والتمازج الذي حدث عبر قرون بين مكونات نسيج الأمة الصينية.

ويكتسب هذا العام في التقويم القمري أهمية خاصة لأن التنين في الحضارة الصينية له صورة مختلفة تماماً عما في الحضارات الأخرى من حيث الشكل والرمز، فهو في الحضارة الصينية طويل وله العديد من الأرجل، وأجنحته صغيرة، ويجسد حسن الحظ ويمثل أمل الناس في الطقس الملائم ويرمز إلى القوة والحكمة والكرامة. ويشير التنين بالمخالب الخمسة مع طائر العنقاء دوماً إلى أباطرة الصين وإذا ساعدك الحظ عزيزي القارئ وذهبت إلى الصين لحضور أحد الاحتفالات الصينية ستجد بعض الشباب يتحركون مرتدين زياً على هيئة التنين في براعة وبشكل يُشعرك وكأنه تنين حقيقي بالفعل.

ويتفاءل الصينيون كثيراً بعام التنين للدلالات والمعاني السالفة الذكر لذا خطط كثير من الشباب والشابات أن يتم عقد قرانهم في هذا العام وكذلك كثير من الأزواج أن ينجبوا في هذا العام لتكون هذه الزيجات وهؤلاء المواليد الجدد من أصحاب الحظ السعيد والنجاح في الحياة.

* صحافي من أسرة «الشبكة»




-مضامين جديدة تشهدها الاحتفالات بعيد الربيع الصيني (خاص)

تعليق
مجموع التعليقات : 0
مجهول الاسم :